الاختلاف بين العلم والمعرفة
تُعتبر مفاهيم العلم والمعرفة موضوعًا شائعًا للتباس لدى الكثيرين، حيث يُعتقد أنهما تشير إلى نفس المعنى. ولكن الاختلاف الجوهري بينهما هو أن “العلم” غالبًا ما يُشير إلى حقل معين من المعارف مثل الفيزياء أو الأحياء أو الكيمياء وما يماثلها. بينما المعرفة تُعتبر أكثر شمولية، إذ تشمل جميع أنواع المعارف التي تنضوي تحت مظلة العلوم. فيمكن لشخص ما أن يجمع المعرفة في مجالات متعددة، بينما العلم يتطلب اختيار تخصص معين والتوسع في دراسته. كما أن العلم يعتمد على مبادئ علمية قابلة للقياس، ويخضع لقوانين طبيعية معينة، بينما المعرفة تعتبر مطلقة وتفتقر إلى الحدود؛ لذا نجد أن العلم مُحدد ومخصص.
العلم
يلتزم العلم أساسًا بالملاحظات والتجارب بهدف دراسة العالم المادي والطبيعي. كل ما يحيط بنا من مكونات هو علم في حد ذاته، يحتاج إلى دراسة وتحليل. فمثلاً، الماء الذي نشربه، والذي يتكون من ذرات الهيدروجين والأكسجين، ويُعتبر علمًا. وكما أن الأقمشة التي نرتديها تُعد علمًا، والهواء الذي نستنشقه، بما يحتويه من غازات متعددة، هو أيضًا مجال للبحث العلمي.
يُعرَف العلم بأنه نظام معرفي يركز على دراسة العالم المادي وعوامله، ويسعى إلى التوصل لملاحظات وتجارب موضوعية ودقيقة. الهدف من العلم هو تحقيق نتائج تفيد البشرية في شتى جوانب الحياة، مما يوفر ظروفًا مثالية للعيش، وذلك من خلال توازن العناصر الأساسية على الكرة الأرضية. وفيما يلي بعض أبرز مجالات العلوم:
- العلوم الطبيعية: مثل علم الأحياء، وعلوم الفضاء، وعلم الفيزياء.
- العلوم الاجتماعية: التي تشمل دراسة المجتمع والإنسان، مثل علم النفس والأنثروبولوجيا.
- العلوم الرسمية: مثل علوم المنطق، وأهمها الرياضيات.
- العلوم التطبيقية: التي تعتمد على العلوم لتطوير تطبيقات جديدة، مثل الهندسة، والطب، والذكاء الاصطناعي.
المعرفة
في محاولة لفهم معنى المعرفة، أشار صموئيل جونسون في قاموسه إلى أن المعرفة نوعان: الأول هو الحصول على المعلومات بنفسك، والثاني هو المصادر التي تُستخدم للبحث عن المعلومات. أما في علم الفلسفة، فتوجد نظرية تُسمى “نظرية المعرفة” تتناول كيفية اكتساب المعرفة من خلال التجارب والخبرات أو التفكير الفطري، كما تشير إلى إمكانية تطور المعرفة مع ظهور أفكار جديدة حول حقائق معينة.
يكتسب الأفراد المعرفة بطرق متعددة، منها الغريزة والعقل والحدس. وبما أن كميات المعرفة المستفادة تختلف باختلاف العمر والخلفية الثقافية ومستوى التعليم، نجد أن الفرد يجمع العديد من المعارف الشخصية من خلال وجوده بجانب والديه، وتعد جودة هذه المعارف عاملاً حاسمًا. كما أن الوجود في بيئة تعليمية يُعزز من مدى ما يتعلمه الشخص، بالمقارنة مع من لم يتلقَ تعليماً كافياً، دون تجاهل أهمية الخلفية الثقافية للفرد ورغبته في تعلم لغات جديدة أو قراءة الكتب أو خوض تجارب جديدة. المعرفة تنقسم إلى أربعة أنواع رئيسية، وهي:
- المعرفة الحقيقية: تتعلق بالمصطلحات والتفاصيل الأساسية في كل مجال علمي، وتعتمد على القدرة على استرجاع المعلومات عند الحاجة.
- المعرفة المفاهيمية: تشير إلى فهم العلاقات بين المبادئ والنماذج والنظريات وتنظيم الحقائق من خلالها لتحقيق أهداف معينة.
- المعرفة الإجرائية: تتعلق بإتقان المهارات والتقنيات اللازمة لتحقيق أهداف محددة، حيث يعتمد الوصول إلى المعرفة على الجسد والحواس والعقل.
- المعرفة ما وراء المعرفية: تشير لبعض الاستراتيجيات التي قد تبدو غير مريحة للبعض، لأنها تتعلق بمعرفة مفاهيم قد تكون غير واضحة وتتطلب الثقة في الحدس.
المعرفة العلمية وخصائصها
توجد مجموعة من الخصائص التي يجب توافرها في المعرفة لتُعتبر عملية، ومن أبرز هذه الخصائص:
- الموضوعية: هي القدرة على قبول الحقائق كما هي، دون تحيز أو تلاعب، مع تجنب التأثيرات الذاتية والتصورات المسبقة.
- إمكانية التحقق: يعتمد العلم على معلومات قابلة للقياس عن طريق الحواس مثل السمع والبصر واللمس، مما يسمح للعلماء بوزن الظواهر بدقة.
- الحياد الأخلاقي: يجب أن يظل هدف العلماء هو المعرفة، مع الحفاظ على القيم الأصيلة؛ فليس من الأخلاقي تصميم أسلحة تُستخدم في الحروب.
- الاستكشاف المنهجي: يعتمد البحث العلمي على منهجية معينة لجمع وتحليل البيانات وتصنيفها، مع اتباع خطوات محددة.
- الموثوقية: تتطلب النتائج العلمية الاعتماد على استنتاجات دقيقة تتسم بالمصداقية في مختلف الظروف.
- الدقة: لا تعتمد الكتابات العلمية على الخيال بل تستند إلى حقائق وأدلة وإحصاءات دقيقة.
- التحديد: لا يكتفي العلماء بالصورة العامة، بل يحددون نتائجهم ويصفون الأشياء بدقة.
- التجريد: يعتمد العلم على التفكير التجريدي، حيث يتركز الاهتمام على الحقائق بدلاً من الشكل الظاهري.
- القدرة على التنبؤ: لا يقتصر دور العلماء على وصف الظواهر، بل يسعون لتوقع ما قد يحدث بناءً على الأدلة العلمية.
الخلاصة
تشير مفاهيم العلم والمعرفة إلى مدى كمية المعلومات التي يمتلكها الفرد، لكن الفرق الجوهري بينهما هو أن المعرفة تمثل مفهومًا أوسع، حيث تنقسم إلى أربعة أنواع رئيسية: الحقيقية، والمفاهيمية، والإجرائية، وما وراء المعرفية. بينما يُعتبر العلم تعبيراً عن التخصص في مجال معين، مع مجالات متنوعة تشمل العلوم الطبيعية والاجتماعية والرسمية والتطبيقية. المعرفة العلمية تحتاج إلى خصائص معينة مثل الموضوعية، والحياد الأخلاقي، والاستكشاف المنهجي، والموثوقية، والدقة، والتحديد، والتجرد، والقدرة على التنبؤ بالمستقبل.