التمييز بين الحياء الإيجابي والسلبي في الإسلام

تعريف الحياء

وصف الحافظ ابن حجر الحياء بأنه “خلقٌ يدفع صاحبه إلى الابتعاد عن القبيح، ويحول دون التقصير في حق من له حق”، كما قيل إنه “تغيّرٌ وانكسار يصيب الإنسان نتيجة للخوف من الذم أو التقصير”، ويظهر تأثيره في ملامح الوجه بينما يتمثل في عمق القلب.

أهمية الحياء وضرورة التحلي به

أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكانة الحياء وأثره الإيجابي، حيث قال: (الحياء لا يأتي إلا بخير). يعتبر الحياء من أبرز الأخلاق الحميدة التي يجب على المسلم التحلي بها؛ فالشخص الذي يفتقر إلى الحياء قد ينزلق إلى معاصٍ وأخطاء. فقد قال النبي -عليه الصلاة والسلام-: (إن مما أدرك الناس من كلام النبوة: إذا لم تستح، فاصنع ما شئت)، وهذا يدل على أن فاقد الحياء لا يمتنع عن القيام بأي خطأ.

تمييز الحياء المحمود عن المذموم في الإسلام

ينقسم الحياء إلى نوعين:

  • الحياء المحمود: وهو الذي لا يمنع صاحبه من الحق، فلا يعوقه عن الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر.
  • الحياء المذموم: الذي يمنع الشخص من أداء واجباته وحقوقه، وقد يدفعه لفعل المحرمات.

في جوهره، يُعتبر الحياء خلقاً يدفع الناس إلى الابتعاد عن المنكرات ويعزز من الالتزام بالطاعات والمندوبات. ويعتبر هذا الخلق من أجمل الصفات التي تميز الإنسان عن باقي المخلوقات، حيث يعد أحد أعلى مراتب الأخلاق وأفضلها، إذ لولا الحياء لما كان للضيافة قيمة، ولا وفاء بالعقود، ولا أمانات تؤدى لأصحابها، ولا سُتِرت عورات.

أنواع الحياء المحمود

يمكن تقسيم الحياء المحمود إلى عدة صور، ومنها:

  • حياء من الله -تعالى-: من خلال تعظيمه والشعور بمراقبته، وامتثال أوامره ونواهيه وخجله من النظر إليه بما يخالف أوامره.
  • حياء من الملائكة -عليهم السلام-: عبر شعور المسلم بأن الملائكة ترافقه في كل وقت ومكان، ولا تفارقه إلا عند قضاء الحاجة أو أثناء خلوتهم مع أزواجهم.
  • حياء من الناس: وهو دليل على مروءة الشخص، حيث يتجنب المؤمن إيذاء الآخرين سواء باللسان أو اليد، فلا يتلفظ بالمنكرات ولا يسيء للغير.
  • حياء من النفس: عندما يكون الإنسان بمفرده بعيداً عن الأنظار، فلا يرتكب الذنوب والمعاصي؛ استحياءً من نفسه، وهذا نوع من الحياء يعكس حقيقة خجله من الله -عز وجل-.
  • حياء من الوالدين: يتجلى في بر الوالدين وطاعتهما والإحسان إليهما والابتعاد عن فعل ما قد يزعجهما.
  • حياء من الضيف: من خلال الاستعجال في استقباله وتكريمه وتقديم حسن الضيافة له.

صور الحياء المذموم

الحياء المذموم له صور متنوعة، منها:

  • حياء في طلب العلم: يجب على المسلم أن يتجاوز هذا النوع من الحياء الذي يمنعه من السعي في طلب المعرفة وفهم الأحكام الشرعية سواء كان ذلك مع الرجال أو النساء.
  • حياء من الدعوة إلى الخير: لا ينبغي للحياء أن يمنع الإنسان من قول الحق أو العمل به، سواء بالأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر.
  • فعل ما نهى عنه الشرع: من يتسبب حياؤه في ارتكاب المحرمات أو في ترك واجب أو مندوب، فهذا يعد ضعفاً وليس حياءً؛ فلا يجوز ترك الصلاة الواجبة بسبب ظروف بسيطة مثل وجود الضيوف.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *