التمييز بين أسباب الإباحة وموانع العقاب
كما أوضحنا سابقاً، فإن كل من أسباب الإباحة وموانع العقاب تؤديان إلى نتيجة هامة تتمثل في عدم فرض العقوبة على الشخص المتهم بارتكاب الفعل الجرمي. ومع ذلك، يلاحظ أن هناك اختلافات عديدة بينهما في بعض الجوانب الموضوعية، كما هو موضح في الجدول أدناه:
الفرق | الإباحة | موانع العقاب |
الركن الشرعي للجريمة | يختفي الركن الشرعي للجريمة، مما يُعتبر الفعل مباحًا، وبالتالي لا يقع على الشخص المرتكب أي مسؤولية قانونية، حيث يُعفى من المساءلة القانونية بموجب القانون. | يبقى الركن الشرعي للجريمة قائمًا، مما يعني أن الجريمة تظل موجودة بكافة أركانها؛ ولكن لا تُطبق المسؤولية الجنائية على من ارتكبها، مما يعفيهم من العقاب وفقاً لحالات محددة يحددها القانون. |
الأثر المترتب | تترتب آثار الإباحة على الفاعل الأصلي والشريك الذي ساهم معه. | الآثار تقتصر على الفاعل الأصلي فقط دون الشريك، مما يجعل الشريك مسؤولا ويفتح المجال لمساءلته الجنائية. |
تعريف أسباب الإباحة
يمكن تعريف أسباب الإباحة في إطار القانون على أنها مجموعة من الظروف الموضوعية أو المادية التي تلحق بالفعل المجرم، مما يُخرج الفعل من دائرة التجريم ويجعله فعلاً مشروعًا لا يستوجب العقوبة. على هذا الأساس، يُعتبر الفاعل الأصلي وكل من شارك معه بريئين، ولا يمكن مساءلتهما عن الأفعال التي ارتكباها.
تعتبر أسباب الإباحة قيودًا تتعلق بالنصوص القانونية التي تم تجريمها سابقاً، حيث تؤدي إلى تعطيل مفعولها، مما يؤثر على الركن الشرعي للوقائع الجرمية، ويحولها إلى أفعال مباحة بعد أن كانت تُعد جرائم.
أنواع أسباب الإباحة في القانون
تتضمن غالبية القوانين نوعين رئيسيين من أسباب الإباحة، وهما:
أسباب الإباحة حسب الموضوع
تُقسم أسباب الإباحة من حيث موضوعها إلى أسباب عامة، تُنتج آثارها في جميع الجرائم. بمعنى أنه يمكن الاحتجاج بها في جميع الجرائم التي يرتكبها شخص أثناء ممارسة حق من حقوقه المُعترف بها قانونيًا، وكذلك عندما يقوم شخص بأداء واجب مُكلف به. أما الأسباب الخاصة فهي أسباب لا يمكن الاحتجاج بها أمام القضاء سوى في جرائم معينة، مثل جرائم القذف والسب.
أسباب الإباحة حسب الآثار المترتبة عليها
يمكن أيضًا تقسيم أسباب الإباحة حسب الآثار الناتجة عنها إلى أسباب إباحة مطلقة، حيث يمكن الدفع بها أمام المحكمة بغض النظر عن صفة الشخص الذي ارتكبها، مثل ارتكاب جريمة دفاع مشروع. بينما تشمل الأسباب النسبية تلك التي يمكن الدفع بها فقط عندما تتوافر صفة خاصة في الشخص الذي ارتكبها، مثل حالة الطبيب أثناء إجراء عملية جراحية حيث يتوفى المريض دون خطأ من الطبيب.
الآثار القانونية لأسباب الإباحة
في حال تحقق الشروط القانونية المرتبطة بأسباب الإباحة، تترتب آثار مهمة، منها:
- الفعل الذي كان يُعتبر مجرماً يصبح مشروعاً ولا يُعاقب مرتكبه، وفقًا للقاعدة العامة “لا جريمة ولا عقوبة من غير نص قانوني”.
- يتساوى الفاعل الأصلي مع الشريك في حالة ارتكاب الفعل، مما يعني أن كلاً منهما يُعتبر بريئاً ولا يُسألان عن أي فعل، باعتبار أن الفعل يُعتبر مشروعاً.
تعريف موانع العقاب
موانع العقاب هي حالات محددة يراها القاضي تمنع توقيع العقوبة على المتهم، حتى مع حدوث الجريمة بكامل أركانها. بمعنى آخر، فإن موانع العقاب تعيق تطبيق العقوبة المقررة قانونيًا رغم وقوع الجريمة، مما يؤكد مسؤولية الجاني عن فعله إلا أنه مستثنى من العقاب.
المشرع قرر إعفاء بعض الأفراد من العقوبة كتجنبهم الاستمرار في سلوك إجرامي أو لمنع قيام جريمة مُحتملة. على سبيل المثال، إعفاء الراشي أو الوسيط من العقوبة إذا بادر بالإبلاغ عن جريمة الرشوة. وعليه، تشترك موانع العقاب مع أسباب الإباحة في منع العقوبة عن مرتكب الفعل الجرمي، إلا أن الاختلاف يكمن في الموضوع الذي دفع القضاء إلى إعفائه.