دراسة حول حياة القاضي إياس بن معاوية

نشأة القاضي إياس بن معاوية

يعتبر القاضي إياس بن معاوية واحدًا من أبرز الشخصيات التاريخية في مجال الحكمة والفطنة، حيث يُضرب به المثل في الذكاء والفراسة. وُلِد إياس في اليمامة عام (46هـ – 666م)، وهو ابن معاوية بن قرة بن إياس بن هلال المزني وكنيته أبو واثلة أو أبو وائلة. كان والده وجده من أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، في حين كانت والدته من خراسان. وقد صرّح والده عنه قائلاً: “نِعم الابن، كفاني أمر دنياي وفرّغني لآخرتي.”

وصف القاضي إياس بن معاوية

على الرغم من أن إياس لم يكن جميل الوجه، بل وُصِف بالدِّمامة، إلا أنه كان له سمات مميزة مثل البشرة الحمراء وطول الذراعين، وكان يرتدي الملابس الخشنة والعمائم الملونة. كما كان يتميز بشعره ولحيته البيضاء. كان كثير الكلام ولكن دائماً في الصواب، ومعتز بنفسه، ويميل إلى العجلة في إصدار الأحكام.

أظهر إياس بن معاوية حباً عميقاً لفعل الخير، فلم يخرج أحد من عنده في حاجة دون أن تُقضى حاجته. كما كان يمتاز بذكاء فائق وقدرة على شرح وتحليل القضايا المعقدة، مما جعله مقصداً للصحابة والعلماء للاستشارة، على الرغم من أنهم كانوا أكبر منه سناً.

تمتع إياس بشدة التواضع والورع، وكان يتمتع بسمعة الأمانة والصدق، مما جعل الكثير من الناس يأتمنونه على أموالهم وحاجياتهم، بل منح بعضهم له الوصاية على أولادهم عند شعورهم باقتراب الأجل. اعتمد العدالة كأساس لحكمه، وعمل جاهداً لاسترداد الحقوق لأصحابها.

الحياة العملية للقاضي إياس بن معاوية

قام الخليفة عمر بن عبد العزيز بإرسال رسالة إلى نائبه في العراق، عدي بن أرطأة، يخيّره بين إياس بن معاوية والقاسم بن ربيعة الحرشي لشغل منصب قاضي البصرة، مشددًا على اختيار الأكثر كفاءة. وعندما شعر عدي بالحيرة، نصحه إياس بسؤال فقهاء مصر مثل حسن البصري ومحمد بن سيرين ليعرف من منهم الأحق بالمنصب.

وعندما علم القاسم بن ربيعة بأن عدي بن أرطأة ينوي استشارة الفقهاء، أدرك أن توصيتهم ستنال إياس. فاتجه إلى عدي ليخبره قائلاً: “لا تسأل عني ولا عنه، فهو الأذكى والأحق بالأمر، فعليكم بتوليه”، وبالفعل، قام عدي بتعيين إياس بن معاوية قاضيًا للبصرة.

فطنة وذكاء إياس بن معاوية

هناك العديد من القصص والأحداث التي تُبرز فطنة ودهاء إياس بن معاوية، ومن أبرزها:

  • حين دخل إياس إلى الشام صغيرًا، خصم رجل مسن أمام القاضي، وعندما بادر إياس بالتحدث، قال له القاضي: “اسكت يا صبي”. فرد عليه إياس: “فمن ينطق بحجتي؟”، واستمر النقاش حتى قرر القاضي استشارة عبد الملك بن مروان.
  • سمع إياس يهوديًا يستهزئ بالمسلمين، فقال له: “أفتقول إن كل ما تأكله يُحدثك؟” وأوضح له أن الله تعالى قادر على جعل غذاء أهل الجنة لهم.
  • لاحظ إياس يومًا صوت كلب غريب وسرعان ما عرف أنه كلب غير مألوف لجودة صوته، مما أظهر مدى فطنته.

من أقوال إياس بن معاوية

توجد العديد من الأقوال والحكم المنسوبة للقاضي إياس بن معاوية، منها:

  • احذر من الغريب من العلم حتى وإن كان قليلاً، لأنه قد يُورث ذلة.
  • البخل قيد، والغضب جنون، والسكر مفتاح الشر.
  • من لا يعرف عيبه فهو أحمق.
  • من فقد فضيلة الصدق فقد فقد أعظم أخلاقه.
  • جربت خصال الرجال، فوجدت أن أشرفها صدق اللسان.

وفاة إياس بن معاوية

قبل وفاته، قال إياس بن معاوية: “رأيت في المنام كأنني وأبي على فرسين، فجرينا معًا فلم أسبقه ولم يسبقني”، وقد عاش والده 76 عاماً تقريبًا، ولدى اقتراب أيامه الأخيرة، قال لك من حوله: “ما هي الليلة التي اكتمل فيها عمر أبي”، ثم استسلم للنوم وتوفي عام (122هـ 740م) عن عمر يناهز 76 عامًا.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *