الصور البيانية في قصيدة “أرق على أرق”
تُعد قصيدة “أرق على أرق” للمتنبي واحدة من أبرز قصائده المحورية، حيث تحتوي على العديد من الصور البلاغية المتنوعة. يقول في مطلعها:
- أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
هنا يُشبّه الدموع بالماء المتدفق، وقد استعان بمشبه لازم في صورة استعارة مكنية.
- ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ
إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
في هذا البيت يشبّه المتنبي الفؤاد كأنه إنسان يشعر بالاشتياق، حيث حُذف المشبه به مع الاحتفاظ بشيء من لوازمه كاستعارة مكنية.
- جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي
نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
هنا يُشبه الحب – الهوى – بشيء له نار، وقد أزال المشبه به محسناً استخدام الاستعارة المكنية.
- وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ
فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
هذا الشطر يشبه العشق بشيء له مذاق، حيث تم حذف المشبه به مع بقاء شيء من لوازمه في صورة استعارة مكنية.
- أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ
أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ
هنا نرى استخدام الكناية للدلالة على الخراب المستمر أو تكرار المصائب، إذ تُعتبر الغراب رمزاً للتشاؤم والضرر في الثقافة العربية.
- نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ
جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا
يشبّه المتنبي الدنيا بشيء مادي يجمع بين الأشياء، تم حذف المشبه به مع إبقاء شيء من لوازمه في صورة استعارة مكنية.
- مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ
حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
يستوحي المتنبي الفضاء الواسع ليظهر كشيء ضيق، حيث تم حذف المشبه به مع الاحتفاظ ببعض اللوازم على سبيل الاستعارة المكنية.
- وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ
وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
يرسم صورة الحياة كمصدر للذة والشهية، وقد حُذفت عناصر المشبه به مع بقاء شيء من اللوازم كاستعارة مكنية.
أبيات قصيدة “أرق على أرق”
يقدم المتنبي في قصيدته المعروفة ما يلي:
أَرَقٌ عَلى أَرَقٍ وَمِثلِيَ يَأرَقُ
وَجَوىً يَزيدُ وَعَبرَةٌ تَتَرَقرَقُ
جُهدُ الصَبابَةِ أَن تَكونَ كَما أَرى
عَينٌ مُسَهَّدَةٌ وَقَلبٌ يَخفِقُ
ما لاحَ بَرقٌ أَو تَرَنَّمَ طائِرٌ
إِلّا اِنثَنَيتُ وَلي فُؤادٌ شَيِّقُ
جَرَّبتُ مِن نارِ الهَوى ما تَنطَفي
نارُ الغَضى وَتَكِلُّ عَمّا تُحرِقُ
وَعَذَلتُ أَهلَ العِشقِ حَتّى ذُقتُهُ
فَعَجِبتُ كَيفَ يَموتُ مَن لا يَعشَقُ
وَعَذَرتُهُم وَعَرَفتُ ذَنبِيَ أَنَّني
عَيَّرتُهُم فَلَقيتُ فيهِ ما لَقوا
أَبَني أَبينا نَحنُ أَهلُ مَنازِلٍ
أَبَداً غُرابُ البَينِ فيها يَنعَقُ
نَبكي عَلى الدُنيا وَما مِن مَعشَرٍ
جَمَعَتهُمُ الدُنيا فَلَم يَتَفَرَّقوا
أَينَ الأَكاسِرَةُ الجَبابِرَةُ الأُلى
كَنَزوا الكُنوزَ فَما بَقينَ وَلا بَقوا
مِن كُلِّ مَن ضاقَ الفَضاءُ بِجَيشِهِ
حَتّى ثَوى فَحَواهُ لَحدٌ ضَيِّقُ
خُرسٌ إِذا نودوا كَأَن لَم يَعلَموا
أَنَّ الكَلامَ لَهُم حَلالٌ مُطلَقُ
وَالمَوتُ آتٍ وَالنُفوسُ نَفائِسٌ
وَالمُستَغِرُّ بِما لَدَيهِ الأَحمقُ
وَالمَرءُ يَأمُلُ وَالحَياةُ شَهِيَّةٌ
وَالشَيبُ أَوقَرُ وَالشَبيبَةُ أَنزَقُ
وَلَقَد بَكَيتُ عَلى الشَبابِ وَلِمَّتي
مُسوَدَّةٌ وَلِماءِ وَجهِيَ رَونَقُ
حَذَراً عَلَيهِ قَبلَ يَومِ فِراقِهِ
حَتّى لَكِدتُ بِماءِ جَفنِيَ أَشرَقُ
أَمّا بَنو أَوسِ اِبنِ مَعنِ اِبنِ الرِضا
فَأَعَزُّ مَن تُحدى إِلَيهِ الأَينُقُ
كَبَّرتُ حَولَ دِيارِهِم لَمّا بَدَت
مِنها الشُموسُ وَلَيسَ فيها المَشرِقُ
وَعَجِبتُ مِن أَرضٍ سَحابُ أَكُفِّهِم
مِن فَوقِها وَصُخورُها لا تورِقُ
وَتَفوحُ مِن طيبِ الثَناءِ رَوائِحٌ
لَهُمُ بِكُلِّ مَكانَةٍ تُستَنشَقُ
مِسكِيَّةُ النَفَحاتِ إِلّا أَنَّها
وَحشِيَّةٌ بِسِواهُمُ لا تَعبَقُ
أَمُريدَ مِثلِ مُحَمَّدٍ في عَصرِنا
لا تَبلُنا بِطِلابِ ما لا يُلحَقُ
لَم يَخلُقِ الرَحمَنُ مِثلَ مُحَمَّدٍ
أَبَداً وَظَنّي أَنَّهُ لا يَخلُقُ
يا ذا الَّذي يَهَبُ الجَزيلَ وَعِندَهُ
أَنّي عَلَيهِ بِأَخذِهِ أَتَصَدَّقُ
أَمطِر عَلَيَّ سَحابَ جودِكَ ثَرَّةً
وَاِنظُر إِلَيَّ بِرَحمَةٍ لا أَغرَقُ
كَذَبَ اِبنُ فاعِلَةٍ يَقولُ بِجَهلِهِ
ماتَ الكِرامُ وَأَنتَ حَيٌّ تُرزَقُ
معاني الألفاظ في قصيدة “أرق على أرق”
تضم قصيدة “أرق على أرق” مجموعة من الألفاظ التي تحتاج إلى توضيح، ومنها ما يلي:
المفردة | معنى المفردة |
جوى | جوى يشير إلى شدة العشق والحزن. |
الصبابة | تعبر عن رقة الشوق أو حرارته. |
المستغِر | اسم مفعول بمعنى متغافل. |
أنزق | صيغة تفضيل تدل على الطيش أو الحماقة. |
ثرّة | تشير إلى غزارة الماء. |
الأفكار الرئيسية في قصيدة “أرق على أرق”
تتضمن قصيدة “أرق على أرق” مجموعة من الأفكار الرئيسية، منها:
- توصيف حالة العاشقين وما يعانونه من آلام الحب.
- التعبير عن أحوال الناس في الحياة الدنيا.
- فكرة زوال الدنيا وعدم ديمومتها لأحد.
- البحث في مصير الملوك الذين حكموا ثم انتهوا إلى القبور بعد السماء الواسعة.
- توكيد حتمية الموت كوجه لا مفر منه.
- مدح بني أوس بن معن وذكر سمات الكرم والأخلاق الحميدة لهم.