الشفاء من فترة النفاس بعد العملية القيصرية

متى ينتهي النفاس بعد الولادة القيصرية؟

تنتهي فترة النفاس لدى المرأة بعد العملية القيصرية بمجرد انقطاع الدم، حتى وإن كان ذلك بعد بضعة أيام فقط من بدء فترة النفاس. لا يشترط أن تمتد فترة النفاس لأربعين أو ستين يوماً؛ فعلى رأي الخطيب الشربيني، يعتبر النفاس أقل فترة له هي لحظة واحدة. وقد اتفق غالبية الفقهاء على عدم وجود حد أدنى محدد لفترة النفاس، فيجب على المرأة الاغتسال متى ما توقفت عن رؤية الدم ورأت علامات الطهر. عندئذٍ تصبح مطالبة بالصلاة.

يُعتبر انقطاع دم النفاس شرطاً أساسياً لصحّة الاغتسال منه، وبالتالي فإن انقطاع الدم يشير إلى الطهر من النفاس. كما يُصنف دم النفاس على أنه دم أذى، مثل دم الحيض، استناداً إلى قوله تعالى: {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى}، إذا كان هناك دم، فإن حكمه يكون سارياً، وعندما يرتفع الدم يُرفع الحكم معه. وأحد الأدلة على أنه لا حد أدنى لفترة النفاس هو أن تحديد الحد الأدنى يتطلب نصاً صريحاً، ولكن لم تمر أي نصوص بخصوص ذلك، ولذلك يُعتمد على الوجود الفعلي للدم سواء كان قليلاً أو كثيراً.

هناك علامتان تدل على الطهر من النفاس؛ الأولى هي جفاف الموضع، وهو ما يحدث بانقطاع الدم، والثانية هي خروج القصّة البيضاء، والتي تُعتبر علامة على نهاية النفاس. إذا لاحظت المرأة أي من هاتين العلامتين، سواء بعد عشرة أيام أو عشرين يوماً من الولادة، فإنه يتعين عليها الاغتسال وتُعتبر طاهرة في هذه الحالة، وتنطبق عليها جميع أحكام الطاهرة مثل وجوب الصلاة والصيام وغيرها من الأحكام.

كيفية التطهر بعد النفاس

تمت الإشارة إلى كيفية التطهر من النفاس في حديث روته السيدة عائشة -رضي الله عنها- حيث سألت امرأة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- عن كيفية اغتسال المرأة من الحيض، فقال: “تَأْخُذُ إحْدَاكُنَّ مَاءَهَا وسِدْرَتَهَا، فَتَطَهَّرُ فَتُحْسِنُ الطُّهُورَ…” ومن الحديث يتضح أن الاغتسال يتضمن عدة خطوات، منها ما هو متفق عليه بين العلماء بأنه واجب، ومنها ما هو مختلف فيه. وفيما يلي تفاصيل الخطوات:

  • تعميم الجسم بالماء الطاهر: وهذه خطوة متفق عليها بين العلماء، ويشمل ذلك جسد المرأة بالكامل بما في ذلك الشعر. يجب إيصال الماء إلى جميع أجزاء الجسم مرة واحدة، مع التأكد من الوصول إلى كل المناطق، خاصةً التي قد يصعب وصول الماء إليها مثل السُّرة.
  • المضمضة والاستنشاق: وتقييم هذه الخطوات مختلف بين العلماء، حيث أوجبها الحنفيّة والحنابلة، بينما رآها المالكيّة والشافعية سنّة.
  • النية عند بدء الغسل: يجب على المرأة أن تنوي غرض الغسل عند بدء غسل أول جزء من جسدها، ولا يلزم التلفظ بها؛ إنما تكون النية في القلب.
  • الدلك والمواصلة والترتيب: اتفق العلماء على عدم وجوب الترتيب، ولكن يُستحب البدء بيمينة الجسم وتنظيف أعضاء الوضوء باستثناء القدمين، مع وجوب إمرار اليد على الجسم ومواصلة الغسل إذا تم التذكر.

أحكام النفاس

يعتبر دم النفاس مماثلاً لدم الحيض، حيث أن النفاس هو شكل من أشكال الحيض الذي تم احتباسه بسبب الحمل. وبالتالي يكون حكم النفاس مثل حكم الحيض، مما يعني أن ما يُباح للنفساء يُباح للحائض، وما يُحرم على الحائض يُحرم على النفساء. ومع ذلك، هناك أربعة استثناءات لا يأخذ فيها النفاس حكم الحيض وهي:

  • أولاً: العدة، حيث لا تُحسب فترة النفاس من مدة العدة إذا طُلقت المرأة بعد الولادة. في هذه الحالة تنتهي العدة بالولادة، وإذا طُلقت بعد الولادة يجب انتظار الحيض لبدء حساب العدة.
  • ثانياً: مدة الإيلاء، حيث يُحتسب الحيض من مدة الإيلاء ولكن النفاس لا يُحتسب.
  • ثالثاً: دليل البلوغ، حيث يعتبر البلوغ عند الحيض وليس عند النفاس.
  • رابعاً: أوقات كل منهما، حيث يأتي دم الحيض في أوقات محددة بينما يأتي النفاس بعد الولادة. ومع ذلك، يكون للنفساء الأحكام نفسها للحائض فيما عدا تلك الاستثناءات.

محرّمات النفاس المتفق عليها

هناك العديد من الأمور المحرمة على النفساء، وهي:

  • الجماع: هو محرّم على النفساء باتفاق العلماء دون استثناء، وقد ورد في القرآن الكريم: {وَلا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّىٰ يَطْهُرْنَ}، إضافةً إلى تحريم الاستمتاع بما بين السرة والركبة عند الجمهور.
  • الصلاة: تحرم الصلاة على النفساء كما هو الحال مع الحائض، ويجب عليها الانتظار حتى تنقطع دم النفاس ثم الاغتسال.
  • الصوم: يحرم على النفساء أيضًا الصوم، فكما يُطلب من الحائض قضاء الصوم، يكون الحكم نفسه للنفساء.
  • الطواف: يُعتبر الطواف من الأمور المحرمة على النفساء ولا يجوز إتمامه خلال فترة النفاس.

الأمور المختلف عليها في حرمة النفساء

هناك عدة أمور التي تختلف الآراء حول حرمتها على النفساء:

  • قراءة القرآن: اختلف الفقهاء في جواز قراءة القرآن، حيث ذهب الحنفيّة والحنابلة إلى تحريمه بينما جاز المالكية قراءة القرآن دون لمسه.
  • زيارة المسجد: حرّم بعض الفقهاء دخول النفساء المسجد، ولكنهم استثنوا حالات الضرورة. بينما أجاز الشافعية والحنابلة عبور النفساء للمسجد بشرط عدم تلويثه.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *