التحولات السياسية بين الدولتين الأموية والعباسية
عندما بدأت الدولة الأموية ترسخ أقدامها، ظهرت العديد من الحركات والتيارات السياسية بما في ذلك الأحزاب والفرق التي أدت إلى انقسام حاد داخل المجتمع المسلم، مما أثر سلبًا على تماسك الدولة.
في المقابل، لم يكن العهد العباسي أكثر استقرارًا، حيث انبثقت الدولة العباسية من أنقاض الدولة الأموية. ورغم انتقال الحكم إلى العباسيين، بقيت قوى أنصار الدولة الأموية تؤثر في استقرار الدولة الجديدة، إضافةً إلى دخول الفرس في بناء الكيانات الحكومية وتوليهم المناصب العليا، مما ساهم في اضطراب الأوضاع السياسية في بعض الأحيان.
الوضع السياسي في العصر الأموي
إشكاليات الحكم في العصر الأموي
تأسست الدولة الأموية بعد تنازل الحسن بن علي عن الخلافة لمعاوية بن أبي سفيان عام 41 للهجرة، عقب النزاعات المستمرة على السلطة التي بدأت بمقتل الخليفة الراشدي عثمان بن عفان، مما أدى إلى التصالح ومنح الخلافة لبني أمية كوسيلة لحقن دماء المسلمين. لكن لم يكن الوضع السياسي في العصر الأموي مستقرًا، حيث تأثر المسلمون بنظام الحكم الأموي الذي ابتكر لأول مرة نظام الحكم الوراثي، حيث انتقلت الخلافة من الأب إلى الابن. يمكن تقسيم هذه الفترة إلى فترتين رئيسيتين:
- الحكم السفياني: الفترة التي تمثل بداية الدولة الأموية بقيادة خلفاء من نسل معاوية بن أبي سفيان، وكان أبرزهم ابنه معاوية الذي أرسى نظام الوراثة من خلال نقل الحكم إلى ابنه يزيد.
- الحكم المرواني: المرحلة الثانية من الحكم الأموي والتي شهدت حكم مروان بن الحكم ومن تلاه من خلفائه.
التحركات السياسية في العصر الأموي
حمل العصر الأموي تغييرات سياسية هامة، أبرزها نقل عاصمة الخلافة إلى دمشق، بالإضافة إلى تقسيم الدولة إلى مناطق يتولى كل منها حاكم يعينه الخليفة، مما أدى لإنشاء دواوين تتولى قضايا الدولة. ورغم ذلك، لم يخلُ الأمر من ظهور أحزاب معارضة، منها الخوارج الذين اعتبروا أن الخلافة حق مشترك بين المسلمين، وليس مقصورًا على قريش. وقد كانوا بمثابة معارضة دائمة للحكم الأموي.
الواقع السياسي في العصر العباسي
الحكم في الدولة العباسية
تأسست الدولة العباسية بعد معركة حاسمة على نهر الزاب في عام 132 للهجرة حيث انهزم الأمويون وانتقلت الخلافة إلى العباسيين. من بين أولى الخطوات التي اتخذها العباسيون كانت نقل مركز الخلافة من دمشق إلى بغداد. وقد تميز حكم الخلفاء العباسيين بالشمولية والوراثية، كما كانت للممارسات الدينية دور بارز في قيادة الدولة.
حرص الخلفاء العباسيون على فرض حماية صارمة حولهم، ما جعل من الصعب على العامة دخول القصر الخليفي كما كان الحال في العصر الأموي. وغالبًا ما كان مدخَل القصر مقيدًا بإذن من الحجاب أو المسؤولين عن التشريفات، ومعظم هؤلاء كانوا من الأعاجم. كما أن دخول الفرس في النظام الحكومي أدى إلى تعيينهم في المناصب العليا. تجدر الإشارة إلى أن الخلفاء العباسيين اتسعوا بشكل كبير في تأسيس الدواوين، حيث تم تخصيص ديوان لكل ولاية، وكان لديوان الرسائل دور كبير في إصدار القرارات والمراسلات.
فترات العصر العباسي
يمكن تقسيم العصر العباسي تاريخيًا إلى أربع فترات رئيسية كما يلي:
- العصر العباسي الأول: حققت فيه الخلفاء الأقوياء من بني عباسواستقرارًا وقدرة على حسم النزاع بين العرب والفرس لصالح العرب، واستمر هذا العصر حوالي 100 عام.
- العصر العباسي الثاني: حيث استحوذ الأتراك على السيادة، واستمر هذا العقد أيضًا لـ 100 عام.
- العصر العباسي الثالث: الذي شهد نفوذ البويهيين في الساحة العسكرية والسياسية، واستمر لأكثر من 100 عام.
- العصر العباسي الرابع: الذي ظهر فيه السلاجقة حتى سقوط بغداد عام 656 للهجرة.