الخلاعة في القانون الجزائري: مفهومه وإجراءاته القانونية

تعريف الخلع وأحكامه في الإسلام

الخلع هو الآلية التي تتيح للزوجة طلب الفراق عن زوجها، حيث يتعين على الزوج منحها عوضاً عن هذا الفراق، والذي يمكن أن يكون إما بإعادة المهر الذي دفعه لها، أو بمبلغ أكبر أو أقل. لقد أقرّت الشريعة الإسلامية جواز الخلع، كما يتضح من قوله تعالى: (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئاً إلا أن يخافا ألا يُقيما حدود الله فإن خفتم ألا يُقيما حدود الله فلا جُناح عليهما فيما افتدت به).

ومن السنة النبوية، نجد أن امرأة ثابت بن قيس بن شماس -رضي الله عنه- جاءت إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وعبّرت عن كراهيتها للعيش مع زوجها رغم عدم وجود عيب فيه في الدين أو الخلق، فقال لها النبي -صلى الله عليه وسلم-: “أتردين عليه حديقته؟”، في إشارة إلى ما أهداه لها من مهر، فأجابت: “نعم”، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: “اقبل الحديقة وفارقها”.

أحكام الخلع في قانون الأسرة الجزائري

تنص المادة 54 من قانون الأسرة الجزائري على أنه “يُمكن للزوجة أن تُخالع زوجها مقابل مبلغ يتفق عليه’. ومع ذلك، يشهد الاجتهاد القضائي اختلافات في هذا الشأن، لكن الرأي السائد يشير إلى أنه لا يحق للزوجة المطالبة بالانفصال من خلال الخلع دون الموافقة الصريحة من الزوج، باعتباره عقد يوافق عليه الطرفان. ومع ذلك، فإن القرار رقم 141262 الصادر في 30-7-1996، والذي نُشر في المجلة القضائية رقم 98 \01، أيد أن طلب الزوجة للخلع لا يتطلب موافقة الزوج. كما نصت المادة 57 من القانون نفسه على حق استئناف أحكام دعاوى الخلع في الجانب المادي فقط، مع بقاء الأحكام الأخرى على وضعها الأصلي، وهو ما يتوافق مع رأي جمهور العلماء المسلمين.

شروط الخلع في الجزائر

هناك عدد من الشروط الواجب توافرها لإتمام عملية الخلع، وهي كما يلي:

شروط بالنسبة للزوج

ينبغي أن يكون الزوج عاقلًا وبالغًا، مؤهلاً للتصرف في أمواله، حيث تفيد المادة 7 من قانون الأسرة الجزائري بأن الزوج يجب أن يبلغ على الأقل 21 عامًا. ومع ذلك، يمكن للقاضي أن يوافق على الخلع قبل بلوغ هذا السن إذا كانت هناك مصلحة في ذلك. وفي حالة الزوج المريض (مرض الموت)، فإنه إذا طلب الخلع، يُحكم بتنفيذ الطلب ويُلزم بدفع العوض.

شروط بالنسبة للزوجة

تنص المادة 203 من قانون الأسرة الجزائرية على أنه يجب أن تتمتع الزوجة بأهلية التبرع. فإذا لم تبلغ سن الرشد المنصوص عليه في المادة 40 من القانون المدني الجزائري، فلا تُلزم بدفع البدل الخاص بالخلع، إلا إذا وافق وليها على ذلك. بينما لا يُسمح للمجنونة أو الصغيرة أو السفيهة بالمطالبة بالخلع مقابل مال. وفي حالة الزوجة المريضة (مرض الموت)، إذا طلبت الخلع فتكون طلبها مقبولاً، وهي ملزمة بدفع البدل لأنها مؤهلة للتصرفات المالية كافة.

ضرورة وجود زواج شرعي

يتطلب قانون الأسرة الجزائري وجود زواج شرعي وقانوني صحيح للزوجة المطالبة بالخلع، وذلك وفقاً للمادة 54 من القانون. وليس من الضروري أن يكون الزواج مسجلاً في السجلات المدنية، ولكن يجب أن يكون عقد الزواج مسجلاً قبل الفصل في دعوى الخلع. كما يُجوز للزوجة التي لا تزال في عدتها من طلاق رجعي أن تطلب الخلع، إذ تبقى العلاقة الزوجية قائمة خلال فترة العدة، بينما إذا كانت العلاقة الزوجية قد فسدت، فإن الخلع لا يتم وفقاً للمواد 32 إلى 34 من قانون الأسرة الجزائري.

بدل الخلع

يعبر بدل الخلع عن المبلغ الذي تدفعه الزوجة لزوجها مقابل حصولها على الخلع، حسب المادة 14 من قانون الأسرة الجزائرية. هذا البدل قد يكون نقداً، أو مستندات مالية، أو أشياء متعلقة بالمال مثل الذهب، بشرط أن تكون هذه الأشياء موجودة كما تنص المادتان 94 و96 من القانون المدني الجزائري. ويجب أن يكون المضمون مقابل الخلع محدداً أو قابلاً للتحديد، وأن يكون مشروعاً وغير مخالف للنظام العام والآداب.

ما هي عدة الخلع؟

اختلف العلماء في عدة المختلعة على قولين:

  • تعتد المختلعة بحيضة واحدة.
  • تعتد المختلعة بثلاث قروء كما قال أبو حنيفة، ومالك بن أنس، والشافعي، وأحمد بن حنبل.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *