الشاب الظريف: شاعر ذو أسلوب رقيق ورقيق

من هو الشاب الظريف؟

الشاب الظريف هو محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله التلمساني، المعروف بلقب شمس الدين. وُلد في القاهرة، إلا أنه نشأ في دمشق حيث كان والده، أبو الربيع عفيف الدين سليمان بن علي بن عبد الله بن علي بن ياسين العابدي الكومي، يشغل منصب وليّ الخزانة في دمشق.

سبب التسمية بالشاب الظريف

أطلق لقب “الشاب الظريف” عليه بسبب رقة شعره وطابع شخصيته الودود، مما جعله يُعرف بهذا اللقب أكثر من اسمه الحقيقي. كما يكتسب اللقب طابعًا ساخرًا بعض الشيء بسبب ميوله إلى شعر المجون وكثرة تغزله في النساء والغلمان. وقد وصفه والده بأنه “يكثر من إفراط شعره”، مما يدل على تأثير ذلك في كونه صوفيًا طبقًا للطريقة الملامتية التي تتبنى النقد الذاتي.

الحياة الشخصية للشاب الظريف

وُلد الشاب الظريف كما ذُكر سابقًا في القاهرة لكنه انتقل مبكرًا إلى دمشق مع والده بسبب عمله. ترعرع في هذه المدينة واكتسب من تراثها الأدبي حتى وفاة والده، حيث لم تشر المصادر التاريخية إلى تفاصيل أخرى عن حياته الشخصية. وهذا يعود على الأرجح إلى قصر حياته، حيث لم يستطع ترك أثر كبير على الأصعدة الشخصية.

النشأة العلمية للشاب الظريف

تعلم الشاب الظريف على يد والده في مجالس العلم، حيث قرأ كتاب “المنهاج” بمؤلفه ابن شرف النووي، وحصل على الإجازة في ذلك. كما درس على يد القاضي محي الدين النحاس، الذي ذكره الشاب في أشعاره المدح. كما تولى التوجيه على يد الأثير الحلبي، الفقيه المعروف بالتاريخ آنذاك. وقد قيل عنه إنه “شاعر مجيد بن شاعر مجيد” أي أنه وريث أدبي متميز، كما وصفه ابن تغري بردي بأنه “شاعر مميز ظريف شعريته في أوجها”.

وفاة الشاب الظريف

توفي الشاب الظريف في عام 688 هجريًا، وهو لا يزال في ريعان الشباب، حيث لم يتجاوز السابعة والعشرين من عمره. دفن في مقابر الصوفية بدمشق. لم يكن له أشقاء، مما زاد من حزن والده على فقدانه، حيث فقد ابنه بعد فترة قصيرة من فقدانه لأخيه.

قصائد الشاب الظريف في مدح النبي عليه الصلاة والسلام

احتوى ديوان الشاب الظريف على أبيات تمجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومنها:

فَمَا زَالَ نُورُ المُصْطَفَى لائِحًا لَنَا

:::عَلَيْهَا وَأَعْلامُ الحِمَى تَتَشَخَّصُ

وَنَحْنُ إِذَا مَا قَدْ بَدَا عَلَمٌ غَدَا

:::لَنَا مُطْرِبٌ مِنْ أَجْلِ ذَاكَ وَمُرْقِصُ

وَقَالُوا غَداً نَأْتِي دِيَارَ مُحَمَّدٍ

:::فَقُلْتُ لَهُمْ هَذَا الَّذي عَنْهُ أَفْحَصُ

أَنيخُوا فَمَا بَالُ الرّكُوبِ وَإِنَّها

:::عَلى الرَّأْسِ تَمْشِي أَوْ عَلَى العَيْنِ تَشْخصُ

أَلَيْسَ الَّذي لَوْلاهُ لَمْ يَنْجُ مُذْنِبٌ

:::وَلا كَانَ مِنْ نَارِ الجَحِيمِ يُخَلَّصُ

نَبيٌّ لَهُ آياتُ صِدْقٍ تَبَيَّنَتْ

:::فَكُلُّ حَسُودٍ عِنْدَهَا يَتَنغَّصُ

أَغاثَ بِرُحْمَاهُ الغَزَالَةَ إِذْ شَكَتْ

:::وَكَانَ لَهَا في ذَاكَ غَوْثٌ وَمَخْلَصُ

نَبِيٌّ بِأَمْلاكِ السَّماءِ مُؤَيَّدٌ

:::وَبِالمُعْجِزاتِ البيِّناتِ مُخَصَّصُ

أبيات الشاب الظريف في الغزل

تتميز أشعار الشاب الظريف بكثرة غزله وعشقه، ومن تلك الأبيات:

يا رَاقِدَ الطَّرْفِ ما لِلطَّرْفِ إغفاءُ

:::حَدّثْ بِذاكَ فما في الحُبِّ إخْفاءُ

إنَّ اللَّياليَ وَالأيَّامَ مِنْ غَزَلي

:::في الحُسْنِ والحُبّ أَبْناءٌ وأَنباءُ

إذْ كلّ نافرةٍ في الحُبّ آنِسةٌ

:::وَكُلّ مَائِسَةٍ في الحَيِّ خَضْراءُ

وَصَفْوَةُ الدَّهْرِ بَحْرٌ والصّبا سُفُنٌ

:::وَللِخلاعَةِ إرْساءٌ وإسْراءُ

يا ساكِني مِصْر شَمْلُ الشّوْقِ مُجْتَمِعٌ

:::بَعْدَ الفِراقِ وَشَمْلُ الوَصْلِ أَجْزاءُ

كأنّ عَصْرَ الصِّبا مِنْ بَعْدِ فُرْقَتِكُمْ

:::عَصْرُ التّصابي بِهِ لِلّهْوِ إِبْطاءُ

نارَ الهَوَى لَيْس يَخْشَى مِنْكِ قُلْبُ فَتىً

:::يكونُ فيهِ لإبراهيمَ أَرْجَاءُ

أهم قصائد الشاب الظريف

على الرغم من عمر الشاب الظريف القصير، إلا أنه أنتج مجموعة من القصائد الجميلة التي لا تزال تُلقى اهتمامًا حتى اليوم. ومن بين أبرز قصائده:

يا ذا القمر المنير في الآفاق

تعتبر قصيدة “يا ذا القمر” واحدة من القصائد القصيرة، التي تحمل معاني عميقة تشد القلوب:

يا ذَا القَمَرُ المُنيرُ في الآفاقِ

:::الصَّبْرُ فُنِي فِيكَ وَوَجْدِي باقي

كَمْ تَلْسَعني عَقْرَبُ صُدْغَيْكَ عَسَى

:::أَنْ تَسْمَحَ لي مِنْ فِيكَ بالدّرْياقِ

أبدًا بذكرك تنقضي أوقاتي

تعد هذه القصيدة من أجمل ما قيل في الحب، خاصة في الأجواء الصوفية:

أَبدًا بِذكْرِكَ تَنْقَضِي أَوْقَاتِي

:::مَا بَيْنَ سُمَّاري وَفي خَلَواتي

يَا وَاحِدَ الحُسْنِ البَديع لِذاتِهِ

:::أَنَا وَاحِدُ الأَحْزانِ فيكَ لِذَاتي

وَبِحُبِّكَ اشْتَغَلتْ حَواسِي مِثْلَمَا

:::بِجَمالِكَ امْتلأَتْ جَمِيعُ جِهَاتي

حَسْبِي مِنَ اللَّذاتِ فِيكَ صَبَابةً

:::عِنْدِي شُغِلْتُ بِهَا عَنِ اللَّذَّاتِ

وَرِضَايَ أَنِّي فَاعِلٌ بِرِضَاكَ ما

:::تَخْتارُ مِنْ مَحْوِي وَمِنْ إِثْباتي

يَا حَاضِرًا غابَتْ بِهِ عُشَّاقُهُ

:::عَنْ كُلِّ ماضٍ في الزَّمانِ وآتِ

حَاسَبْتُ أَنْفاسِي فَلمْ أَرَ وَاحِدًا

:::مِنْهَا خَلَا وَقْتًا مِنَ الأَوْقَاتِ

وَمُدَلَّهِينَ حَجبْتَ عَنْكَ عُقُولَهُمْ

:::فَهُمُ مِنَ الأَحْياءِ كَالأَمْواتِ

تَتْلو على الهَضَباتِ تَطْلُبُ ناشِدًا

:::مِنْهُمْ كأَنَّك في ذُرَى الهَضَبَاتِ

لَمَّا بكوْا وضَحِكْتُ أَنْكَرَ بَعْضُهُمْ

:::شَأْني وَقَالوا الوَجْدُ بِالعَبراتِ

يمثل الشاب الظريف مثالًا للشاعر الحساس الذي كان لأبوه تأثير كبير على تفسير أشعاره بصبغة صوفية. وقد تنوع شعره بين الغزل والمجون، وكتب قصيدة واحدة في مدح النبي -صلى الله عليه وسلم-.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *