الزمان والمكان في رواية أم سعد: دراسة للزمان والمكان وتأثيرهما في السرد

تحليل الزمان والمكان والشخصيات في رواية أم سعد

تدور أحداث رواية أم سعد حول الشخصية الرئيسية، أم سعد، التي تمثل امرأة فلسطينية مُناضلة. تعرضت الأم لصعوبات الحياة وفقدت الأمل في ظروفها القاسية، لكنها لم تفقد كرامتها وعزيمتها على مواجهة التحديات. تشمل الشخصيات الثانوية الأخرى أبو سعد، وسعد، وابن العم، وعبد المولى، وأم ليث، وسعيد، وليث، وحسن، والمختار.

تتجسد أحداث رواية “أم سعد” في أحد المخيمات الفلسطينية، حيث صور كنفاني بأسلوبه الأدبي معاناة السكان وواقع الحياة الصعبة داخل هذه المخيمات، وتجسد شخصية أم سعد المعاناة الحقيقية التي يواجهها الشعب الفلسطيني.

تبدأ الرواية مع استماع أم سعد لنبأ الهزيمة على الراديو في عام 1967م، وتستمر الأحداث في سرد قصة حياتها في المخيم، حيث تعمل في تنظيف المنازل بكدٍ وجهد في مقابل أجر زهيد. على الرغم من هول النبأ، لم تفقد أم سعد صبرها ولا أملها بالعودة إلى وطنها، بل استمرت في دعم أبنائها وتحفيزهم على العمل المقاوم والفدائي.

وحتى ينضم سعد إلى صفوف الفدائيين، يبدأ أخوه سعيد في تلقي تدريبات قتالية. وتشهد الأحداث تحول شخصية أبو سعد من شخص حزين ومكتئب إلى فرد إيجابي يستعيد حيويته وأهدافه الحياتية. وتنتهي الرواية بصورة رمزية تتعلق بالعود الجاف الذي أزهر بعد مغادرة أم سعد المخيم، مما يعكس الأمل للحياة والمستقبل. فإنهاء الرواية يأمل كنفاني في ترك انطباع دائم لدى القراء، مؤكداً على الصورة المثالية لأم سعد وانتمائها العميق لوطنها وشعبها.

مؤلف رواية أم سعد

وُلد غسان فايز كنفاني في 9 نيسان عام 1936م في مدينة عكا شمال فلسطين، وعاش مع أسرته في يافا حتى عام 1948م، حين اضطروا للنزوح. وكان غسان الأكثر هدوءا بين إخوته، والتحق بمدرسة الفرير في يافا، حيث كانت ظروفه المالية متواضعة للغاية، مما اضطره في أحيان كثيرة للاقتراض من أصدقائه.

من الناحية الأدبية، يُعتبر غسان كنفاني كاتبًا فلسطينيًا بارزًا، حيث جذب أسلوبه جميع من قرأ أعماله. ترجمت كتاباته إلى 17 لغة، وشهدت انتشارًا واسعًا في أكثر من 20 دولة. وعلى الرغم من قصر حياته، أصدر كنفاني أكثر من 18 كتابًا بالإضافة إلى عدد كبير من المقالات.

كان غسان عاشقًا للفنون، فرغم بساطة منزله في بيروت، إلا أنه حرص على تزيينه بأعمال فنية من إنتاجه، وشارك في تصميم ملصقات خاصة بالجبهة الشعبية لتحرير فلسطين. من الناحية السياسية، كان كنفاني ناطقًا رسميًا وعضوًا بارزًا في المكتب السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية.

ورغم عدم مشاركته في أية عمليات انتحارية، إلا أن كلماته كانت كافية لتجعل منه هدفًا للموساد الإسرائيلي. استشهد كنفاني في 8 تموز 1972م في بيروت، جراء انفجار سيارة مفخخة على يد عملاء إسرائيليين، وكان برفقته ابنة شقيقته لميس نجم، التي لم يتجاوز عمرها 17 عامًا.

اقتباسات من رواية أم سعد

تحتوي الرواية على العديد من الاقتباسات المعبرة والمليئة بالمعاني العميقة، منها:

  • “الحبوس أنواع يا ابن العم! أنواع المخيم حبس وبيتك حبس والجريدة حبس والراديو حبس والباص والشارع وعيون الناس.. أعمارنا حبس والعشرون سنة الماضية حبس والمختار حبس تتكلم أنت عالحبوس؟ طول عمرك محبوس”.
  • “هذه المرأة تلد الأولاد فيصيروا فدائيين.. هي تخلف وفلسطين تأخذ”.
  • “كل واحد يقول الآن أنا لم أقصد شيئًا.. فلماذا يحدث كل الذي يحدث؟ لماذا؟ لماذا لا يتركون الطريق للذين يقصدون؟ لماذا أنت لا تقصد شيئًا؟…”.
  • “كانت أم سعد علمتني طويلًا كيف يجترح المنفي مفرداته وكيف ينزلها في حياته كما تنزل شفرة المحراث في الأرض”.
  • “حين يسقى فولاذ الرشاشات تضحي له رائحة الخبز، هكذا قال سعد”.
  • “دخلت أم سعد، ففاحت في الغرفة رائحة الريف، وبدت لي كما كانت قبل عشرة أيام.. عشرة أيام فقط! يا إلهي كم تتغير الأمور وكم تتهدم الصروح في عشرة أيام! وضعت صرتها الفقيرة في الركن، وسحبت من فتحتها عرقاً بدا يابساً، ورمته نحوي”.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *