الفروق بين التفسير المستند إلى الأثر والتفسير القائم على الرأي

التفسير بالمأثور مقابل التفسير بالرأي

قام العلماء بتصنيف أنواع التفسير إلى قسمين رئيسيين: التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي، الذي يعرف أيضًا بالتفسير بالدراية. أضاف بعض العلماء نوعاً ثالثاً يُعرف بالتفسير الإشاري، إلا أنه لم يتم التوافق عليه بشمولية. يُعرّف التفسير بالمأثور بأنه يعتمد على النصوص المستمدة من آيات القرآن الكريم، والسنة النبوية، وآثار الصحابة -رضي الله عنهم-. ويرى البعض أنه يتضمن أيضًا أقوال التابعين. من ناحية أخرى، يقوم التفسير بالرأي على اجتهاد المفسرين ومعرفتهم بقواعد اللغة والأصول، ويعتبر الأكثر شيوعًا في كتب التفسير. له ضوابط محددة. من أبرز المفسرين بالمأثور نجد ابن جرير الطبري -رحمه الله- الذي يعدّ من أبرز المفسرين، وابن عطية الأندلسي -رحمه الله- الذي اعتمد في تفسيره على القرآن والسنة وأقوال الصحابة والتابعين. على الجانب الآخر، يتمثل التفسير بالرأي في أعمال الإمام الزمخشري -رحمه الله-، الذي كان بارعًا في اللغة العربية والفصاحة، واعتبرت تفسيراته نموذجًا مؤثرًا في العديد من المفسرين اللاحقين مثل الإمام الرازي، والبيضاوي، وأبو السعود، والنسفي -رحمهم الله جميعًا-.

أمثلة على التفسير بالمأثور والتفسير بالرأي

أمثلة على التفسير بالمأثور

  • تفسير القرآن بالقرآن: كمثل قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللَّـهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَـٰئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّـهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـٰئِكَ رَفِيقًا}. حيث تبيّن هذه الآية معنى الذين أُنعِمَ عليهم في قوله تعالى: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِم}.
  • تفسير القرآن بالسنة: مثاله قول الله تعالى: {وَأَعِدّوا لَهُم مَا استَطَعتُم مِن قُوَّةٍ}، حيث يفسر ذلك الحديث الذي رواه عقبة -رضي الله عنه- بقوله: (سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وهو علَى المِنْبَرِ يقولُ: {وَأَعِدُّوا لهمْ ما اسْتَطَعْتُمْ مِن قُوَّةٍ}، أَلَا إنَّ القُوَّةَ الرَّمْيُ).
  • تفسير القرآن بالمأثور عن الصحابة: من ذلك تفسير الصحابي ابن عباس -رضي الله عنهما- لقوله تعالى: {إذا جاء نصر الله والفتح}، حيث فسرها باقتراب وفاة رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم-.

أمثلة على التفسير بالرأي

ينقسم التفسير بالرأي إلى نوعين: التفسير المحمود والتفسير المذموم. ومن أمثلة التفسير المحمود تفسير قول الله تعالى: {مَن كانَ يُريدُ الحَياةَ الدُّنيا}، حيث أدرج العلماء تحت هذه الآية كل من يسعى للتمتع بطيبات الدنيا، وهذه الرغبة تنطبق على المؤمن وغير المؤمن، ولكن الآية التالية: {أُولـئِكَ الَّذينَ لَيسَ لَهُم فِي الآخِرَةِ إِلَّا النّارُ} تشير إلى أن غير المؤمن هو المعني في الآية الأولى؛ لأن النار لا تناسب إلا له. أما التفسير المذموم فهو ذلك الذي يقوم به شخص ليس لديه علم كاف بالشرع وبالقرآن، فيفسره وفق أهوائه ورغباته دون مراعاة لأساليب اللغة ومعانيها المختلفة، أو يعبر عن معنى لا يتناسب مع جلال الله سبحانه وتعالى، أو يتدخل في الأمور الغيبية التي استأثر الله بعلمها مسبقًا.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *