الفروق بين البحث الكمي والنوعي والمختلط
يُعتبر البحث الكمي والنوعي والمختلط أساليب أساسية في مجال البحث العلمي، حيث تشتمل كل طريقة على إجراءات محددة لجمع المعلومات وتحليلها. عند البدء في إجراء بحث، يتعين على الباحث اتخاذ قراريين رئيسيين، الأول يتعلق بأساليب جمع المعلومات وتحديد نوعها، والثاني يتعلق بكيفية تحليل البيانات. وطرق التحليل تختلف باختلاف منهجية البحث. لفهم الفروق بين هذه الطرق، يمكن النظر إلى التعريفات التالية:
البحث الكمي
يُعرف البحث الكمي بأنه دراسة للظواهر تعتمد على جمع البيانات القابلة للقياس، مما يمكّن الباحث من استخدام الأساليب الإحصائية والحسابية. يتم جمع البيانات من خلال استطلاعات الرأي والاستبيانات المغلقة التي تُوزع على عينة كبيرة من المشاركين. وفي نهاية المطاف، يمكن تلخيص هذه البيانات في صيغة أرقام، ومن خلال فهم تلك الأرقام بعمق يمكن اتخاذ الإجراءات المناسبة.
على سبيل المثال، إذا أراد باحث دراسة مقدار الوقت المستغرق من قبل الطبيب لرؤية مريض عند دخوله المستشفى، يمكنه توزيع استبيان على المرضى حول مستوى رضاهم عن وقت الانتظار وعدد مرات دخولهم المستشفى وغيرها من الأسئلة القابلة للقياس.
تتميز الأبحاث الكمية بالموضوعية والدقة، حيث تكون النتائج محايدة ومنطقية وقابلة للإحصاء، مما يسمح بتعميم النتائج واتخاذ القرارات المناسبة للتحسين.
البحث النوعي
على عكس البحث الكمي، الذي يركز على البيانات الرقمية والتحليل الإحصائي، يتضمن البحث النوعي جمع بيانات غير رقمية مثل النصوص والفيديوهات والصوت. يُستخدم هذا النوع من البحث لفهم المفاهيم والآراء والخبرات وتحقيق رؤية عميقة حول قضايا معينة أو لتطوير أفكار جديدة للأبحاث.
يطبق البحث النوعي عادة في مجالات العلوم الإنسانية والاجتماعية، ويشمل مواضيع مثل التعليم والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع والصحة والتاريخ. يتم جمع المعلومات في هذا النوع من البحث بطرق متعددة تشمل:
- الملاحظة
حيث يتم تسجيل البيانات التي يراها ويسمعها الباحث بطريقة دقيقة.
- المقابلة
يمكن أن تكون المقابلات فردية، وتطرح فيها أسئلة مفتوحة، أو جماعية تُعرف بمجموعات التركيز، حيث يتم طرح أسئلة قابلة للنقاش.
- المسوح والاستبيانات
تُوزع الاستبيانات على العينة، وتتميز الأسئلة المفتوحة فيها بتمكين الأفراد من التعبير عن آرائهم بحرية.
أما تحليل البيانات في البحث النوعي، فيتم عبر تصنيف وتفسير الأنماط، مما يمكّن الباحث من الوصول إلى فهم عميق لقضية معينة أو لربط موضوعين وتحديد العلاقة بينهما. ومع ذلك، من عيوب هذه الطريقة أنها غالباً ما تكون ذاتية وغير قابلة للتعميم، بالإضافة إلى التحديات المرتبطة بإدارة وتحليل البيانات الكبيرة التي يتم جمعها.
البحث المختلط
يتضمن البحث المختلط استخدام أساليب مختلفة تجمع بين عناصر البحث الكمي والنوعي. يساعد هذا النوع من الأبحاث على تحقيق صورة أكثر شمولية للدراسة، حيث يدمج بين فوائد الطريقتين. تُستخدم هذه المنهجية في الأبحاث التي تتطلب قياس بيانات كمية ونوعية معًا، ويمتاز هذا النوع من البحث بقابليته للتعميم وموثوقيته.