الاختلافات بين النوبة وثقافة النوبيين

التفريق بين النوبة والنوبيين من حيث المفهوم

تعدّ النوبة مجموعة من الشعوب التي تتواجد في منطقة جغرافية مشتركة في ولاية جنوب كردفان بالسودان، والمعروفة بجبال النوبة. ورغم أن أصول هذه الشعوب لا تزال غير واضحة، إلا أنه من المؤكد أنهم ينتمون لأصول أفريقية، وقد وصلوا إلى هذه المنطقة من اتجاهات متعددة على مر العصور. حاليًا، يُعَدّ عدد قبائل النوبة أكثر من خمسين قبيلة، تتحدث لغات متنوعة.

تُشير التقديرات إلى أن عدد النوبة يبلغ حوالي 2.5 مليون نسمة، ومنذ بداية القرن العشرين، تسببت الهجرة في تشكيل مجتمعات نوبية كبيرة في المدن الكبرى في شمال السودان، مثل الخرطوم وبورتسودان. أما النوبيون، فهم قبيلة تعيش على ضفاف نهر النيل عند الحدود بين مصر والسودان، وقد تم نقل العديد منهم خلال فترة بناء السد العالي.

التفريق بين النوبة والنوبيين من حيث النشأة والثقافة

يتضح الفارق بين النوبة والنوبيين من خلال نشأتهما وثقافتهما كما يلي:

النوبة

تُعتبر النوبة من بين سكان تلال النوبة في منطقة كردفان بوسط جنوب السودان، حيث تمتلئ هذه المنطقة بالتضاريس الجرانيتية الوعرة التي ترتفع بشكل حاد عن السهول الطينية الشاسعة. ويتميز سكان هذه المنطقة بتنوعهم من حيث الحجم والمحتوى، حيث يعيش العديد منهم على التلال أو بالقرب منها، مما يؤدي إلى اختلافات طبيعية وثقافية بينهم.

تتحدث جميع قبائل النوبة اللغات النوبية، وهي جزء من عائلة اللغات النيلية الصحراوية، بينما تُعتبر اللغة العربية هي اللغة المشتركة. ويعتمد العديد من سكان النوبة على الزراعة، حيث يمتلكون مزارع واسعة في السهول، ومن بين المحاصيل الرئيسية التي يزرعونها: الدخن، الذرة، السمسم، الفاصوليا، البصل، والفول السوداني، بالإضافة إلى تربيتهم للماشية والأغنام والماعز والحمير والدواجن.

ترتبط ممارساتهم الدينية بالطقوس الزراعية، حيث يقدمون ذبائح حيوانية لأرواح الأجداد، ويُعَدّ رجال الدين وصانعو المطر ذوي مكانة هامة في المجتمع. كما يتم تقديم الماشية أو الأسلحة كجزء من مهور الزواج. تُعتبر رياضتا المصارعة والقتال بالعصي من الأنشطة الثقافية البارزة. وقد عاشت معظم قبائل النوبة في عزلة نسبية حتى القرن التاسع عشر، وتأثرت بشكل ملحوظ نتيجة للاستعمار البريطاني، وذلك قبل حصول السودان على استقلاله في عام 1956م.

النوبيون

يُعتبر النوبيون من نسل الممالك النوبية العظيمة كوش؛ مثل مروي، نوباتيا، دنقلا وعلوة. وتستخدم كلمة “النوبة” للدلالة على المنطقة الواقعة على ضفاف نهر النيل في جنوب مصر، التي تنقسم إلى “النوبة السفلية” بين الشلال الأول والثاني، و”النوبة العليا” التي تقع خلف الشلال الثاني. ومع ذلك، فإنه تاريخيًا لم يكن هناك مملكة أو قبيلة باسم النوبة.

يبدو أن مفهوم “النوبة” قد نشأ خلال عصر النهضة الأوروبية، حيث قام المستكشفون برسم الخرائط بناءً على أعمال الفلكي والجغرافي كلوديوس بطليموس. كان المصريون الأوائل يشيرون إلى شعوب الجنوب باسم “تا سيتي” أو شعب القوس، نظراً لمهارتهم في الرماية. تميزت قبيلة تا سيتي بتنظيمها الجيد، وكانت حضارتهم مشابهة لحضارة المصريين القدماء.

اشتهرت أراضيهم بالذهب الوفير، وكانت تُعتبر البوابة التي تمر من خلالها المنتجات الفاخرة مثل البخور والعاج إلى حضارات مصر ومنطقة البحر الأبيض المتوسط. ساعد الرماة المهرة النوبيين في تكوين قوة عسكرية قوية، حيث غزا الملوك النوبيون مصر وحكموها لقرابة القرن. ولا تزال الآثار تثبت حضارة الملوك النوبيين في كل من مصر والسودان الحديثة، حيث أُقيمت المدن والمعابد والأهرامات الملكية.

تُعدّ فترة ما بعد الكلاسيكية شاهدة على وجود عدد من الممالك النوبية الكبرى، والتي انتهت آخرها في عام 1504، بعد أن انقسمت النوبة بين مصر وسلطنة سنار، مما أدى إلى تعريب الكثير من النوبيين. وقد تم توحيد النوبة مرة أخرى تحت حكم مصر العثمانية في القرن التاسع عشر، ثم ضمن المملكة المصرية من عام 1899 إلى عام 1956.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *