البدء من جديد
يسعى الكثير من الأفراد إلى إحداث تغييرات إيجابية في حياتهم، طامحين إلى بداية جديدة تمثل نقطة تحول في مسيرتهم نحو النجاح المستدام والازدهار. ومع ذلك، يظن البعض أن هذه البداية تتطلب أحداثًا خارجية، مثل تحولات في الحالة الصحية، أو تغيير في الوضع المالي أو الوظيفي، أو حتى اقترانها بمناسبات معينة كالأعياد أو المواسم. وهذا التسويف يدل على اعتقادهم أن قوة خارجية يجب أن تكون الدافع لتغيير حياتهم للأفضل، ما يغفلونه هو أن التغيير الجذري ينبع من داخل الفرد نفسه، وأن الإرادة والعزيمة هما المحركان الرئيسيان لبلوغ النجاح. كما أن التحديات والعقبات التي تعترض الطريق يمكن تجاوزها، وتتيح للفرد اكتساب الخبرات والدروس التي تقوي عزيمته وتساعده على البدء من جديد.
كيفية البدء من جديد
يتساءل كثير من الناس عن كيفية البدء من جديد وإحداث تغيير إيجابي في حياتهم، وما هي الأدوات والممارسات التي تساعد في هذا التحول. يمكن تلخيص هذه التساؤلات بالنقاط التالية:
الدوافع
تُعتبر الدوافع المحرك الأساسي خلف تصرفات الأفراد، كما يشير فرانسيس بيكون بقوله: “نصيب الإنسان موجودٌ بين يديه”. فعندما يمتلك الشخص دوافع قوية، تنبعث لديه الحماسة والطاقة والإدراك، مما يعزز من جودة حياته. وعلى النقيض، يعيش من لا يحظى بدوافع في حالة من الخمول ويقتصر اهتمامه على الأمور السلبية. ويقول دنيس ويتلي: “تتحكم قوة رغباتنا في دوافعنا، وبالتالي في تصرفاتنا”، مما يدل على أهمية الرغبة في النجاح والتجديد. فالدوافع الداخلية تدفع الفرد لتحقيق إنجازات تفوق المتوسط، ويبرز هنا دور استخدام القوى الكامنة بداخلنا بشكل صحيح. يقول رالف والدوامرسون: “ما يوجد أمامنا وما يوجد خلفنا يُعتبر ضئيلاً جداً مقارنة بما يوجد بداخلنا”.
كسب القلوب
تميل قلوب البشر إلى من يحسن إليهم، وتبتعد عن من يسيء إليهم. وقد غرس الإسلام هذا المبدأ العظيم في تعاليم سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم-، حيث يبرز أهمية كسب القلوب وتأثير ذلك على حياة الإنسان. قال تعالى: “إنما المؤمنون إخوة”. من الضروري أن يتحلى المسلم بالصبر عند الغضب، وأن يتصف بالحلم والعفو عند الإساءة. ينبغي على كل فرد أن يشعر الآخرين بقيمتهم وأهميتهم في الحياة، فهذه المبادئ الأساسية تؤدي لكسب قلوب الآخرين. كما قال تعالى: “ولو كنت فظًا غليظ القلب لانفضوا من حولك”. يجب على من يسعى لبدء حياة جديدة أن يتبع النمط اللين والرحيم في تفاعلاته.
الطاقة الكامنة وقود الحياة
يتطلب التغيير نجاحًا وطاقة عالية لبناء الدافع اللازم للتقدم. إذا كانت الحماسة عالية، فإن الطاقة ستكون مكافئة. فالرغبة الداخلية والدوافع تساعد على توليد هذه الطاقة. لكن، يحتاج الفرد بشكل مستمر إلى مصادر جديدة للطاقة، مثل التغذية السليمة، وممارسة الرياضة، وأهمية التنفس في تعزيز النجاح. يقول جورج برنارد شو: “العقل السليم في الجسم السليم”، مشدداً على ضرورة تعزيز كليهما للتمتع بحياة صحية ومتوازنة.
التوجيه الصحيح للقوة
يمتلك كل فرد قوة داخلية تعزز إيمانه وطاعته، وتمكنه من مواجهة التحديات. وهذه القوة لا تقتصر على القوة الجسدية بل تشمل أيضاً قوة العقل والقلب والإرادة. إن استغلال هذه القوة بشكل إيجابي يعزز من الطاعة للأوامر الربانية ويساعد في تحسين الحياة. فالمؤمن القوي أفضل عند الله من المؤمن الضعيف، كما ورد عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم: “المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير”.
اتخاذ القرار
أصبح اتخاذ القرار عنصراً حيوياً في حياة الأفراد، حيث يسعى الجميع للتعبير عن مواهبهم وقدراتهم الفريدة. يبدأ الكثيرون في مرحلة ما من حياتهم بإظهار رغبتهم في ترك بصمة في العالم. وفي بعض الأحيان، تكون هذه القرارات مدفوعة من قبل الأهل، لكن من المهم أن يصل الشخص إلى مرحلة يتخذ فيها قراراته بنفسه، ويحدد أهدافه في الحياة. مهارة اتخاذ القرار يمكن تطويرها بسهولة إذا امتلك الفرد الثقة بالنفس.