قاعدة الأمور بمقاصدها
تنقسم القواعد الفقهية وفقًا لتوافق فقهاء المذاهب إلى نوعين رئيسيين: القواعد الكليّة الكبرى والقواعد الفرعيّة. وقد حصر الكثير من العلماء القواعد الفقهيّة الكليّة في خمسة أقسام أساسيّة، وذلك بسبب شموليتها وعموميتها، حيث يتفرع عن كل قاعدة منها مجموعة من الفروع المختلفة.
تعني قاعدة “الأمور بمقاصدها” أن الأمور ترتبط بالنيّات، والأصل في هذه القاعدة مستمد من حديث نبوي ثابت في الصحيحين عن الرسول صلى الله عليه وسلم الذي قال: (إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى دنيا يصيبها، أو إلى امرأة ينكحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه). ومن هذه القاعدة تشتق مجموعة من الفروع، منها:
- ما لا يُشترط التعرّض له جملة وتفصيلًا.
إذا حدد المسلم ما لا يُشترط ذكره تفصيلاً، فإنه لا شيء عليه إذا أخطأ في ذلك، كما في حالة تحديده للصلاة في مكان أو وقت معين، أو تعيين الإمام الذي سيتبعه، ثم اتضح خلاف ذلك.
- ما يُشترط فيه التعيين.
يكون الخطأ هنا موجباً للبطلان، كما هو الحال مع شخص صلّى العصر وهو ينوي الظهر. وهناك ما يشترط التعرّض له كليًا بدون تفصيل، فإذا أخطأ المسلم في تحديده، فإن ذلك يحبط النية، كما في حالة النية بأداء كفارة الظهار بينما عليه كفارة قتل، فلا تجزئه كفارته.
- ما يُشترط فيه التعرّض للفرضيّة.
ينطبق ذلك على بعض العبادات مثل: الكفارات، والصلاة، والغسل، والزكاة إذا سُمّيت صدقة، ولا يتطلب الأمر تصريحاً بالأداء أو القضاء.
- ما يترتب على الإخلاص في المنوي.
يجب أن تكون النية صادقة لوجه الله تعالى، دون أي شرك. فمثلاً، إذا ذبح شخص الأضحية لله ولغيره، فإن ذلك يحرم الذبيحة. وتشتمل هذه القاعدة على أقسام وتفريعات متعددة.
قاعدة اليقين لا يزول بالشك
تعني قاعدة “اليقين لا يزول بالشك” أنه عندما يتيقن الشخص من وجود شيء ما، فلا يمكن أن يزول هذا اليقين بمجرد حدوث شك. فالشك هو أضعف من اليقين، وفي الفقه، يُعتبر الشك هو التردد بين حالتي الثبوت والعدم. ولها فروع عدة، نذكر منها:
- الأصل بقاء ما كان على ما كان.
- ما ثبت بزمان يُحكم ببقائه إلا إذا وُجد دليل على خلاف ذلك.
- الأصل العدم.
- الأصل براءة الذمّة.
- الحادث يُضاف إلى أقرب وقت له.
- لا تُعقد دلالة الظن إذا كانت هناك تصريحات مضادة.
- السكوت في موضع الحاجة يُعتبر بياناً.
- لا يجب الاعتماد على الظن الذي ثبت خطؤه.
- لا مجال للاعتبار في التخمين.
- الأصل في الصفات الطارئة والعارضة هو العدم.
- إذا شكّ شخص في فعل شيء ما، فالأصل أنه لم يفعله.
- إذا تيقن أنه فعل فعلاً وشك في قليله وكثيره، يعتمد على القليل لأنه هو المتيقن.
- الأصل الإباحة حتى يرد دليل على التحريم، ويتبنى أبو حنيفة العكس.
- الأصل في الأبضاع هو التحريم.
- إذا كان اليقين قد أحاط بالذمة، فلا تُبرأ إلا بيقين.
- لا حجّة مع احتمال ناشئ عن دليل.
قاعدة المشقّة تجلب التيسير
استنادًا إلى قاعدة “المشقّة تجلب التيسير”، قال الله تعالى: (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر). مضمون هذه القاعدة هو أنه عندما تفرض المشقّة، فإنها تجرّ الرّخص بمختلف أنواعها، سواء كانت رخص في العبادات، المعاملات، القصاص، المناكحات، الظهار، أو الأيمان. وتشتمل هذه القاعدة أيضًا على عدد من القواعد الفرعية:
- الأمر إذا ضاق اتسع.
- الضرورات تبيح المحظورات.
- الضرورات تُقيَّد بقدرها.
- يسقط الواجب عند العجز.
- ما يُسهل لا يسقط بالمُعسر.
قاعدة الضرر يزال
الأصل في قاعدة “الضرر يزال” وجود حديث نبوي عن الرسول صلى الله عليه وسلم: (لا ضرر ولا ضرار). ترتكز هذه القاعدة على عدد كبير من الفروع التي تتداخل مع قاعدة “المشقّة تجلب التيسير”، ومن قواعدها الفرعية نذكر:
- تُدفع الضرورة قدر الإمكان.
- لا يزال الضرر بمثله.
- يُتحمل الضرر الخاص لدفع ضرر أعمّ.
- يُراعى اختيار أخف الشرين عند الاعتداء.
- دفع المفاسد أولى من جلب المصالح.
قاعدة العادة محكمة
تعني قاعدة “العادة محكمة” أنه في الأمور المتنازع عليها، تُعتبر العادة مرجعًا عند عدم وجود أدلة واضحة في الشرع. يوضح ذلك أن العرف يُعد عادة، ولكن العكس ليس صحيحًا. من هذه القاعدة تتفرع عدة قواعد:
- استعمال الناس يُعتبر حجة يجب الالتزام بها.
- تُعتبر العادة معتبرة إذا كانت قد انتشرت أو غلبت.
- العبرة تُعطى للغالب لا للنادر.
- العرف الذي يُجسد مفهوماً هو الذي يُقارن مع السابق، لا مع اللاحق.
- يمكن التخلي عن الحقيقة بدلالة العادة.
- الخطاب كالكتاب.
- الإشارة الصامتة تعادل بيان الناطق.
- ما اشتهر عرفًا يُعتبر كسائر الشروط.
- ما يُحدّد بناءً على العرف كالذي يتحدد بناءً على النص.
- ما يُعرف بين التجار يمكن أن يُعتبر كشرط بينهم.
- تغير الأحكام الاجتهادية يُمكن أن يُقبل إذا تغير الزمان.