الدور الاجتماعي للسياحة
يعتبر القطاع السياحي عنصرًا حيويًا بالنسبة للمجتمعات المختلفة، حيث يلعب دورًا محوريًا في تعزيز الآثار الاجتماعية والثقافية الإيجابية في وجهات السفر، ومنها:
تقليل الفقر
تواجه معظم البلدان النامية تحديات فقر مزمن نتيجة انخفاض الدخل الفردي وقلة الموارد الاقتصادية. يمكن أن تسهم الأنشطة السياحية في تقليل حدة الفقر عبر زيادة الدخل القومي وتوفير فرص العمل. كما تُعتبر السياحة مصدرًا هامًا للعملات الأجنبية وتحفيز التنمية الإقليمية، بالإضافة إلى دورها في تعزيز تسويق الحرف اليدوية المحلية وغيرها من المجالات.
تعزيز التقدم الاجتماعي
تأخذ السياحة والسفر دوراً هاماً في تعزيز النمو الاقتصادي، لكنها أيضًا تدفع عجلة التقدم الاجتماعي على مستوى العالم. مؤشر التقدم الاجتماعي (SPI)، الذي أطلقته مبادرة “ضرورة التقدم الاجتماعي”، يعد أداة شاملة تقيس جودة الحياة دون الاعتماد فقط على المؤشرات الاقتصادية، حيث يعتمد على 50 مقياسًا اجتماعيًا وبيئيًا موزعًا على ثلاثة أبعاد رئيسية هي: الاحتياجات البشرية الأساسية، وأسس الرفاهية، وتكافؤ الفرص.
مع الأخذ بالاعتبار أن الدرجة تتراوح من 0 إلى 100 مع متوسط عالمي يبلغ 64.24، تشير الزيادات في درجات مؤشر التقدم الاجتماعي (SPI) إلى تحسن في المستوى الاجتماعي على مر الزمن. من خلال الأبحاث المشتركة مع المبادرة السابقة، تم إثبات وجود علاقة وثيقة بين بيانات التأثير الاقتصادي للـ WTTC ودرجات مؤشر التقدم الاجتماعي (SPI) خلال العقد الأخير. على وجه التحديد، تؤثر المساهمة الإجمالية للقطاع السياحي (T&T) بشكل إيجابي وبارز على درجات هذا المؤشر، مما يشير إلى أن نمو السفر والسياحة يمكن أن يساهم في خلق فرص ورفع مستوى الرفاهية في المجتمعات.
على سبيل المثال، حققت دول مثل الصين، وكمبوديا، ورواندا، وسريلانكا أداءً متميزًا، حيث شهدت جميعها ازدهارًا سياحيًا سنويًا أدى إلى تجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي للسياحة 8% بين عامي 2011 و2020، وهو ما يفوق متوسط النمو العالمي البالغ 4.1%. بالإضافة إلى ذلك، سجلت هذه الدول زيادة بنسبة 10% في درجات مؤشر التقدم الاجتماعي خلال نفس الفترة (مقارنة بمتوسط الزيادة العالمية الذي يبلغ 6%).
تعزيز الروابط الاجتماعية
تعتبر السياحة من العوامل الفعالة في تعزيز الروابط بين أفراد المجتمع. عادةً ما يتم تجديد الفعاليات والمهرجانات التي كانت تقام بمشاركة السكان المحليين من أجل جذب السياح. كما يمكن للسكان المحليين أن يلعبوا دورًا محوريًا في تطوير السياحة في بلدانهم، مما يتيح لهم تحسين ظروفهم الاقتصادية وزيادة أرباحهم من خلال برامج التدريب المهني المرتبطة بالسياحة وتطوير المهارات التنظيمية.
الحفاظ على الثقافة المحلية
يعتبر العديد من السياح زيارة الوجهات الثقافية جزءًا مهمًا من تجربتهم، حيث يسعون للتعرف على العادات والتقاليد المحلية. على سبيل المثال، يأتي السياح إلى بكين لاستكشاف التاريخ الصيني، إلى تايلاند لتذوق المأكولات المحلية، وإلى البرازيل لحضور كرنفال ريو. تبذل الكثير من البلدان جهودًا حثيثة للحفاظ على تراثها الثقافي، مما يسهم في حماية وإدارة الإرث الثقافي والارتقاء بالثقافات المهددة بالانقراض في أي مجتمع.