فهم الاختلاف بين الفقير والمسكين

الفارق بين الفقير والمسكين

يعتقد البعض أن كلمتي “المسكين” و”الفقير” تعنيان الشيء نفسه، إلا أنه في الواقع يوجد اختلاف دقيق بين الكلمتين، ويتمثل هذا الفرق في النقاط التالية:

من حيث المعنى اللغوي

تختلف معاني “المسكين” و”الفقير” في اللغة بشكل واضح. “المسكين” هو مصطلح مشتق من “السكون”، ويشير إلى الشخص الذي حصرته ظروف الفقر وجعلته عاجزاً عن الحركة. في حين أن “الفقير” يعني الذي فقد قوته (فقرته) من ظهره، مما يدل على سوء حالته.

وقد حصل اختلاف بين اللغويين حول من هو الأكثر حاجة بينهما. فقد أوضح يونس بن حبيب أن “الفقير” هو الشخص الذي يملك بعض ما يستمر به، بينما “المسكين” هو الذي لا يمتلك شيئًا. وقد وصفهم في بيت شعر:

أما الفقير الذي كانت حلوبته

وفق العيال فلم يترك له سَبَدُ.

أما الأصمعي فقد اعتبر أن “المسكين” قد يكون في حالة أفضل من “الفقير”، مستندًا في رأيه إلى قوله -تعالى- في سورة الكهف: (أَمَّا السَّفِينَةُ فَكَانَتْ لِمَسَاكِينَ)، مما يعني أن المساكين يمتلكون سفينة، وهي علامة على الثروة. وفي آية أخرى جاءت في قوله -تعالى-: (لِلفُقَرَاءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ)، مما يدل على أن حالتهم أكثر سوءًا من حالة المساكين.

من منظور الفقهاء

تتباين التعريفات بين الفقهاء لكل من “الفقير” و”المسكين”، حيث عرّف كل منهم الأمر كما يلي:

  • الحنفية:

تعرف “الفقير” بأنه الشخص الذي يمتلك شيئًا قد يكون أقل من النصاب ويكون مشغولاً بأساسيات احتياجاته مثل الغذاء والملابس. أما “المسكين” فهو من لا يمتلك شيئًا على الإطلاق.

  • المالكية:

وفقًا للمالكية، فإن “الفقير” هو من لا يمتلك قوت يومه، بينما “المسكين” هو من لا يمتلك أي شيء.

  • الشافعية:

يرى الشافعية أن “الفقير” هو من لا يملك دخلاً أو مالاً كافيًا لتلبية احتياجاته، أو أن ماله لا يكفي لنصف حاجاته الأساسية. بينما “المسكين” هو الذي يمتلك بعض المال أو الكسب، ولكنه غير كافٍ لتلبية حاجاته الأساسية، مثل من يحتاج ثمانية دراهم يوميًا لكنه يمتلك أربعة.

  • الحنابلة:

يعرف الحنابلة “الفقير” بأنه من لا يملك مالاً أو كسبًا، أو أن دخله لا يغطي نصف احتياجاته. بينما “المسكين” هو من يحصل على أكثر من نصف احتياجاته أو معظمها.

من حيث كمية الزكاة المخصصة

تباينت آراء الفقهاء حول مقدار الزكاة الذي يستحقه كل من “الفقير” و”المسكين”، ومن هذه الآراء:

  • القول الأول:

يذهب الحنفية إلى أنه يمكن إعطاء الفقير أو المسكين مبلغًا يقل عن النصاب (مئتي درهم)، وإذا أعطي أكثر من ذلك يكون جائزًا ولكنه مكروه.

  • القول الثاني:

وفقًا لرأي أكثرية المالكية والشافعية والحنابلة، فإنه يتم إعطاء الفقير أو المسكين ما يكفيهم ولمن يعولون لمدة سنة كاملة.

  • القول الثالث:

يقول ابن تيمية ورواية أخرى عند الحنابلة، بضرورة إعطاء الفقير أو المسكين ما يؤمن لهم الكفاية المستمرة، مثل فتح مصدر رزق لهم، مما يمكنهم من الاعتماد على أنفسهم لاحقًا.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *