فن الغناء في فترة الأندلس التاريخية

أصول فن الغناء في العصر الأندلسي

تميز فن الغناء في الأندلس بقبولٍ واسع بين مختلف فئات المجتمع، حيث لم يتردد أي فريق في احتضانه، حتى أن أفراد من الطبقة الأرستقراطية شاركوا في هذا الفن. وقد اعتمدت الأندلس بشكل كبير على الألحان القادمة من المشرق، إذ بدأ انتشار الغناء في هذه الحقبة بعد وصول زرياب، غلام إسحاق الموصلي، إلى الأمير عبد الرحمن الأوسط، الذي استقبله استقبالاً حافلاً، حيث خصص له راتباً شهرياً قدره مائتي دينار وأعطاه عقارات ومنحًا تقدر بأربعين ألف دينار.

أسس زرياب تقاليد جديدة في عالم الغناء التي تميزت بها الأندلس، حيث كان يبدأ بأداء الأناشيد، ثم ينتقل إلى الأسلوب البسيط، ليختتم بالأهازيج الحماسية. يُذكر أنه لم يكن في الأندلس ساعتها أي شكل من أشكال التدوين الموسيقي، سوى أساليب العرب الشائعة وترانيم الكنائس، مما جعل الغناء شغفاً للعديد من المدن.

ابتداءً من القرن الخامس الهجري، بدأ ملوك قشتالة في استقطاب بعض المغنيين والمغنيات الأندلسيات لتنظيم حفلات غنائية، مما كان له تأثير كبير على تطور الموسيقى في إسبانيا، حيث لم يكن الشعب يعرف قبل ذلك الفن الغنائي العربي وما يرتبط به من موسيقى سوى ترانيم الكنائس.

أصبح الشعب الإسباني على دراية بماهية الآلات الموسيقية العربية المتنوعة وأصبح لديهم مفهوم الألحان المدونة، وبالتالي ساعدت الموسيقى الأندلسية في نقل الموسيقى الأوروبية من نطاق الترانيم الكنسية إلى عالم موسيقى مؤلفة ذات نوت موسيقية دقيقة ومعقدة.

عوامل ازدهار فن الغناء في العصر الأندلسي

تتضمن عوامل تطور فن الغناء في العصر الأندلسي ما يلي:

  • وصول أبي الحسن علي بن نافع المعروف باسم زرياب من بغداد إلى الأندلس، حيث دشن حركة موسيقية جديدة هناك من خلال تأسيس معهد في قرطبة لتعليم الغناء للشبان والشابات، مع تحسينات قدمها كإضافة وتراً خامساً على آلة العود واختراع مضارب جديدة.
  • العناية الكبيرة لأمراء الأندلس بالغناء، وجذبهم لمواهب الجواري المشرقيات الشهيرات في هذا الفن، حيث كانت الجودة الأدبية والغنائية لهذه الفتيات هي الأساس في اختيارهن.
  • جمال الطبيعة الأندلسية الذي ألهم سكانها وجعلهم يتفاعلون مع الغناء الذي يعكس الروعة الثقافية لبيئتهم.
  • دور الجواري المشرقيات في إدخال الشعر المشرقي وموسيقاه إلى الأندلس.

أبرز الفنانين والموسيقين في الأندلس

يتصدر قائمة الأسماء المعروفة في فن الغناء والتلحين ما يلي:

  • زرياب أبو الحسن بن نافع

وصل زرياب إلى الأمير عبد الرحمن الأوسط، حيث أقام حفلات موسيقية ضخمة، وأنشأ معهداً لتدريب المغنيين.

  • جواري عبد الرحمن الداخل

ومن بينهن العجفاء التي تم شراؤها من قبل عبد الرحمن الداخل وكانت تؤدي الغناء في المدينة، كما ضم عبد الرحمن جاريتين أخريتين هما فضل وعلم، بالإضافة إلى جارية رابعة اسمها قلم، ومنفعة التي أُهديت للأمير عبد الرحمن الأوسط.

  • أبو الصلت أمية بن عبد العزيز

تميز بجودة التلحين، وله تأثير ملحوظ على تطوير الألحان الأندلسية في بلاد إفريقية.

  • الفيلسوف ابن باجة

كان شخصية محورية في مجال الموسيقى والألحان في الأندلس، وتلميذه أبو عامر بن الحمارة كان قادرًا على صنع آلات العود وتأليف الشعر وألحانه بنفسه، كما كان يفعل المغنون الأوروبيون في عصره.

  • عباس بن فرناس

قد كان من النماذج البارعة في فن الغناء وكان له ارتباط وثيق به.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *