إدارة أموال القاصر
تعتبر إدارة أموال القاصر موضوعاً دقيقاً تطرق إليه علماء الشريعة من زوايا متعددة، تشمل حكم الزكاة في تلك الأموال، كما تتناول قضايا مثل التجارة والاستثمار فيها. في السطور التالية، سيتم توضيح بعض النقاط الهامة المتعلقة بهذا الموضوع.
أحكام التعامل مع أموال القاصر
تنطلق القواعد التشريعية الإسلامية في تصرفات الوصي بشأن أموال القاصر من ضرورة مراعاة مصلحة القاصر في جميع الجوانب المالية. وفيما يلي أبرز تلك الجوانب:
- لا يحق للوصي اتخاذ قرارات تصب في مصلحة القاصر، مثل إجراء هبة أو إجراء عمليات بيع وشراء تحمل غبنًا فاحشًا، كما لا يمكنه توجيه وصية بشأن شي من مال القاصر، حتى لو كان الوصي هو والد القاصر.
- يتعين على الوصي أن ينفق على القاصر واليتيم من أموالهما بالمعروف، مع الالتزام بالتسلسل الشرعي للإنفاق، بدءًا بالضروريات، ثم الحاجيات فالكماليات، مثل توفير المزيد من الراحة في المناسبات الخاصة.
- يجب أن يكون الإنفاق وفقًا لما يشرعه الله عز وجل، مع الأخذ في الاعتبار منفعة القاصر بحسب ظروفه واحتياجاته، مع تجنب الإسراف والتبذير.
- للوصي الحق في استثمار الأموال المتاحة وتنميتها، شريطة أن تكون تلك الأموال زائدة عن متطلبات النفقة.
- لا يجوز للوصي إيداع أموال القاصر في البنوك الربوية، إلا في حالة عدم وجود بنوك إسلامية تتيح ذلك.
- اتفق العلماء على أنه لا يجوز للوصي إقراض أموال القاصر لأحد، حيث يعد ذلك نوعًا من تعطيل المال عن فرص الاستثمار.
حكم الزكاة في أموال القاصر
تباينت آراء الفقهاء حول قضية وجوب الزكاة على أموال القاصر، ويمكن تلخيص تلك الآراء كالتالي:
- الرأي الأول: يرى جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة أن الزكاة واجبة في أموال القاصر إذا بلغت النصاب وحال عليها الحول، حيث تعتبر عبادة مالية تشمل القاصر والمجنون، مستندين إلى قوله تعالى: (خُذ مِن أَموالِهِم صَدَقَةً تُطَهِّرُهُم وَتُزَكّيهِم بِها).
- الرأي الثاني: اعتبر الإمام أبو حنيفة أن الزكاة ليست واجبة في أموال القاصر، حيث يُعتبر غير مكلف بالأحكام الشرعية ولا يُطالب بأداء مثل هذه العبادات.
الوصاية على القاصر
توافق فقهاء المذاهب الأربعة على العديد من الجوانب المتعلقة بالوصاية على القاصر وأمواله كالتالي:
- الحنفية: تُرسى الولاية في أموال القاصر للأب، ثم للشخص الذي أوصى به الأب، وبعد ذلك لوصي الوصي، ثم للجد، وبالتسلسل حتى ينتهي الأمر للقاضي أو من يعينه القاضي وصيًا.
- المالكية: تعتبر الولاية على الصغير للأب الرشيد ولا تنتقل الى الجد أو الأخ أو العم إلا بوصية الأب، ثم يلي الأب وصيّه، ثم وصيّ الوصيّ، وفي النهاية تؤول الولاية للحاكم.
- الشافعية: يعتبرون أن الوصاية تتبع الأب ثم وصيه، وبعده الجد ووصيه، لكن الأم تكون أولى في بعض المقولات نظراً لشدة عاطفتها تجاهه، بينما في قول آخر لا تُعطى الأم ولاية على الأب والجد.
- الحنابلة: يرون أن الأب هو ولي القاصر، وتكون الولاية للوصي العادل في غيابه، وفي حال فقد الأب أو الوصي أيًا من الصفات اللازمة، فإن الحاكم هو الولي لمن لا ولي له.