أهمية الدولة في الإسلام
تحظى الدولة في الإسلام بمكانة رفيعة، حيث لا يمكن إرساء الحق وإقامة العدالة بين الأفراد إلا من خلال دولة قوية تكفل ذلك وتحميه. بدأت الدولة الإسلامية منذ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المدينة، حيث كان المسلمون في مكة يواجهون ضعفا وقلة. وقد ظهر هذا التأسيس للدولة كاستجابة حيوية لضرورة ملحة تتمثل في وجود سلطة تتولى فض المنازعات وتنظيم شؤون الناس عبر وضع قوانين تسهم في إنصاف المظلومين ومعاقبة الظالمين.
تعريف الدولة في الإسلام
الدولة في الإسلام هي مجموعة من الأفراد (الشعب) يستقرون على رقعة جغرافية معينة (الأرض) تحت سلطة عليا (السيادة)، حيث تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. ويتحقق الفصل بين الدولة وممارسي الحكم بفضل تفويض من الأمة (الشخصية المعنوية). وتكاملت هذه العناصر والخصائص في الحكومة النبوية التي أسسها الرسول صلى الله عليه وسلم في المدينة، وتتمثل هذه العناصر في ما يلي:
- الشعب: وهم المسلمون من المهاجرين والأنصار.
- النظام: الشريعة الإسلامية.
- أرض الدولة أو إقليمها: المدينة المنورة.
- السلطة أو السيادة: النبي صلى الله عليه وسلم.
- الشخصية المعنوية للدولة: الجماعة الإسلامية.
أركان الدولة في الإسلام
تتكون الدولة من ثلاثة أركان أساسية، وهي:
الشعب
لا يمكن وجود دولة أو قيامها دون وجود رعية، حيث يحصل المواطنون على حقوقهم في المواطنة سواء كانوا من المسلمين أو من أهل الذمة:
- عقد الإسلام
هم الأفراد الذين اعتنقوا الدين الإسلامي وآمنوا به وعملوا بمبادئه كطريقة حياة، دون تمييز بين ألوانهم وأعراقهم وقومياتهم.
- عقد الذمة
يضم من يرضون بأن يكون الإسلام هو القانون الذي يحكمهم، مع احتفاظهم بمعتقداتهم السابقة. ويعني مصطلح الذمة الأمان الذي تمنحه الدولة لرعاياها من غير المسلمين ليتمتعوا بحقوق المواطنة.
الإقليم (دار الإسلام)
عندما يتواجد الشعب، يجب أن يكون له إقليم يستقر فيه، يعمل كمصدر رئيسي لثروات الدولة. وتقع دار الإسلام في مكان مادي محدد (الأرض أو الإقليم)، مما يميزها عن مفهوم الدولة الإسلامية بشكل عام.
السلطة العامة
تعد السلطة العامة هي الجهة المسؤولة عن فرض القوانين التي تميز الدولة عن الأمة. ولا تعتمد الجهة الحاكمة فقط على القوة العسكرية، بل تستند أيضا إلى البيعة التي تعكس رضا الشعب، فضلاً عن أن ممارسات الحاكم مرتبطة بالمبادئ الإسلامية وتتقيد بها.
الهدف العام للدولة في الإسلام
يتمثل الهدف الأساسي للدولة في إقامة القسط، مما يعني ضرورة أن ينظم الناس حياتهم على أساس التوازن والعدل، بحيث لا يطغى أحدهم على الآخر. كما قال تعالى: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ).
يجب أن يشمل مفهوم العدالة كل من الجوانب الاجتماعية، الاقتصادية، الإدارية، السياسية، والقضائية.