الصلاة على متن الطائرة
حكم الصلاة في الطائرة
يعتبر أداء الصلاة في الطائرة جائزاً للمسلم في حال كان وقت الصلاة محدوداً ولم يكن هناك إمكانية لأدائها في غير الطائرة. كما يسمح له الصلاة جالساً إذا تعذر عليه القيام، وذلك استناداً إلى صحة الصلاة في السفينة، وهو ما أشار إليه عدة نصوص في السنة النبوية، مثل قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (صلِّ قائمًا إلا أنْ تخافَ الغرقَ). تعتبر الطائرة في هذا السياق مشابهة للسفينة من حيث عدم الثبات على الأرض، وكلاهما في موضع حاجة. لا يوجد فرق بينهما يؤثر في اختلاف الحكم، وبالتالي يتفق الحكم في المسألة الأصلية مع المسألة الفرعية طالما لم يكن هناك فارق مؤثر.
قد أجمع العلماء على ضرورة أداء الصلاة في الطائرة إذا خشي المسلم فوات وقت الصلاة قبل هبوط الطائرة. أما بالنسبة لاستقبال القبلة وأداء الركوع والسجود، فيكون بقدر المستطاع، كما قال -تعالى-: (فَاتَّقُوا اللَّـهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). وإذا كان المسلم متأكداً من هبوط الطائرة قبل فوات الوقت بوقت يكفي لأداء الصلاة، أو كان الصلاة من الصلوات التي يُجمع بينهن، مثل الظهر والعصر أو المغرب والعشاء، فيجوز له أن يؤديهما في الطائرة إذا علم أن الطائرة لن تهبط إلا بعد انقضاء وقت الصلاة الثانية.
كيفية أداء الصلاة في الطائرة
تتم ممارسة الصلاة على متن الطائرة وفقاً للترتيب التالي:
- يجب أولاً أن يتم التطهر بالوضوء في حال توفر الماء، وإذا لم يتوفر، يمكن للمسلم التيمم بالتراب أو ما شابه.
- ثانياً: يستحب استقبال القبلة، ويتم تحديد اتجاه القبلة باستخدام التقنيات الحديثة. إذا انحرفت الطائرة عن القبلة أثناء الصلاة، ينبغي على المسلم أن يبقى مستقبلاً القبلة حسب الإمكانية، وإذا لم يتمكن فلا حرج عليه.
- ثالثاً: يُشترط على المصلّي أداء الصلاة وقائماً قدر الإمكان مع إمكانية أداء الركوع والسجود إذا استطاع، مثلما ورد عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم-. في حال تعذّر القيام بسبب العجز أو عدم وجود مكان مناسب، يمكن أداء الصلاة جلوساً ويُؤدي الركوع والسجود جلوساً أيضاً، بحيث يكون السجود أخفض من الركوع.
- رابعاً: يجوز أداء صلاة النافلة في الطائرة باتجاه سيرها جالساً.
تعريف الصلاة
الصلاة تعدّ واحدة من الأركان الأساسية للإسلام الخمسة، وهي الركن الثاني بعد الشهادتين. تُعتبر عمود الدين، وأول ما يُسأل عنه العبد يوم القيامة؛ إذا صلُحت الصلاة صلُح باقي العمل، وإذا فسدت فسد سائر العمل. لا تسقط الصلاة عن المكلف في أي حال من الأحوال. من الدلائل على أهمية الصلاة أنها كانت من آخر وصايا رسول الله -عليه الصلاة والسلام- قبل وفاته، حيث قالت أم سلمة -رضي الله عنها-: إنّ من آخر وصاياه (الصَّلاةَ وما ملكت أيمانُكم).
تعرف الصلاة في اللغة والاصطلاح كما يلي:
- تعريف الصلاة لغةً: تُستخدم كلمة الصلاة في عدة معانٍ، فتدل على الدعاء كما في قوله -تعالى-: (وَصَلِّ عَلَيْهِمْ)، وتدل أيضاً على الرحمة كما في قوله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ)، وتحمل معنى الثناء، كمثال قوله تعالى: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ).
- تعريف الصلاة اصطلاحاً: هي أقوال وأفعال معيّنة تبدأ بالتكبير وتنتهي بالتسليم مع النية.
أهمية المحافظة على الصلاة
تُعد المحافظة على الصلاة من أهم العوامل التي توصل العبد إلى الطاعة وتبعده عن المعاصي والمنكرات، كما جاء في قوله -تعالى-: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ). إن الخشوع أثناء الصلاة واستحضار العبد وقوفه بين يدي الله -سبحانه- تقيه من الانزلاق في المحرمات. تكمن أهمية المحافظة على الصلاة في عدة جوانب، منها:
- تُعتبر الصلاة أهم ركن في الإسلام بعد الشهادتين، كما أوصى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- معاذ بن جبل -رضي الله عنه- عند إرساله إلى أهل اليمن بأن يكون أول ما يدعوهم إلى توحيد الله، ثم إخبارهم بأن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة.
- أمر الله -تعالى- بوجوب المحافظة عليها في جميع الأحوال، كما يقول: (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ).
- وصية رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لأمته قبل وفاته، حيث ورد عن علي بن أبي طالب أن آخر كلام النبي كان: (الصَّلاةَ وما مَلَكتْ أَيمانُكم).
- هي من شريعة الأنبياء والمرسلين كما جاء في قوله -تعالى-: (وَأَوْحَيْنَا إِلَيْهِمْ فِعْلَ الْخَيْرَاتِ وَإِقَامَ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءَ الزَّكَاة).
- تُعتبر عمود الدين وأساسه الذي لا يقوم إلا به، بحسب قول النبي -عليه الصلاة والسلام-: (رأسُ الأمرِ الإسلامُ، وعَمودُه الصَّلاةُ).
- تعمل الصلاة على تكفير الذنوب والخطايا كما قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (الصَّلَاةُ الخَمْسُ، وَالْجُمْعَةُ إلى الجُمْعَةِ، كَفَّارَةٌ لِما بيْنَهُنَّ، ما لَمْ تُغْشَ الكَبَائِرُ).
- تساهم الصلاة في مرافقة النبي -عليه الصلاة والسلام- في الجنة، كما ذكر ربيعة بن كعب الأسلمي -رضي الله عنه- عندما قال: (كنتُ أَبِيتُ مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأتيتُه بوَضوئِه وحاجتِه، فقال لي: سَلْ، فقلتُ: أسألُكَ مرافقتكَ في الجَنَّةِ، فقال: أوْ غيرَ ذلِكَ؟…
أهمية المحافظة على الصلاة في وقتها
يُستحب للمسلم أداء الصلاة في أول وقتها لإبراء الذمة، فالصلاة تُعتبر حقاً لله في ذمة العبد. يدل على فضل ذلك قول النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عندما سُئل عن أفضل الأعمال، فقال: (الصلاة في أول وقتها). يُظهر ذلك الإقبال على الصلاة والمبادرة نحوها. ويظهر وجوب المحافظة على الصلاة في وقتها في قوله -تعالى-: (إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)، فالصلاة فريضة ترتبط بأوقات محددة.
جمع وقصر الصلاة للمسافر
الجمع بين الصلوات
الجمع بين الصلوات يعني أداء فريضتين في وقت إحداهما، سواء كان ذلك جمع تقديم أو تأخير، مثل جمع الظهر والعصر، أو المغرب والعشاء.
حكم الجمع في السفر
تفق الفقهاء على مشروعية الجمع في موقف عرفات بين صلاتي الظهر والعصر وقت الظهر، وبين صلاتي المغرب والعشاء وقت العشاء في مزدلفة. لقد اختلفوا في حكم الجمع بسبب السفر، وفيما يلي بيان اختلاف آرائهم:
- أولاً: يرى الشافعية والحنابلة جواز الجمع بسبب السفر بين الظهر والعصر، والمغرب والعشاء، سواء أكان الجمع تقديماً أم تأخيراً، مستندين إلى ما رواه الإمام البخاري.
- ثانياً: يرى المالكية جواز الجمع بين الصلوات في السفر دون تحديد مسافة، ويعتمدون على نية الإقامة.
- ثالثاً: الحنفية يرون أنه لا يجوز الجمع بين الصلوات بسبب السفر.
كيفية الجمع
يجمع المسافر بين صلاتي الظهر والعصر في وقت الظهر ليكون جمع تقديم، ويمكن الجمع تأخيراً إذا تم في وقت العصر، كما يجمع بين صلاة المغرب والعشاء في وقت المغرب ليكون الجمع تقديمًا، أو ينقله إلى وقت العشاء لجمع التأخير.
قصر الصلاة
حكم قصر الصلاة في السفر
خفف الله -تعالى- عن عباده بقصر الصلاة، وهو أداء الصلاة الرباعية ركعتين. اختلف الفقهاء في حكم القصر في السفر وبيان آرائهم كما يلي:
- أولاً: الشافعية والحنابلة يرون أن القصر جائز رغبة في تخفيف المعاناة أثناء السفر، ويستندون إلى السنة النبوية.
- ثانياً: المالكية يرون أن قصر الصلاة في السفر سنة مؤكدة.
- ثالثاً: الحنفية يؤكدون أن قصر الصلاة فرضٌ، ويجب أداؤها ركعتين في السفر.
شروط قصر الصلاة في السفر
تتعلق بقصر الصلاة عدة شروط وأحكام، منها:
- تقتصر أحكام القصر على الصلاة الرباعية، بحيث تُؤدى ركعتين، بينما لا تُقصر الصلوات الثنائية والثلاثية.
- يجب على المسافر قصر الصلاة إذا غادر حدود البلد الذي يقيم فيه، ولكن إن صلى خلف إمام مقيم فعليه إتمام الصلاة معه.
- لم تثبت ممارسة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- لأداء النوافل أثناء السفر، إلا في حالة الوتر وسنة الفجر.
- تعددت آراء العلماء حول المسافة المعتبرة لقصر الصلاة، فمنهم من يرى أن المسافة تُحدّد بـ80 كيلو متر تقريباً.
للمزيد من التفاصيل حول جمع وقصر الصلاة، يرجى الاطلاع على المقالات التالية:
- كيفية أداء صلاة الجمع والقصر
- طريقة الجمع والقصر للمسافر
- شروط جمع الصلاة
______________________________________________________________________________
الهامش
*الفرسخ: المسافة التي تُقدّر بـ 4800 متر.
