تمييز بين الحكم الوضعي والحكم التكليفي في الفقه الإسلامي

مفهوم الحكم الشرعي

الحكم الشرعي هو التعبير الإلهي الذي يتعلق بأفعال المكلفين، سواء كان ذلك اقتضاءً (طلب الفعل) أو تخييراً (الإجازة بين الفعل والفعل) أو وضعاً (تحديد شروط أو أسباب). يشمل هذا التعبير القرآن الكريم والسنة النبوية والإجماع ومصادر أخرى. يُعنى الاقتضاء بطلب الفعل، والذي يمكن أن يكون على وجه الإلزام، كالأحكام الواجبة والمندوبة، أو طلب التوقف عن فعلٍ ما، مثل الحرام والمكروه. بينما التخييـر يشير إلى إجازة الفعل أو تركه، ما يعبر عنه بالمباح. وأخيراً، الوضع يتعلق بتعيين شيء ما كعلامة أو شرط أو مانع لشيء آخر.

تمييز بين الحكم التكليفي والوضعي

تنقسم الأحكام الشرعية إلى قسمين: الحكم التكليفي والحكم الوضعي. وفيما يلي نعرض الفروقات بينهما وفقاً للمعايير التالية:

من حيث التعريف

  • الحكم التكليفي: هو التعبير الإلهي الذي يتعلق بأفعال المكلفين اقتضاءً أو تخييراً.
  • الحكم الوضعي: هو التعبير الإلهي الذي يتضمن تعيين شيء كسبب أو شرط أو مانع لشيء آخر.

من حيث طلب الفعل

  • الحكم التكليفي: ينطوي على طلب تنفيذ فعل أو تجنب فعل آخر، ويشمل الأحكام الخمسة: الواجب، المندوب، الحرام، المكروه، والمباح.
  • الحكم الوضعي: لا يتضمن طلب فعل، وإنما يُظهر العلاقة بين أمرين؛ أحدهما سبب أو شرط أو مانع للأخر.

من حيث مباشرة الأداء من قبل المكلف

  • الحكم التكليفي: يجب على المكلف القيام بالفعل أو الامتناع عنه.
  • الحكم الوضعي: لا يُقصد به أن يُؤديه المكلف مباشرة، بل وُضع ليتأسس عليه الأحكام التكليفية مثل بلوغ المال النصاب الذي يوجب الزكاة، والقتل الذي يمنع الإرث، والوضوء الذي هو شرط لصحة الصلاة.

من حيث تكليف المخاطب

  • الحكم التكليفي: يشترط أن يكون المخاطب مكلفاً، أي بالغاً وعاقلاً.
  • الحكم الوضعي: لا يتطلب أن يكون المخاطب مكلفاً، بل يتعلق بكونه إنساناً بغض النظر عن التكليف.

من حيث القدرة على الفعل

  • الحكم التكليفي: يجب أن يكون المكلف قادراً على القيام بالفعل أو الامتناع عنه، بشرط عدم وجود مشقة أو حرج.
  • الحكم الوضعي: قد يتمكن المكلف من تحقيقه، مثل صيغة العقود، أو قد يكون ذلك خارجاً عن إرادته، مثل حولان الحول ودلوك الشمس.

أنواع الحكم التكليفي والوضعي

تنقسم الأحكام التكليفية والوضوعية إلى فئات متعددة، نوضحها فيما يلي:

أنواع الحكم التكليفي

  • الواجب: هو طلب فعل يلزم المكلف، ويمكن تمييزه بصيغة تدل على الإلزام أو بسبب ترتب العقوبة على تركه.
  • المندوب: هو طلب فعل غير ملزم، ويمكن تمييزه بعدم دلالة الصيغة على الإلزام أو عدم وجود أدلة تثبت الوجوب.
  • المحرم: هو طلب الكف عن فعل يُلزمه المكلف، ويتم تمييزه بصيغة تدل على الكف أو بوجود أدلة ستكون عقوبة على الفاعل.
  • المكروه: هو طلب الكف عن فعل ليس على وجه اللزوم، ويتم تمييزه بكلمات تُظهر أنه ليس إلزامياً.
  • الإباحة: تعني المساواة بين الفعل والترك، حيث يُمكن للمكلف اختيار أحدهما، ويُثبَت الإباحة إما بعبارة “أحلت” أو عبر الأصل القائل بأن الأصل في الأشياء الإباحة حتى يُثبت حكم آخر.

أنواع الحكم الوضعي

  • السبب: هو ما يُعتبر علامة دالة على مسبّبه، حيث يتطلب وجود السبب وجود المسبب، كما في رؤية الهلال التي تؤدي إلى وجوب صوم رمضان.
  • الشرط: هو ما يتوقف عليه وجود الحكم، ووجوده يستدعي وجود الحكم، مثل الوضوء كشرط لصحة الصلاة.
  • المانع: هو ما يستلزم غياب الحكم، رغم تحقق شروطه وأسبابه، كحالة القتل التي تمنع حق الإرث رغم وجود أسباب الإرث مثل القرابة أو الزواج.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *