الشاعر الإغريقي هوميروس: حياته وأعماله الأدبية

نبذة تعريفية عن هوميروس

هوميروس هو شاعر إغريقي يعد من أبرز شعراء الملحمة، ويُعتقد أنه مؤلف الملحمتين الشهيرتين: الإلياذة والأوديسة. اختلف المؤرخون حول اسمه الحقيقي، لكنهم اتفقوا على أن “هوميروس” لقب أطلق عليه نتيجة حدث مهم وقع في حياته، ومن ثم صار معروفًا به، بينما تم تجاهل اسمه الأصلي. لذلك، ظهرت تفسيرات متعددة حول هوميروس، ومن أبرز هذه الآراء:

  • الرأي الأول: يعتقد أن كلمة هوميروس تعني “الرهينة”، ويعزو أصحاب هذا الرأي السبب في ذلك إلى كونه أُسر في حرب ما، لكن لم يتمكنوا من تحديد تفاصيل تلك الحرب أو تاريخها.
  • الرأي الثاني: يرون أن هوميروس تعني “المتكلم في المجلس”، بمعنى أن الشاعر كان خطيبًا.
  • الرأي الثالث: يشير بعضهم إلى أن الكلمة مشتقة من “تابع” أو “لاحق”.
  • الرأي الرابع: يعتبر البعض أن هوميروس تعني “كفيف البصر”، وهو الرأي الأكثر شيوعًا ومعقولية.

يُعتقد أن هوميروس كان كفيف البصر، وقد فقد بصره في شبابه، كما أشار في بعض أبيات الأوديسة، مما يعزز الرأي القائل بأن الاسم يشير إلى حالته.

هوميروس: الحقيقة والخرافة

شاع بين المؤرخين جدل حول الاسم الحقيقي لهوميروس، حيث يعتقد البعض أن اسمه هو “ميونيذس”، والذي يعني ابن ميون، وهو ملك ليديا الذي تزوج من والدة هوميروس، كريثيس. وقد وُلد هوميروس في حضن والدته وقت زواجها، وهذا ما أعطى الطفل اسمه، بينما يزعم البعض أن والده كان من الجن. ويرى آخرون أن والد هوميروس هو داماسوغوراس، وأن والدته كانت أثرا، ومكان ميلاده هو مصر. ومع ذلك، يبدو أن الرواية الأكثر قبولًا تشير إلى أن اسمه الأقرب إلى الحقيقة هو ميليسا جينيس، وذلك وفقًا لرواية المؤرخ هيرودوتس.

تفتقر السجلات التاريخية إلى معلومات موثوقة حول نسبه، وعادة ما يتوزع الرأي بين أقوال متعددة. ويعتقد هيرودوتس أن هوميروس عاش في القرن السابع قبل الميلاد، بينما يذهب آخرون إلى أنه قد عاش في القرن التاسع قبل الميلاد. ويفيد هيرودوتس أيضًا بأنه نشأ في مدينة خيوس القديمة الواقعة على ساحل الأناضول في بلاد أيونيا.

لا توجد معلومات دقيقة حول أسرته، رغم أن هوميروس كان يعبر عن أهمية الأنساب ودائها في الإلياذة. ومع ازدياد شهرته، ادعت العديد من المدن اليونانية نسبه إليها، مثل أزمير وسلاميس ورودس وخيوس وأثينا. ويُعتقد أن هوميروس وُلد في أزمير على ضفاف نهر ميليس، وفقًا لرواية هيرودوتس. وقد تزوجت والدته لاحقًا من معلم المدينة، الذي اعتنى بتربيته بعد وفاة والديه، ثم تولى هوميروس مهنة التعليم في القرية وأسس مجلسًا أدبيًا.

يبدو أن هوميروس قرر السفر إلى أثينا فركب سفينة يقودها أهل ساموس. وعندما وصلوا إلى جزيرة يوس، أصيب هوميروس بمرض شديد، واضطروا للإقامة هناك. رغم الشعبية التي يتمتع بها في تلك الجزيرة، توفي بعد فترة وجيزة، وقررت السلطات المحلية دفنه قرب الشاطئ.

أعمال هوميروس

يُنسب إلى هوميروس عدد من الأعمال الأدبية، لكن يُعتبر عمله الأكثر شهرة هو الإلياذة بالإضافة إلى الأوديسة. تعود كلا الملحمتين إلى فترة تُعرف بعصر النصوص، حيث تعتبر من أهم المصادر الموثوقة حول الثقافة والواقع اليوناني القديم.

الإلياذة

تعد الإلياذة واحدة من أشهر الملاحم في التاريخ، ويعود تاريخها إلى منتصف القرن الثاني عشر قبل الميلاد، وتروي أحداث حرب طروادة، حيث يُزعم أن الحرب اندلعت نتيجة اختطاف الملكة الإغريقية هيلين على يد الأمير الطروادي ياريس. ويدعي هوميروس أن الحرب استمرت لعشر سنوات، على الرغم من أن بعض الباحثين يشيرون إلى أن الإلياذة تغطي فترة زمنية لا تزيد عن ستة وخمسين يومًا.

لا تقتصر الإلياذة على سرد أحداث الحرب فقط، بل تتناول أيضًا “غضب آخيل”، حيث تتبع مسار حياة هذا البطل الإغريقي وعلافته مع قادة الحرب، بدءًا من الشجار الذي دار بين آخيل وأجاممنون وانتهاءً بحدث تمزيق جثة هكتور، كما تشمل الأحداث التي تلت وفاته وفتح طروادة.

الأوديسة

تتعلق الأوديسة بالشخصية الرئيسية أوديسيوس، وتتناول أحداث رحلته للعودة إلى وطنه بعد انتهاء حرب طروادة. على الرغم من وجود آراء متباينة حول ارتباط الأوديسة بالإلياذة، إلا أن نسبة الأعمال إلى هوميروس تعزز بالرغم من الاختلافات اللغوية وتفاوت التفاصيل في المحتوى.

تضم الأوديسة حوالي اثني عشر ألف بيت موزعة على أربعة وعشرين نشيدًا. تتضمن قصصًا تتعلق بأوديسيوس وابنه تليماخوس وزوجته بنيلوبا، مما يجعلها امتدادًا للأحداث التي تكشف عن العواقب التي تلت الحرب والأذى الذي واجهه الأبطال.

السمات الملحمية في أعمال هوميروس

تعد أعمال هوميروس مثالًا رائعًا للملحمة، ومن أبرز مميزاتها:

  • البطولة: تركز الملحمة عادة على مواضيع بطولية وصراع من أجل البقاء، حيث يعتبر البطل هو محور الأحداث.
  • الدين: تعكس الملحمتان تصورات الشعب عن الآلهة ومعتقداته الدينية، كما يتضح في الإلياذة.
  • الظواهر الخارقة: تتضمن الأحداث عناصر خارقة للطبيعة، مثل الكائنات الخارقة والبطولات اللافتة.
  • السرد القصصي: تُروى الأحداث بأسلوب قصصي يمزج بين الخيال والواقع.
  • موضوعية السرد: تسلط الملحمة الضوء على البطولات العامة للشعوب وليس للشاعر نفسه، إذ يختبئ الشاعر خلف أبطاله.
  • تصوير الحياة الاجتماعية: تقدم الملحمة صورة واقعية لحياة الشعوب وعاداتها ومعتقداتها.

تعتبر ملاحم هوميروس من الأقدم في الأدب الإغريقي، وتركت تأثيرًا عميقًا على الشعر الملحمي، حيث تنوعت أشكال عرضها ومحتوياتها الثقافية.

  • الأناشيد الدينية التي تُعبر عن مجد الآلهة وتُلقى في الأعياد العامة.
  • قطع أدبية منقوشة أو مكتوبة على الأواني والأدوات التاريخية.
  • تداول الأشعار الشفهية بين الناس قبل أن يتم توثيقها بشكل مكتوب.

أثر هوميروس في التراث الثقافي العالمي

أثر هوميروس وأعماله الأدبية العريقة على العديد من الثقافات عبر الزمن، حيث تم ترجمة أعماله إلى معظم لغات العالم. يظل تحفيظ ملاحم هوميروس في احتفالات المدن اليونانية تقليدًا متواصلًا، كما يُستحسن قراءة مقاطع من الإلياذة لإثراء أخلاق الناس. وقد قام بعض المثقفين في الحضارات المختلفة بتناقل الإلياذة وتعليمها في المدارس والجامعات، بما في ذلك الثقافات العربية والألمانية.

لوحات وتماثيل خالدة تتعلق بهوميروس

توجد العديد من الأعمال الفنية التي تجسد شخصية هوميروس وأعماله، ومنها:

  • لوحة زيتية لأرسطو مع تمثال نصفي لهوميروس، رسمها الفنان رامبرانت وعُرضت في متحف ذاميت.
  • لوحة زيتية تُظهر هوميروس يتلو بعض قصائد الإلياذة، رسمها Richard Payne Knight وعُرضت في متحف تيت.
  • لوحة تُكرم هوميروس بإكليل من الغار، مع أسماء المدن التي ادعت نسبه، ومعروضة في متحف والترز.
  • تمثال يجسد رأس هوميروس، كان لمؤلفه إدوارد بيري وارين وتم بيعه للحكومة.
  • تمثال نصفي مصنوع من الرخام يعود للقرن الثاني الميلادي، معروض حاليًا في المتحف البريطاني.

اقتباسات من أعمال هوميروس

من أبرز الاقتباسات التي تعكس أعمال هوميروس:

  • من النشيد الأول:

ربة الشعر عن آخيل بن فيلا

أنشيدينا واروي احتداما وبيلا

ذاك كيد عّم الإخاء بلاه

فكرام النفوس ألفت أفولاً

لأذيس أنفذن منحدرات

وفرى الطير والكلاب القيولا

ثم ما شاء زفس من يوم شبت

فتنة بالشقاق تنذر أولى

بين أتريذ سيد القوم ثارت

بصلاها والمجتبى أخيلا

  • ومن النشيد الثاني:

دجا الليل والأرباب والناس نوم

ولكن زفسا نابذ سنة الكرى

بإعزاز آخيل وإهلاك جملة

لدى سفن الإغريق ظل مفكرا

فعن له إرسال رؤيا خبيثة

لاتريذ تغريه بأمر تصورًا

فنادى أنيروسّا وقال” الأفطر

أيا أيها الطيف المداجي مبشرًا

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *