ما الفرق بين التفكيكية والبنيوية؟
تتجلى الفروق بين التفكيكية والبنيوية في كيفية فهم المعرفة. إذ يعتبر التفكيكيون المعرفة تجربة حسية ومعنوية تتم معرفتها من قِبل القارئ أو المتلقي، مما يعني أنهم يحللون المعلومات وفقاً لتجاربهم الفردية وثقافاتهم. بينما في المقابل، ينظر البنيويون إلى المعرفة كمسألة مادية يمكن تحليلها وتنظيمها وفقاً لقواعد تقبلها العقل، مما يساهم في الكشف عن حقيقتها.
تعريف البنيوية لغةً واصطلاحًا
تعرف البنيوية، وفقاً لمعجم المعاني، بأنها تشير إلى كلمة “بنية” أو “هيكل”، حيث تأتي من الجذر “بنى” بمعنى إنشاء الشيء. بينما على الصعيد الاصطلاحي، تعتبر البنيوية نهجاً تحليلياً يطبق في مجالات متعددة من العلوم والمعرفة، وقد كانت أكثر نشاطاً في مجالات اللغة والنقد الأدبي. من هذه الزاوية، تهتم البنيوية بدراسة المكونات والعناصر التي تؤلف العمل الأدبي، وتحلل الروابط بينها مع تجاهل جميع التأثيرات الخارجية.
تعريف التفكيكية لغةً واصطلاحًا
أما التفكيكية، وفقاً لمعلمي المعاني، فتشير إلى التمزيق أو بعثرة الأجزاء. على المستوى الاصطلاحي، تعد التفكيكية منهجاً فلسفياً أكثر من كونه أدبياً أو لغوياً، حيث يركز على تفكيك النص الأدبي ويضع القارئ في موقع القوة، إذ يستطيع كل قارئ أن يفسر النص بطريقة فريدة تعكس طريقته في التحليل. وبهذا، يمكن اعتبار النص مجرد كيان تجريدي بلا قيمة حتى يتم منح معناه الحقيقي بواسطة القارئ.
كيف تشكلت البنيوية؟
تشكلت البنيوية نتيجة لعوامل متعددة، من بينها أعمال وأفكار فرديناند دي سوسير، الذي يعد رائداً لهذا الاتجاه، حيث أشار إلى أن جمالية النص تعتمد على هيكله الخارجي بدلاً من دور الكاتب. وقد تأثرت أيضاً البنيوية بأفكار جماعة براغ والشكلانيين الروس، وكذلك جماعة تل كل، مما ساهم في تعزيز هذا التيار الفكري.
كيف تشكلت التفكيكية؟
رغم كونها تعكس نقيضاً للبنيوية، فإن التفكيكية نشأت في البداية كامتداد لها، ثم تحولت لتصبح رد فعل على تأثير البنيوية التي أعطت العقل دوراً مهماً. وتحت تأثير الأزمات والصراعات، مثل الحربين العالميتين، جاءت التفكيكية لتطرح بديلاً يعتمد على الحواس والمشاعر والمعرفة الذاتية بعيداً عن هيمنة العقل وخيبات الأمل المرتبطة به.
لمن تعود ملكية النص، القارئ أم المؤلف؟
تتأرجح مسألة ملكية النص بين المؤلف والقارئ. طبقاً للنهج البنيوي، يعتبر المعنى المراد من النص هو الفكرة الجوهرية التي أراد المؤلف التعبير عنها. بينما في النهج التفكيكي، يُعتبر المؤلف غير ذي صلة مباشرة، ويقع على عاتق القارئ مسؤولية إضفاء المعنى على النص ووضعه في سياق خاص يتناسب مع رؤيته الذاتية.
