الأساليب البلاغية المستخدمة في قصيدة الحمى

المحسنات البديعية في قصيدة الحمى

تتضمن قصيدة الحمى للشاعر المتنبي عددًا كبيرًا من المحسنات البديعية، سواء من الناحية اللفظية أو المعنوية. فيما يلي أبرز هذه المحسنات:

المحسنات اللفظية

تشمل المحسنات اللفظية الموجودة في القصيدة ما يلي:

التصريع

ظهر التصريع في البيت الأول، حيث قال المتنبي:

مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ

وَوَقعُ فَعالِهِ فَوقَ الكَلامِ

لاحظ أن التصريع قد وقع بين كلمتي: الملامِ والكلامِ، حيث انتهى الشطران في البيت الأول بحرف الميم المضمومة.

الجناس

يمكن ملاحظة الجناس في بعض الجمل التالية:

  • مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ

وَوَقعُ فَعالِهِ فَوقَ الكَلامِ

وهنا نجد بين الملام والكلام جناسًا ناقصًا.

  • عَجِبتُ لِمَن لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ

وَيَنبو نَبوَةَ القَضِمِ الكَهامِ

قدّ وحد: جناس ناقص أيضًا.

  • قَليلٌ عائِدي سَقِمٌ فُؤادي

كَثيرٌ حاسِدي صَعبٌ مَرامي

عائدي / حاسدي: جناس ناقص.

المحسنات المعنوية

تتضمن القصيدة عددًا من المحسنات المعنوية، ومنها:

الطباق

نعرض لبعض الأمثلة على الطباق في القصيدة:

  • فَإِنّي أَستَريحُ بِذي وَهَذا

وَأَتعَبُ بِالإِناخَةِ وَالمُقامِ

أستريح / أتعب: طباق إيجاب.

  • يُحِبُّ العاقِلونَ عَلى التَصافي

وَحُبُّ الجاهِلينَ عَلى الوَسامِ

العاقلون / الجاهلون: طباق إيجاب.

  • وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئاً

كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَمامِ

نقص / التمام: طباق إيجاب.

  • أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائي

تَخُبُّ بِيَ المَطِيُّ وَلا أَمامي

ورائي / أمامي: طباق إيجاب.

  • قَليلٌ عائِدي سَقِمٌ فُؤادي

كَثيرٌ حاسِدي صَعبٌ مَرامي

قليل / كثير: طباق إيجاب.

  • يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفسي وَعَنها

فَتوسِعُهُ بِأَنواعِ السِقامِ

يضيق / توسع: طباق إيجاب.

المبالغة

ظهرت المبالغة في عدة أبيات من القصيدة، ومنها:

  • وَمَلَّنِيَ الفِراشُ وَكانَ جَنبي

يَمَلُّ لِقاءَهُ في كُلِّ عامِ

يتضمن هذا البيت نوعًا من المبالغة، حيث يُفترض أن الفراش ليس له مشاعر ليملّ.

  • بَذَلتُ لَها المَطارِفَ وَالحَشايا

فَعافَتها وَباتَت في عِظامي

تشير تلك العبارة أيضًا إلى مبالغة، حيث إن عظام الإنسان عادة ليست مكانًا للإقامة.

نص قصيدة الحمى

يقول الشاعر أبو الطيب المتنبي في وصف الحمى:

مَلومُكُما يَجِلُّ عَنِ المَلامِ

وَوَقعُ فَعالِهِ فَوقَ الكَلامِ

ذَراني وَالفَلاةُ بِلا دَليلٍ

وَوَجهي وَالهَجيرَ بِلا لِثامِ

فَإِنّي أَستَريحُ بِذي وَهَذا

وَأَتعَبُ بِالإِناخَةِ وَالمُقامِ

عُيونُ رَواحِلي إِن حُرتُ عَيني

وَكُلُّ بُغامِ رازِحَةٍ بُغامي

فَقَد أَرِدُ المِياهَ بِغَيرِ هادٍ

سِوى عَدّي لَها بَرقَ الغَمامِ

يُذِمُّ لِمُهجَتي رَبّي وَسَيفي

إِذا اِحتاجَ الوَحيدُ إِلى الذِمامِ

وَلا أُمسي لِأَهلِ البُخلِ ضَيفاً

وَلَيسَ قِرىً سِوى مُخِّ النِعامِ

فَلَمّا صارَ وُدُّ الناسِ خِبّاً

جَزَيتُ عَلى اِبتِسامٍ بِاِبتِسامِ

وَصِرتُ أَشُكُّ فيمَن أَصطَفيهِ

لِعِلمي أَنَّهُ بَعضُ الأَنامِ

يُحِبُّ العاقِلونَ عَلى التَصافي

وَحُبُّ الجاهِلينَ عَلى الوَسامِ

وَآنَفُ مِن أَخي لِأَبي وَأُمّي

إِذا ما لَم أَجِدهُ مِنَ الكِرامِ

أَرى الأَجدادَ تَغلِبُها كَثيراً

عَلى الأَولادِ أَخلاقُ اللِئامِ

وَلَستُ بِقانِعٍ مِن كُلِّ فَضلٍ

بِأَن أُعزى إِلى جَدٍّ هُمامِ

عَجِبتُ لِمَن لَهُ قَدٌّ وَحَدٌّ

وَيَنبو نَبوَةَ القَضِمِ الكَهامِ

وَمَن يَجِدُ الطَريقَ إِلى المَعالي

فَلا يَذَرُ المَطِيَّ بِلا سَنامِ

وَلَم أَرَ في عُيوبِ الناسِ شَيئاً

كَنَقصِ القادِرينَ عَلى التَمامِ

أَقَمتُ بِأَرضِ مِصرَ فَلا وَرائي

تَخُبُّ بِيَ المَطِيُّ وَلا أَمامي

وَمَلَّنِيَ الفِراشُ وَكانَ جَنبي

يَمَلُّ لِقاءَهُ في كُلِّ عامِ

قَليلٌ عائِدي سَقِمٌ فُؤادي

كَثيرٌ حاسِدي صَعبٌ مَرامي

عَليلُ الجِسمِ مُمتَنِعُ القِيامِ

شَديدُ السُكرِ مِن غَيرِ المُدامِ

وَزائِرَتي كَأَنَّ بِها حَياءً

فَلَيسَ تَزورُ إِلّا في الظَلامِ

بَذَلتُ لَها المَطارِفَ وَالحَشايا

فَعافَتها وَباتَت في عِظامي

يَضيقُ الجِلدُ عَن نَفَسي وَعَنها

فَتوسِعُهُ بِأَنواعِ السِقامِ

إِذا ما فارَقَتني غَسَّلَتني

كَأَنّا عاكِفانِ عَلى حَرامِ

كَأَنَّ الصُبحَ يَطرُدُها فَتَجري

مَدامِعُها بِأَربَعَةٍ سِجامِ

أُراقِبُ وَقتَها مِن غَيرِ شَوقٍ

مُراقَبَةَ المَشوقِ المُستَهامِ

وَيَصدُقُ وَعدُها وَالصِدقُ شَرٌّ

إِذا أَلقاكَ في الكُرَبِ العِظامِ

أَبِنتَ الدَهرِ عِندي كُلُّ بِنتٍ

فَكَيفَ وَصَلتِ أَنتِ مِنَ الزِحامِ

جَرَحتِ مُجَرَّحاً لَم يَبقَ فيهِ

مَكانٌ لِلسُيوفِ وَلا السِهامِ

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *