علم النفس وعلم الاجتماع
يعتبر علم النفس وعلم الاجتماع من التخصصات الإنسانية التي تعتمد على أسس فلسفية عميقة. فقد حاول الفلاسفة القدماء فهم الروح البشرية والعلاقات الإنسانية من خلال دراسة الظواهر السلوكية الأساسية كالغضب والحزن. مع مرور الوقت، تطورت الدراسات النفسية لتصبح أكثر شمولاً واستقلالاً عن علم الفلسفة، وذلك في النصف الثاني من القرن التاسع عشر. أما علم الاجتماع، فقد كان محط اهتمام الفلاسفة الاجتماعيين منذ العصور القديمة وحتى العصور الوسطى، لينتشر بشكل واضح في العصر الحديث كعلم مستقل عن باقي العلوم في أوائل القرن التاسع عشر.
الفروق بين علم النفس وعلم الاجتماع
يمثل كل من علم النفس وعلم الاجتماع فرعين بارزين ضمن العلوم الإنسانية. ورغم تداخل هذين المجالين نتيجة التقارب في العلوم الإنسانية بشكل عام، إلا أن كلاً منهما يتمتع بمبادئ وقوانين متميزة. يظهر الاختلاف والتشابه بين هذين العلمين من خلال مواضيع القضايا التي يتناولانها بشكل خاص، عند دراسة النقاط الأساسية لكل منهما، ومقارنة تعريفيهما، والموضوعات التي يناقشانها، والأهداف التي يهدفان إليها، بالإضافة إلى السياق التاريخي لنشأتهما.
تعريف كلا العلمين
تتضح النقاط الفريدة بين علم النفس وعلم الاجتماع من خلال تعريف كل منهما، كما يلي:
- تعريف علم النفس: هو العلم الذي يدرس جميع جوانب السلوك البشري بشكل علمي، ويتضمن استجابات سلوكية متنوعة، سواء كانت حركية أو لفظية، تظهر لدى الأفراد في تفاعلهم مع البيئة. كما يهتم بدراسة الأنشطة الوجدانية والانفعالية، والخبرات الشعورية واللاشعورية، بالإضافة إلى العمليات العقلية مثل التفكير والإدراك والتذكر.
- تعريف علم الاجتماع: هو العلم الذي يركز على دراسة التفاعلات الإنسانية وتأثيراتها الناتجة عن العلاقات بين الأفراد في بيئة اجتماعية، سواء كانت هذه التأثيرات تتعلق بالاتجاهات، أو المشاعر، أو الأفعال. كما يدرس النظام الاجتماعي الذي يتم من خلاله تنظيم العلاقات الإنسانية، ويفهم الظواهر الاجتماعية في المجتمع والنماذج الاجتماعية، وعلاقة الفرد بالمجتمع والثقافة.
المواضيع الخاصة بكل علم
تختلف الموضوعات التي يسعى كل من علم النفس وعلم الاجتماع إلى تناولها، كما يلي:
- مواضيع علم النفس: يركز علم النفس على الإنسان كموضوع رئيس، حيث يُعنى بتفاعله مع بيئته الاجتماعية والثقافية، حيث يدرس سلوك الفرد وشعوره ورغباته وأفكاره. كما يبحث في آليات العمليات العقلية، والعوامل التي تؤثر بها، والمواهب والقدرات المكتسبة. يتناول علم النفس أيضًا الاستجابات السلوكية والظواهر النفسية، وعلاقتها بالصحة الجسدية.
- مواضيع علم الاجتماع: يركز علم الاجتماع على دراسة الظواهر الاجتماعية كمجموعة مختلفة تمامًا عن الظواهر النفسية أو البيولوجية. إذ تتعلق الظواهر الاجتماعية عادة بالجماعة ولا تقتصر على الأفراد، وتشمل المعتقدات والعادات والتقاليد والقيم السياسية والاجتماعية.
الأهداف
تختلف أهداف الدراسات العلمية وفقًا لمواضيعها، لذا من الممكن توضيح الفروق بين علمي النفس والاجتماع من خلال أهداف كل منهما، والتي يمكن تلخيصها كالتالي:
- أهداف علم النفس: تشمل:
- فهم الظواهر السلوكية وتفسيرها من خلال معرفة العوامل والدوافع المسؤولة عنها.
- التنبؤ بالسلوك بناءً على ظروف معينة.
- القدرة على ضبط السلوك من خلال التأثير على العوامل المؤدية إلى الظواهر السلوكية.
- أهداف علم الاجتماع: تتلخص في:
- تحقيق فهم شامل للأنماط السلوكية في مجتمع معين وتأثيراتها.
- شرح مكونات البناء الاجتماعي وعناصره وتحليل ترابطها.
- تعزيز التواصل بين مؤسسات المجتمع والتأكيد على دورها في خدمة الأفراد.
- تشخيص المشكلات الاجتماعية وتقديم حلول مناسبة.
- فهم قوانين التحول الاجتماعي وخصائصه.
المؤسسون
- مؤسس علم النفس: يُنسب الفضل إلى العالم الألماني فونت في النصف الثاني من القرن التاسع عشر في تأسيس علم النفس كعلم مستقل، حيث أنشأ أول مختبر دراسات نفسية.
- مؤسس علم الاجتماع: يُعتبر العالم والفيلسوف الإسلامي عبد الرحمن بن محمد بن خلدون مؤسس علم الاجتماع، حيث سبقته دراساته وأبحاثه في هذا المجال على أعمال العديد من المفكرين الغربيين، وقد أطلق على ما نعرفه اليوم باسم “الاجتماع” اسم “العمران”.