الفلسفة الغربية الحديثة
تُعتبر الفلسفة الغربية منظومة فكرية تتجذر في الفلسفة اليونانية، ولقد تركت أثرًا عميقًا على الحضارة الغربية، مميزةً بذلك عن الفلسفة الشرقية التي نشأت في قارة آسيا، وخصوصًا في الصين. بينما تستند الفلسفة الشرقية إلى جذور مثل الكونفوشيوسية والبوذية، تستند الفلسفة الغربية إلى أصول تتعلق بالمسيحية الرومانية، مما يجعلها تُعتبر ذات طابع لاتيني. يمكن تقسيم الفلسفة الغربية الحديثة إلى عدة مراحل رئيسية كما يلي:
عصر النهضة الإنسانية
ترتبط بدايات الفلسفة الغربية الحديثة بفترة النهضة الإنسانية أو النهضة الإيطالية، وهي حقبة انتقالية جاءت بعد العصور الوسطى. خلال القرنين الخامس عشر والسادس عشر، طعن مفكرو عصر النهضة في العديد من المعتقدات الجدلية السائدة، مثل التنجيم والسحر والشعوذة.
عصر توماس هوبز وفرانسيس بيكون
سعى توماس هوبز إلى مقاومة الأفكار الأكاديمية الأرسطية والدينية، مما جعله يُعتبر تجريبيًا في بداياته. كان هوبز يؤمن بالمساواة ويُظهر ليبرالية في عدة جوانب، لكن صراعاته السياسية أدت إلى عدم السماح له بنشر أفكاره المثيرة للجدل. ترك هوبز تأثيرًا بارزًا على الفلسفة الغربية الحديثة من خلال كشفه عن نظرية المادة المتحركة، مؤكدًا أن الدين لا يتعارض مع العقل والتجارب البشرية.
أما فرانسيس بيكون، الذي تقاطعت أفكاره مع هوبز لبعض الوقت، فقد عُرف بأنه مؤسس الاستقرائية الحديثة، حيث انتقد المنطق الأرسطي وطرق البحث عن المعرفة، وابتكر منهجًا خاصًا يُعرف بالطريقة العلمية.
عصر ديكارت وسبينوزا
تميز عصر ديكارت وسبينوزا بالتركيز على أهمية العقل في فهم العالم. سعى ديكارت إلى شرح الظواهر عبر منظور عملي ميكانيكي، مؤمنًا بأن المادة خاملة تمامًا، وكان له دور كبير في الثورة العلمية. تبنى فلسفة تدمير البراهين، لذا اعتبره بعض فلاسفة عصر التنوير الفرنسي بطلاً. في الوقت نفسه، قدم باروخ سبينوزا مساهمات فكرية مهمة، حيث تناول العديد من القضايا الأخلاقية والمعرفية.
عصر لايبنيز وجون لوك
يُعتبر جوتفريد لايبنيز أحد العقول الكبرى في هذه الحقبة، وقد أسهم في مجالات متعددة مثل المنطق والفيزياء والرياضيات. قدم أفكارًا تعكس الصراع الكلاسيكي بين النظريات العقلانية والتجريبية. من جهة أخرى، برز جون لوك كأحد أوائل التجريبيين البريطانيين، حيث أكد ضرورة عمل العقل في محاولة فهم الحقيقة ورفض الميتافيزيقيا بعكس لايبنيز.
عصر ديفيد هيوم وإيمانويل كانط
كان ديفيد هيوم يُزاول الفلسفة من منظور حيث لم يرَ سببًا لدراستها إلا للتسلية أو لتحقيق طموحات عملية. ومن خلال أفكاره، ساهم بشكل كبير في تشكيل الفلسفة الغربية الحديثة، مشككًا في الذات والسببية، مؤكدًا أن المعتقدات شرطية وطبيعية. كما اعتبر أن العالم المادي لا يمكن إدراكه بشكل يقيني كوجود مستقل عن الذات.
كان إيمانويل كانط هو المنافس الرئيس لهيوم، وقد اعتبره الثوار شخصية محورية في الفلسفة الأوروبية الحديثة. انتقد كانط الفكر التجريبي والميتافيزيقا، مائلًا نحو الاتجاهات العقلانية، مؤكدًا أن البشرية لا يمكنها الوصول إلى الحقيقة المطلقة.
عصر هيجل وشوبنهاور
تأثرت أفكار هيجل بشكل عميق بفلسفته التي انصبت على مواضيع متعددة مثل المنطق والفلسفة التاريخية والسياسية والدينية. وتأثر آرثر شوبنهاور بشكل ملحوظ بفكر كانط، محاولًا تطوير فلسفة أخلاقية تسعى إلى تعزيز مبادئ اللاعنف واللاأنانية والرحمة.
عصر كارل ماركس
عتبر كارل ماركس مُدافعًا عن حقوق الطبقة العاملة والفقراء، ولم يكن يعتبر نفسه فيلسوفًا بل ثائرًا، ومع ذلك تحتوي كتاباته على العديد من النقاط ذات الصلة بالنقاشات الفلسفية العصرية في مجالات التاريخ والأخلاق والسياسة والعلوم الاجتماعية. عارض نظرية هيجل التي تصور الوعي كعوامل محددة للوجود الاجتماعي.