أهمية جهاز تسجيل بيانات الرحلة في الطائرة

الصندوق الأسود: أحد أهم أدوات الطيران

غالباً ما نسمع عن الصندوق الأسود الذي يتم اكتشافه في حطام طائرة أو معلومات معينة ترتبط بقضية ما عند الاستناد إلى هذا الجهاز، ولكن كثيراً منا لا يعرف المعنى الحقيقي لهذا المصطلح. في الواقع، الصندوق الأسود ليس صندوقاً فعلياً باللون الأسود، بل هو جهاز تسجيل بلون برتقالي أو أصفر، يجب أن يتواجد في جميع الطائرات التجارية وفقاً للقوانين الدولية المعمول بها. هذا الجهاز يسجل معلومات مهمة تتعلق بالرحلة وظروفها خلال الطيران.

أسباب تسمية الصندوق الأسود

تعود تسمية “الصندوق الأسود” إلى ارتباطها بالكوارث الجوية وحوادث الطيران. يُعتقد أن التسمية جاءت بسبب اللون الأسود لمسجلات المعلومات القديمة، حيث كان الداخل مظلماً لمنع تسرب الضوء الذي قد يتسبب في إتلاف شريط التسجيل، كما هو الحال في غرف التصوير الفوتوغرافي. كما يُشاع أن أحد الصحفيين أطلق على الجهاز هذا الاسم خلال مقابلة مع عالم الطيران الدكتور وارن، عندما وصفه بأنه “صندوق أسود رائع”.

تاريخ ابتكار الصندوق الأسود

بدأت جهود ابتكار جهاز يسهم في تحديد أسباب حوادث الطيران منذ الستينات. وكان ذلك نتيجة لحوادث طائرات شركة “كوميت” التي أثارت مخاوف جدية حول سلامة الطيران. كان الهدف من هذا الجهاز أن يتحمل انفجارات وتحطم الطائرات، وكذلك الصمود أمام السقوط من ارتفاعات تتراوح بين عشرات وآلاف الكيلومترات والمكوث في مياه المحيطات دون أن يتعرض للتلف. اقترح عالم الطيران الأسترالي ديفيد وارن تصميم جهاز خاص لتسجيل تفاصيل كل رحلة مدنية.

كان النموذج الأول من الجهاز بحجم أكبر من اليد، وكان قادراً على تسجيل ما يقارب الأربع ساعات من المحادثات التي تتم في مقصورة القيادة، بالإضافة إلى أداء كافة أجزاء الطائرة. ومع ذلك، أصيب الدكتور وارن بالدهشة عندما رفضت السلطات الأسترالية تصميمه، مدعيةً أنه غير مجدي للطيران المدني، مما أدى إلى تسميته بالأخ الأكبر الذي يتجسس على أحاديثهم. بعد إحباطه، انتقل إلى بريطانيا حيث لقي ترحيباً حاراً لدعمه، وتبع ذلك تقرير من إذاعة بي بي سي حول الجهاز، مما أثار اهتمام الشركات لتقديم عروض لتطوير وتطبيق التصميم.

وظيفة الصندوق الأسود

يتكون مفهوم الصندوق الأسود من جهازين، حيث يحتوي كل منهما على فردٍ من البث الذي ينطلق للمساعدة في تحديد موقع الطائرة في حالة غوصها في الماء، مما يساعد على العثور على حطامها حتى في عمق يصل إلى 3500 متر أو ما يعادل 14,000 قدم.

• الصندوق الأسود الأول: يتولى حفظ البيانات الرقمية وتخزين القيم الفيزيائية، مثل الوقت، السرعة، والاتجاه.
• الصندوق الأسود الثاني: يتم تكليفه بتسجيل الأصوات المختلفة مثل المحادثات، المشاحنات، ونداءات الاستغاثة.