تعريف المنطق من الناحيتين اللغوية والاصطلاحية يعد من الفروع المعرفية الهامة التي استمرت على مر العصور، حيث يُنسب إلى علم المنطق الفضل الرئيس في تبني الأفكار والمعتقدات والحفاظ عليها وتداولها بين الأجيال المختلفة.
دون وجود علم المنطق، فإن الفوضى والخرافات ستعم، مما يؤدي إلى انتشار الجهل بين الناس. ومن أجل فهم علم المنطق بشكل سليم، يجب أولاً التعرف على تعريفه.
تعريف المنطق لغويًا
اشتُق مصطلح “المنطق” من كلمة النطق، وهو مصدر ميمي، ويعني الكلام، حيث يتكون الكلام من كلمات، والكلمة تشير إلى اللفظ المفرد الذي يدل على معنى معين.
تعريف المنطق اصطلاحًا
تعددت التعريفات الخاصة بعلم المنطق لدى المناطقة وعلماء الفلسفة. وبفضل جهودهم المستمرة في محاولة وضع تعريف اصطلاحي، نستطيع الآن أن نضع تعريفًا دقيقًا لعلم المنطق من خلال النقاط التالية:
- يعتبر المنطق أداة قانونية تُعصم العقل أو الذهن من الوقوع في الأخطاء خلال عمليات التفكير.
- والارتباط بين المعنيين يتجلى في أن علم المنطق يعبر عن ما يدور في عقل الإنسان من معتقدات وآراء وتصورات.
- ويمكن القول إن المنطق يُعرفه الجميع كعملية بحث في تلك الموضوعات، مما يجعل الاسم الملائم له يعكس فعلاً ماهية العلم.
- كما أصبح النطق مرادفًا للفكر، حتى أن التعريف الشائع للإنسان يصفه بأنه “حيوان ناطق”، حيث تشير كلمة “ناطق” إلى التفكير.
أسماء علم المنطق
- أطلق على علم المنطق العديد من الأسماء والألقاب مثل: معيار العلم، علم الميزان، علم قواعد التفكير، خادم العلوم، ورئيس العلوم.
- وأكثر الألقاب شيوعًا وانتشارًا هي “علم المنطق”، لدرجة أن من يقرأ كتاب ابن السكيت “إصلاح المنطق” قد يظن أنه يتناول علم المنطق بينما هو في الحقيقة كتاب يشبه المعجم اللغوي.
واضع علم المنطق
- يعتبر الفيلسوف أرسطو، الإغريقي العظيم، هو مؤسس علم المنطق، حيث استفاد من أعمال أستاذه سقراط ثم من بعده أستاذه أفلاطون.
- هذه الفلاسفة عملوا على مواجهة الفكر السفسطائي، الذي كان سائدًا في ذلك العصر.
- الفكر السفسطائي يدعي أصحابه أنه لا توجد حقائق واقعية مستقلة خارج الذهن. ويرون أن الصواب يعتمد على رؤية الفرد، وهو ما يُعد مغالطة. وجاء علم المنطق ليؤكد على إمكانية وجود الحقيقة والوصول إليها.
- وتُعتبر جهود حنين بن إسحاق في ترجمة المنطق إلى العربية من المساهمات الأولى، حيث قام بترجمة دقيقة عن الأصول اليونانية.
- تعمق الفلاسفة العرب في هذا العلم، حيث ناقشوه وقدموا نقدًا قيمة له، مضيفين إليه الكثير مثل تقسيم العلم إلى تصور وتصديق، الذي أضافه المعلم الثاني أبو نصر الفارابي.
- من الظلم والمعايير العلمية السليمة أن يُشاع أن جهود هؤلاء العلماء اقتصرت على الترجمة فقط، حيث تُظهر المؤلفات التراثية اليوم دورهم الفاعل في تطوير علم المنطق.
- تعد هذه الأدلة والشهادات الممتزجة بمعلومات مغلوطة بعيدة عن موضوعية البحث، وتظهر عدم دقة الرؤى المطروحة من بعض المستشرقين تجاه هؤلاء العلماء.
موضوع علم المنطق وما يدرسه
كما اختلفت المحاولات لتحديد تعريف علم المنطق، برز أيضاً اختلاف في موضوع الدراسة لهذا العلم. ولعل الرأي السائد هو أن:
- موضوع علم المنطق يتعلق بدراسة التصورات والتصديقات.
غاية علم المنطق وهدفه ونتائج استخدامه
- الهدف الأساسي لعلم المنطق هو منع العقل من الوقوع في الأخطاء أثناء التفكير، حيث يوجه المفكر نحو السبل الصحيحة في البحث والاستدلال.
- أما نتائج استخدام علم المنطق في الحياة اليومية والمعاملات فتُظهر أن إتقان هذا العلم يمنحك القدرة على كشف الحقائق وتكوين الحجج، بشرط الالتزام بقواعده وأصوله.
- في العصور القديمة كان يُقال: “المنطق للعقل كما النحو للسان والعروض للأذن”، مما يبرز أهمية الحفاظ على قواعده.
ارتباط علم المنطق بالعلوم الأخرى
- على الرغم من أن علم المنطق يُعتبر علمًا مستقلًا، إلا أنه يتعلق ارتباطًا وثيقًا بعلوم أخرى مثل النحو والعروض وأصول الفقه، بل ويعتمد كل علم منهما على الآخر.
- بينما يرتبط كل علم بموضوع مناسب للدراسة، يمكن أن نرى كيف أن علم النحو يتعلق بأحوال الكلمات، كما أن علم العروض يرتبط بتراكيب الإيقاع في الشعر، وعلم أصول الفقه يستند إلى استنباط الأحكام.
- لذلك، يُعتبر علم المنطق ذات أهمية كبيرة في بناء مختلف العلوم، حيث يلعب دوراً رئيسياً في تطوير الأسس وإنتاج الفروع.
- لذا، ليس من الغريب أن يُطلق على علم المنطق “رئيس العلوم” و”خادم العلوم”.
- بالإضافة إلى ذلك، يظهر هذا الدعم القوي للأهمية البالغة للمنطق تجاه باقي العلوم.
أهمية علم المنطق ومسائله
- يمكن تلخيص أهمية علم المنطق بشكل واضح من خلال نتائجه وأهدافه السابقة الذكر.
- وعند النظر إلى الأهمية بطريقة غير مباشرة، يمكن أن نرى كيف ساهم هذا العلم في رفع الوعي الإنساني وتعزيز استخدامه ومعرفته.
- هذا، بدوره، أدى إلى تقدم في العلوم والمعارف وتعزيز مناهج البحث العلمي.
- وغير ذلك، لا يمكن إغفال أثر علم المنطق الإيجابي في تعزيز العلوم والمعارف الإسلامية، مما يُعزز من أسسها العقلية.
- أما عن مسائل علم المنطق، فتتمثل في دراسة التعريفات وأنواعها والمواضيع المتعلقة بها، بالإضافة إلى دراسة أسس البراهين.