الصور البلاغية في معلقة امرئ القيس
تتميز مُعلقة امرئ القيس بتنوعها الغني بالصور البلاغية، حيث تحتوي على مجموعة من المفاهيم التي تتعلق بعلم البلاغة، ومن أبرزها علم البيان، وعلم البديع، وعلم المعاني. وفيما يلي مجموعة من أبرز الصور البلاغية المستخدمة في هذه المعلقة:
مصطلحات علم البيان
يتضمن علم البيان ثلاثة محاور رئيسية هي: التشبيه، والاستعارة، والمجاز، بالإضافة إلى الكناية. وسنستعرض بعض الأمثلة على هذه الصور البلاغية في مُعلقة امرئ القيس:
التشبيه والاستعارة
استخدم الشاعر أساليب التشبيه المتعددة في مُعلقته، من بينها تشبيهه للليل الذي يغمر الشاعر بالهموم كالأمواج التي تغطي سطح البحر. ويعكس هذا التشبيه حالة الشاعر النفسية المضطربة، حيث يقول:
وليل كموج البحر أرخى سدولهُ
عليَّ بأنواع الهموم ليبتلي
أما بالنسبة للاستعارة، فمن أبرز الأمثلة الشطر الأول من البيت التالي، حيث يربط الشاعر بين “السفح” و”الدمع”، على الرغم من أن الأخير لا يظهر إلا مع الدم:
وَإِنَّ شِفَائِيْ عَبْرَةٌ مَهَراقَةٌ
فهَلْ عِنْدَ رَسْمٍ دَارِسٍ مِنْ مُعَوَّلِ
المجاز
يمكن تقسيم المجاز إلى نوعين: المجاز المرسل والمجاز العقلي. ومن الأمثلة على كلا النوعين ما يلي:
- المجاز المرسل: في قول امرئ القيس:
وباتَ عَلَيْهِ سَرْجُهُ وَلجامُهُ
وباتَ بعيني قائمًا غير مرسل
- المجاز العقلي: في قول امرئ القيس:
فَلَمَّا أَجَزْنَا سَاحَةَ الحَيِّ وَانْتَحَى
بِنَا بَطْنُ حِقْفٍ ذِيْ رُكَامٍ عَقَنْقَلِ
الكناية
اعتمد الشاعر على أسلوب الكناية في البيت التالي:
وَتُضْحِيْ فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا
نَؤُوْمُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضّلِ
مصطلحات علم المعاني
تحتوي مُعلقة امرئ القيس على العديد من الصور البلاغية التي تتعلق بعلم المعاني، مثل: التقديم والتأخير، والنداء، والأمر، والاستفهام بـ(هل)، والاستفهام بالهمزة مع الفعل، والنفي. وفيما يلي أمثلة لبعض هذه الصور:
- التقديم والتأخير:
وقد تم تقديم الخبر “لك” قبل المبتدأ “الويلات” في البيت التالي:
وَيَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ
فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي
- الأمر:
ومن الأمثلة على ذلك قول الشاعر:
ألا أيّها اللّيلُ الطّويلُ ألا انْجَلي
بصُبْحٍ وما الإصْباحَ فيك بأمثَلِ
- الاستفهام بالهمزة مع الفعل:
كما في قوله:
أَغَرَّكِ مِنِّيْ أَنَّ حُبَّكِ قَاتِلِي
وَأَنَّكِ مَهْمَا تَأْمُرِي القَلْبَ يَفْعَلِ
مصطلحات علم البديع
وظّف الشاعر ثلاث صور بلاغية من مصطلحات علم البديع، وهي: الإرداف، والتتبيع، والتكرار. وفيما يلي تفصيل هذه الصور:
- الإرداف:
حيث يقوم الشاعر باستخدام لفظ تابع للفظ الذي يود توضيح معناه، كما في قوله:
وَتُضْحِيْ فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا
نَؤُوْمُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضّلِ
- التتبيع:
ويعبر عن استخدام ما يتبعه في الصفة بدلاً من الشيء نفسه، كما في البيت التالي:
وَتُضْحِيْ فَتِيْتُ المِسْكِ فَوْقَ فِرَاشِهَا
نَؤُوْمُ الضُّحَى لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضّلِ
في هذا البيت، استخدم الشاعر ثلاث تتبيعات لوصفها بالعفة والشرف ونعمة الرفاهية، وهي:
- التتبيع الأول في قوله: (وَتُضْحِيْ فَتِيْتُ المِسْكِ).
- التتبيع الثاني في قوله: (نَؤُوْمُ الضُّحَى).
- التتبيع الثالث في قوله: (لم تَنْتَطِقْ عَنْ تَفَضّلِ).
- التكرار:
حيث تكررت الكلمات مثل (الخدر) و(قالت) و(تقول)، كما يظهر في قول أبي نواس:
وَيَوْمَ دَخَلْتُ الخِدْرَ خِدْرَ عُنَيْزَةٍ
فَقَالَتْ لَكَ الوَيْلاتُ إِنَّكَ مُرْجِلِي
تَقُولُ وَقَدْ مَالَ الغَبِيْطُ بِنَا مَعًا
عَقَرْتَ بَعِيْرِيْ يَا امْرَأَ القَيْسِ فَانْزِلِ