العصر العباسي الثاني
تُعتبر الخلافة العباسية ثالث نظام خلافي في التاريخ الإسلامي، إذ تأتي بعد الخلافة الراشدة والخلافة الأموية. وقد نشأت الخلافة العباسية بعد نجاح أبناء العباس في الإطاحة ببني أمية. بعد نجاحهم، قام العباسيون بنقل العاصمة من دمشق إلى الكوفة، ثم إلى الأنبار، وأخيراً أسسوا مدينة بغداد، التي أصبحت في ما بعد عاصمة دولتهم.
ازدهرت الخلافة العباسية على مدار ثلاثة قرون، لتصبح بغداد مركزاً للأدب والعلم. وقد أسفرت إقامة الدولة العباسية عن تغييرات جذرية في المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية على مستوى العالم الإسلامي. وصلت الخلافة إلى أوج ازدهارها خلال حكم الخليفة هارون الرشيد وابنه عبد الله المأمون.
ومع اقتراب نهاية القرن التاسع الميلادي، فقد العباسيون السيطرة على الحكم، ليشهد عهدهم النهاية عندما اجتاحت جيوش المغول بغداد، مما أدى إلى تدمير المدينة ومقتل الخليفة المستعصم.
أقسام الدولة العباسية
قسم المؤرخون التاريخ العباسي إلى ثلاث عصور قبل أن تتعرض الدولة للانهيار على يد المغول، وهي:
- العصر العباسي الأول.
- العصر العباسي الثاني.
- العصر العباسي الثالث.
نشأة العصر العباسي الثاني
بدأ العصر العباسي الثاني بخلافة المتوكل على الله في سنة 232 هـ، وانتهى بظهور الدولة البويهية في عام 334 هـ. وقد شهد هذا العصر بروز النفوذ السياسي للأتراك، الذين تمكنوا من تنفيذ هيمنتهم على الخلفاء، مما أسهم في إضعاف الدولة العباسية بشكل ملحوظ.
معالم العصر العباسي الثاني
يتسم العصر العباسي الثاني بسمات متميزة تختلف عن العصر العباسي الأول. فقد اتسم الأول بالقوة والركيزة الزمنية الحقيقية بيد الخلفاء ذوي الشخصية القوية والبراعة السياسية، الذين تمكنوا من الحفاظ على علاقات متينة مع الدول التي دعمَتهم خلال التحضير للانقلاب.
كما كانوا بارعين في إحباط محاولات الأفراد الراغبين في الحصول على النفوذ، رغم ما حدث في الأندلس وبعض مناطق شمال إفريقيا. وقد استطاعوا خلق توازن بين مختلف التيارات السياسية التي ظهرت بعد تأسيس الدولة.
أما في العصر العباسي الثاني، فقد تشهد الأمور تغيرًا كبيرًا، حيث انتقلت الدولة من نظام مركزي قوي إلى نظام لا مركزي، إذ نشأت دول مستقلة تمامًا أو جزئيًا مع الاعتراف بالسلطة الروحية للخلافة.
وطوال هذه الفترة، دخلت شعوب جديدة في المجتمع الإسلامي، مما أدى إلى تأثير تلك الشعوب على الحكم ونتج عنه تراجع مكانة الخلفاء السياسية، فأصبحوا يفتقرون إلى هيبة ووقار أسلافهم في العصر العباسي الأول.
الأدب في العصر العباسي الثاني
على الرغم من الانهيار السياسي الذي صاحب العصر العباسي الثاني، إلا أن الأدب شهد ازدهارًا ملحوظًا، وذلك بفضل مجموعة من العوامل، منها:
- ظهور عدة مراكز أدبية مثل: بغداد، القاهرة، دمشق، حلب، الكوفة، وقرطبة.
- اهتمام الخلفاء بالعلم والأدب والثقافة والفنون.
- تسابق الولاة وحكام الولايات والدول الصغيرة لاستقطاب العلماء والشعراء والأدباء.
الشعر في العصر العباسي الثاني
شهد الشعر في العصر العباسي الثاني تطورًا كبيرًا استنادًا إلى العوامل التالية:
- النضوج العلمي والفكري الذي ميز تلك الفترة.
- اندماج الثقافة العربية مع العديد من الثقافات الأخرى.
- تميز الشعر بالتجديد والابتكار، حيث ظهرت أشكال جديدة من الشعر مثل: الشعر التعليمي، وشكوى الدهر، والوصف.
تطور النثر في العصر العباسي الثاني
تظهر علامة نهضة النثر في هذا العصر من حيث توسيع الموضوعات وتعدد المذاهب وتنوع الفنون، حيث برز النثر الأدبي والعلمي. تم تقسيم النثر الأدبي إلى الكتابة الأدبية التي تشمل النثر الاجتماعي، والنثر القصصي، والتوقيعات، والرسائل. وقد ساهمت عدة عوامل في تطور النثر في هذا العصر، منها:
- الاحتكاك بشعوب وحضارات جديدة ومختلفة.
- توسيع الثقافة العربية نتيجة الاندماج مع الثقافات الأخرى.
- نمو حركة الترجمة بشكل مستمر.