هل الزواج نصيب أم اختيار؟
تتباين آراء العلماء حول ما إذا كان الزواج نصيبًا محضًا أو خيارًا شخصيًا. وقد يعاني كثير من الناس من الحيرة عند محاولة فهم ما إذا كانت قراراتهم بشأن الزواج صحيحة، أم أنها مقدرة من الله -تعالى-. وقد ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قوله: “تُنْكَحُ المَرْأَةُ لأرْبَعٍ: لِمالِها، ولِحَسَبِها، وجَمالِها، ولِدِينِها، فاظْفَرْ بذاتِ الدِّينِ، تَرِبَتْ يَداكَ”.
كما قال أيضًا -صلى الله عليه وسلم-: “إذا أتاكُمْ مَنْ ترضونَ خُلُقَهُ ودينَهُ فزوِّجُوهُ، إنْ لا تفعلُوا تكُنْ فتنةٌ في الأرضِ وفسادٌ عريضٌ”، وهو توجيهٌ من النبي -عليه الصلاة والسلام- للشباب والفتيات قبل الزواج، urging them to choose wisely.
ينبغي على الشاب أن يأخذ بالأسباب المناسبة قبل اتخاذ القرار، مثل النظر إلى ملامح الفتاة، مما قد يسهم في التقارب بينهما. وبالمثل، يجب على الفتاة الاستفسار عن أخلاق الشاب وظروفه. كما يُنصح بعدم إجبار الفتاة على الزواج، ويجب على أهلها أن يستشيروا رأيها، فكما قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: “الأيِّمُ أحقُّ بنفسِها مِن وليِّها، واليتيمةُ تُستأمَرُ وإذنُها صماتُها”.
إذا تم الزواج في ظروف مواتية، فإن ذلك يكون في علم الله -تعالى- المسبق، وقد بذل الشاب والفتاة الأسباب المناسبة، وتمنى أن يوفق الله بينهما. أما إذا كان الوضع بعكس ذلك، فيكون أيضًا قسمتهم ونصيبهم، ولا ينبغي لهم لوم أنفسهم، إذ أن الأمر وقع دون حول لهم أو قوة.
هل الإنسان مسير أم مخير؟
خلق الله -تعالى- الإنسان وعلم ما سيكون له من خير أو شر، وجعل له أمورًا مقدرة لا يستطيع تغييرها. لذا، فإن الإنسان مسير في بعض الأمور بينما هو مخير في أمور أخرى، مثل الأفعال التي يُكلف بفعلها أو تركها بحرية وإرادة. ومع ذلك، فإن الأمور الخارجة عن إرادته، مثل مكان ولادته وأصل عائلته، فهي أمور مُقدرة لا دخل له فيها.
وفي هذا الصدد، قال الله -تعالى-: “كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ”، مما يعني أن الأفعال التي تندرج تحت اختيارات الفرد يكون محاسبًا عليها، سواء في اختيار الطريق الصحيح أو الطريق الخاطئ. لكن الأمور التي لا يتحكم بها، كالأصل العائلي أو اللون، فهي مقدرة ولا علاقة لإرادته بها.
أسس الاختيار الناجح في الزواج
يتطلب اختيار الزوج أو الزوجة اتباع أسس ومعايير محددة لضمان حياة زوجية مليئة بالتفاهم. من بين هذه الأسس:
- اختيار الشاب لفتيات صالحات، حتى وإن كن فقيرات.
- اختيار الفتاة للشباب الصالحين، إذ أن عدم التمسك بهذه القيم قد يؤدي إلى فساد كبير في المجتمع.
- تحظر زواج الأقارب، حيث حدد الله -تعالى- الفئات المحرمة بوضوح في القرآن الكريم، كما في قوله: “حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ…” إلى آخر الآية الكريمة.
- ضرورة أن تكون تكاليف الزواج معقولة وغير مُبالغ فيها، لكل من الشاب والفتاة.