أم شريك: الاسم والنسب
أُمُّ شريك هي بنت جابر الغفاريَّة الأنصاريَّة. وقد أُشير إلى أنها قد تكون أيضاً بنت أنس بن رافع بن امرئ القيس بن زيد من بني عبد الأشهل الأنصاريَّة، أو بنت خالد بن لوذان بن عبد ودِّ بن زيد بن ثعلبة من الأنصار، وهناك من قال إنها بنت أبي العسكر بن تيمي. كما قيل أيضاً إنها أُمُّ شريك القُرشيَّة. وبحسب ما ذكره ابن حجر، فإن أم شريك الأنصاريَّة أو القُرشيَّة تعود في أصلها إلى أصول مختلطة بين قريش والأنصار، أو حتى قبيلة الأزد من بني دوس، ومع ذلك يبقى محور الروايات الثلاث أنها على صلة بقريش ثم تزوجت من دوس أو أحد الأنصار، مما يفسر هذا الاختلاف في نسبها.
يقال إن اسمها غَزِيَّةُ بنتُ جابر بن حكيم، وذكر محمد بن عمر أنها تنتمي إلى بني مَعيص بن عامر بن لؤي. وكذلك، أشير إلى أنها من الأزد من قبيلة دوس. وفي رواية موسى التيمي عن والده، ذُكر أنها من بني عامر بن لؤي، بينما بعض الروايات تشير إلى اسمها غُزَيْلَةُ بنتُ جابر. أما الصواب، فتبيّن أنه عزيلة، وقد روت عنها مجموعة من الصحابة والتبَعين، مثل جابر بن عبد الله وابن المُسيب.
زواج الرسول بأم شريك
ورد عن قتادة أن النبي محمد -عليه الصلاة والسلام- تزوج امرأةً من بني النجار، وهي أم شريك، حيث عبر عن ميوله للزواج من الأنصار، لكنه أبدى عدم رغبته في الدخول بها بسبب غيرتهن، وعُلم أنها وهبت نفسها للنبي لكنها طلبت الطلاق قبل الدخول، أو أنه لم يقبلها كزوجة، واستمرت بدون زواج حتى وفاتها. وفي رواية وكيع، ذُكر أن العديد من النساء قد وُهبت أنفسهن للرسول -صلى الله عليه وسلم- فدخل ببعضهنّ ونفى بعضهنّ، وذلك في إطار قوله -تعالى-: (تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَن تَشَاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكَ) وكانت أم شريك من تلك اللواتي أُرجئن.
قصة شربها ماء السماء
ذكر عكرمة عند تفسيره للآية: (وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرَادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَهَا خَالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ) أن أم شريك من بني دوس؛ حيث هاجر زوجها أبو العَكر مع أبي هُريرة إلى المدينة، وعندما علم أهل زوجها بإسلامها، قاموا بمعاقبتها عن طريق تعذيبها. وأبقوها لأيام في حر الشمس حتى ذهبت عقلها، وعرضوا عليها العفو في حال رجوعها عن إسلامها، لكنها ثبتت وأشارت بإصبعها إلى السماء. وقد ذكرت أنها وجدت دلواً من الماء على صدرها، فشربت منه ثلاث مرات حتى ارتوت، وعندما رآها أهل زوجها بعدها، أسلموا جميعاً وهاجروا إلى النبي.
روايات متعددة عن شرب أم شريك ماء السماء
وأيضًا، يذكر ابن عباس -رضي الله عنه- أنها أسلمت في مكة وكانت متزوجة من أبي العسكر، وكانت تدعو نساء قريش إلى الإسلام سرا. وعند اكتشافهم لذلك، قاموا بتعذيبها وأرادوا إعادتها إلى قومها. ووفقًا لابن إسحاق، كانت تسافر ولم تجد ماءً عند رجل يهودي، ففضلت الموت على الكفر. واستجابة لدعائها، نزل إليها دلوٌ من السماء، فتناولته وشربت منه. لكن هذه القصة لا توجد كثيراً في كتب العلماء والمحدثين الآخرين.
كانت أم شريك غنية وكريمة، وكانت تجذب الضيوف، ومن الأحاديث التي روتها كانت عن قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة. وقد أشار ابن إسحاق أن أم شريك أسلمت خلال شهر رمضان، وعندما أرادت الهجرة إلى النبي، وجدت واحدًا من اليهود الذي أخذها برفقة زوجته، ولكنهم قرروا ألا يطعموها أو يسقوها وهي صائمة. ومع حلول الليل، نزل إليها دلو من الماء فشربت، وعندما سمع اليهودي صوت الماء خرج إليها.