الرابطة بين الإيمان بالله واعتقاد الحياة بعد الموت

ارتباط الإيمان بالله بالإيمان باليوم الآخر

يظهر في القرآن الكريم تكرار اقتران الإيمان بالله واليوم الآخر، مما يُدلل على العلاقة العميقة بين هذين المفهومين. فيما يلي توضيح لهذه العلاقة:

الإيمان بالله يتطلب الإيمان باليوم الآخر

يقتضي الإيمان بالله -عز وجل- ضرورة الإيمان باليوم الآخر. فالإيمان السليم بالله يتضمن الاعتراف بكماله وقدسيته، فالله سبحانه وتعالى ليس فيه أي نقص أو عيب. ومن كماله أنه لا يخلق الخلق عبثاً، حيث يُنتهي كل شيء بوفاتهم. جاء في قوله -تعالى-: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ* فَتَعَالَى اللَّـهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَـهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ).

إذا كان الإنسان يؤمن بكمال الله، فإن إيمانه بالبعث بعد الموت يُصبح من الأمور الملزمة لذلك، فهو انعكاس لصحة إيمانه بكمال الله -سبحانه- وبعده عن العبثية والنقص. لذلك، من لا يؤمن باليوم الآخر لا يمكن اعتباره مؤمناً بكمال الله -عز وجل-.

الإيمان باليوم الآخر من أسس الإيمان بعدل الله

خلق الله العباد وكلفهم بالعدل وجعل واجباً عليهم اجتناب الظلم والاعتداء، وقد ربط ذلك بالثواب والعقاب. يقول -تعالى-: (إِنَّ اللَّـهَ لَا يَظْلِمُ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ)، فالعدل الإلهي -سبحانه- لن يتحقق إلا بالحكم بين العباد يوم القيامة. سيبعث الله عباده ليقضى بينهم ويعيد الحقوق إلى المظلومين، بينما ينال الظالمون جزاءهم، فيتحقق بذلك كمال العدل الذي يتميز به الله -عز وجل-.

ثواب الله وعقابه يتم في اليوم الآخر

تتطلب الإيمان بالله -سبحانه- تصديق تكاليفه للعباد، حيث رتب الجزاء على أفعالهم وأقوالهم واعتقاداتهم. لكنّ هذا الجزاء لا يظهر بالكامل في الحياة الدنيا، وإنما يتحقق تمامه في الآخرة إما في الجنة أو النار وفق ميزان العدل: (فَأَمَّا مَن ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ* فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَّاضِيَةٍ* وَأَمَّا مَنْ خَفَّتْ مَوَازِينُهُ* فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ).

إذا كان ايمان المرء بالله -سبحانه- قائمًا على تكاليفه، فإنه يسعى جاهدًا للالتزام بتلك التكاليف ليحقق النجاح في الآخرة. من هنا تتكامل شهادته بالله سبحانه وتعالى، ومن الصفات التي مدحها الله -عز وجل- في المؤمنين أنهم يؤمنون بالغيب، بما في ذلك إيمانهم بالله وباليوم الآخر.

تأسس إيمانهم على النقول والتأمل في عجائب هذا الكون وما يحتويه من آيات تُدلل على الله الخالق -سبحانه-، وقد وُجد هذا الكون ليسَ ليؤول إلى الفناء، إنما ليحكم بين عباده ويوفي كل نفس ما كسبت. لذا، فإن الإيمان بالله واليوم الآخر يُشكلان محور الإيمان بالغيب الذي يشمل كل ما أخبر الله -عز وجل- ورؤساؤه به.

من ينكر اليوم الآخر ينسب النقص إلى الله

إن الله -عز وجل- هو خالق هذا الكون وهو الكامل في أسمائه وصفاته وأفعاله. معظم الأحداث والعلاقات الإنسانية في هذه الحياة تبقى غير محصورة ولا تُحكم، وتظل معلقة حتى تأتي الحياة الأخرى، حيث يكون الجزاء والحكم بالحق. ومن لا يؤمن باليوم الآخر فإنه ينسب الظلم والعبثية إلى الله -عز وجل- ويعتبر أفعاله -سبحانه- خارجة عن الحكمة والعدل والكمال.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *