مفهوم العصر الطباشيري
يعد الزمن الجيولوجي نظامًا معقدًا ينقسم إلى مجموعة من الحقب الزمنية، ومن ضمنها العصر الطباشيري. يمتد هذا العصر من نهاية العصر الجوراسي، الذي يعود إلى حوالي (146) مليون سنة، حتى بداية العصر الباليوسيني قبل نحو (64) مليون سنة. يُعتبر العصر الطباشيري الأطول في الفترات الجيولوجية، حيث يُشكل بمفرده نحو نصف حقبة الدهر الوسيط.
يشكل نهاية العصر الطباشيري الحد الفاصل بين حقبة الحياة المتوسطة وحقبة الحياة الحديثة، وقد اتسم بظهور الديناصورات والثدييات الصغيرة، بالإضافة إلى تنوع النباتات المزهرة مع النحل والحشرات. كما يعد هذا العصر هي فترة الانقراض الجماعي العظيم.
التنوع البيولوجي في العصر الطباشيري
شهد العصر الطباشيري تنوعًا بيولوجيًا ملحوظًا، حيث تنوعت الأنواع من النباتات المزهرة المعروفة بكاسيات البذور، ما رافقه تطور الحشرات والكائنات الحية التي تعتمد عليها كغذاء. استمرت الصنوبريات في النمو، متفوقة على السرخس البذري والجنكوس والسيكاسيات.
ازدهرت الحياة البحرية أيضًا خلال هذا العصر، حيث تطورت مجموعة متنوعة من الأحياء البحرية إلى مستويات عالية من التنوع، وبرزت الرخويات، التي انتهجت بناء شعاب بحرية جديدة، تتشابه مع الشعاب المرجانية الحديثة. كما تطورت العديد من الحيوانات البرية المفترسة والكبيرة، بالإضافة إلى الزواحف البرمائية وغيرها الكثير.
الحياة البحرية في العصر الطباشيري
شهد العصر الطباشيري ظروفًا جيولوجية متنوعة أدت إلى زيادة كبيرة في التنوع البيولوجي عبر مختلف البيئات، بما في ذلك البيئة البحرية التي احتوت على اللافقاريات مثل النوتيلوس، الكركند، وقنافذ البحر والأمونيت. نذكر هنا بعض هذه الأحياء البحرية التي عاشت وتطورت خلال تلك الحقبة:
الكركند القديم
يُعتبر من الكائنات النادرة التي نجت من الانقراض الجماعي الذي شهدته نهاية العصر الطباشيري. يظهر السلف الأول لهذه الكائنات في السجلات الأحفورية، ولا تزال الاكتشافات الجديدة تظهر في مناطق متنوعة مثل أوروبا، حيث تم العثور على عينة في الحجر الجيري نحو جنوبي شرق ضفة بحيرة فالشت في شمال إيران.
تميز عصر الطباشيري أيضًا بوجود قشريات ديكابودا ذات العشرة أقدام، والتي تشمل الكركند وجراد البحر والروبيان. وقد عثر العلماء على أحافير لـ (22) نوعًا من هذه القشريات، حيث انقرض أكثر من نصفها بحلول نهاية هذا العصر، بينما ازدهر النصف الآخر وتطور حتى وصل أحفاده إلى الحياة الحالية.
سلاحف البحر
كانت بحار العصر الطباشيري مليئة بالزواحف العملاقة مثل الموساصور والبليزيوصورات الطويلة. بلغ طول بعضها نحو (18 م)، مما شكل تهديدًا للعديد من المخلوقات التي كانت تعتبر فريسة لها. ومع ذلك، فإن سلحفاة البحر كانت واحدة من هذه الزواحف التي تجاوزت تلك المخاطر.
سجل أول ظهور للسلاحف قبل (245) مليون سنة، ويعتقد أنها كانت كائنات برية قبل أن تنتقل إلى الحياة البحرية خلال العصر الطباشيري، وقد كانت أكبر بكثير من سلاحف اليوم، حيث بلغ طول أحد أنواعها نحو (3 م).
الحياة البرية في العصر الطباشيري
أسهم ازدهار الحياة النباتية في تطوير الثدييات والزواحف، بما في ذلك الديناصورات مثل الترايسيراتوبس والتيرانوصوروس والإيغوانودون، التي تنوعت بين العواشب وآكلات اللحوم. كما ظهرت الثعابين والسحالي لأول مرة خلال هذه الفترة، وفيما يلي بعض الأمثلة على ذلك.
التيروصورات بلا أسنان
تعتبر من الزواحف الطائرة التي سكنت السماء خلال نهاية العصر الطباشيري، ورغم انقراضها في فترة الانقراض الجماعي، إلا أنها كانت قد سادت قبل ذلك بفضل تنوعها؛ فقد بلغ طول بعض الأنواع مثل الأزداركيدان نحو (12م). عاشت أنواع التيروصورات عديمة الأسنان بالقرب من الأنهار والبحيرات في جميع أنحاء العالم.
وصل عدد الأنواع إلى نحو (100) نوع خلال العصر الطباشيري، تفاوتت بين الزاحفة المجنحة مثل “ornithocheiroids” التي يبلغ طول جناحيها (6 م) وتلك الأصغر مثل “Jeholopterus” التي امتد جناحاها إلى (90 سم) فقط.
السحالي
تشير كلمة “ديناصور” إلى “سحلية رهيبة”، إلا أنه لا يوجد ارتباط مباشر بين السحالي والديناصورات باستثناء العيش في نفس الحقبة الزمنية. على الرغم من الاعتقاد بأن العديد من السحالي قد نجت من الانقراض بفضل حجمها الصغير، فقد اكتشف العلماء أحافير تظهر أن حوالي (85%) من الأنواع قد اختفت عقب اصطدام الكويكب بالأرض في تلك الفترة.