الفروق بين التشبيه والاستعارة
يعتبر كل من التشبيه والاستعارة جزءًا من علم البيان في البلاغة، ولكن هناك اختلافات واضحة بينهما. يشير التشبيه إلى مقارنة بين شيئين، حيث يُستخدم لتشبيه أحدهما بالآخر بناءً على صفة مشتركة، ويعتمد على أربعة عناصر رئيسة: المُشبه، والمُشبه به، وأداة التشبيه، ووجه الشبه. يمكن حذف الأداة ووجه الشبه بحسب نوع التشبيه. أما الاستعارة، فتعتبر تشبيهاً مُختصراً يتم فيه حذف أحد أركانه، سواء كان المُشبه أو المُشبه به، وفقاً لنوع الاستعارة المستعملة.
أنواع التشبيه
ينقسم التشبيه إلى عدة أنواع، أبرزها:
- المفرد
تنقسم الأنواع المفردة إلى أربعة، هي: التشبيه المفصل (التام) الذي يشتمل على جميع الأركان، مثل: “الفتاة مثل القمر في جمالها”. النوع الثاني هو التشبيه المجمل، الذي يُحذف منه وجه الشبه، مثل: “الفتاة مثل القمر”. أمّا النوع الثالث فهو التشبيه المؤكد، كما في عبارة: “الفتاة قمر في جمالها”. النوع الرابع يتمثل في التشبيه البليغ الذي يُحذف منه وجه الشبه وأداة التشبيه، مثل: “الفتاة قمر”.
- التمثيلي
يعمل هذا النوع على تشبيه حالة أو صورة بحالة أو صورة أخرى، كما يظهر في قوله تعالى: “مثل الذين يُنفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة”. في هذه الآية، يشبه الله تعالى المتصدقين في سبيل الله بصورة سنبلة القمح التي تتضاعف حباتها، ووجه الشبه هو مفهوم الزيادة والتكثير.
- الضمني
التشبيه الضمني لا يأتي في الصيغة المعتادة ولا يصرح فيه بذكر المُشبه والمُشبه به، بل يفهم من مضمون الكلام أو السياق العام. يصف هذا النوع الحالة دون ذكر أداة التشبيه، مثلاً كما قال الشاعر:
“من يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميت إيلام”. هنا، يصف الشاعر شخصاً يهون عليه كبرياؤه بأنه كجسد ميت لا يشعر بالألم، حيث جاء الشطر الثاني للدلالة على ما ورد في الشطر الأول.
أنواع الاستعارة
تُقسم الاستعارة إلى ثلاثة أنواع رئيسية، وهي:
- التصريحية
وهي الاستعارة التي يُحذف منها المُشبه ويبقى المُشبه به، مثل: “نسي الطين ساعة أنه طين”، حيث يشبه الشاعر الإنسان بالطين، ولكن تم حذف المُشبه (الإنسان) وتم الإشارة إليه من خلال وصفه (الطين).
- المكنية
تشير إلى الاستعارة التي تم حذف المُشبه به ويبقى المُشبه مع صفة تدلّ عليه، مثل: “طار الخبر في المدينة”، وهنا يتم تشبيه الخبر بالطائر، لكن دون ذكر الطائر، بل ذكر صفة الطيران. وهذا يدلّ على كون الخبر لا يطير وإنما الطائر هو الذي يقوم بالطيران.
- التمثيلية
تتمثل في تشبيه تمثيلي تم فيه حذف المُشبه واستبقاء المُشبه به، وهذا النوع يُستخدم غالبًا في الأمثال، كما في التعبيرات التالية: “سبق السيف العذل”، و”رجع بخفّي حنين”، و”لكل جواد كبوة”.
أمثلة على التشبيه والاستعارة
- قال تعالى: “إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفًا كأنهم بنيان مرصوص”.
هذا تمثيل تشبيهي مجمل، حيث تم تشبيه المتعاونين في القتال في سبيل الله ببناء قوي وثابت.
- قال تعالى: “مثل الذين حملوا التوراة ثم لم يحملوها كمثل الحمار يحمل أسفارًا بئس مثل القوم الذين كذبوا بآيات الله والله لا يهدي القوم الظالمين.” هنا يبرز تشبيه تمثيلي، حيث تم تشبيه الأشخاص الذين تلقوا التوراة ولم يُطبقوها بصورة الحمار الذي يحمل الكتب ولكنه لا يستفيد منها.
- قال تعالى: “والصبح إذا تنفس”.
هذه استعارة مكنية، حيث تم تشبيه الصبح بإنسان يتنفس، مع أنّ الصبح ليس لدينا فيه شعور بالتنفس.
- قال تعالى: “وأنزلنا إليكم نورًا مبينًا”.
هذا مثال على استعارة تصريحيّة، حيث تم تشبيه القرآن الكريم بالنور الواضح، مع عدم ذكر القرآن ولكن تم التركيز على المُشبه به.