التغيرات السياسية في العصر العباسي
أدناه نستعرض أهم المعلومات المتعلقة بهذه التغيرات:
- استمرت الدولة العباسية لأكثر من خمسة قرون، وقد نشأت على أنقاض الدولة الأموية نتيجة لدعوة سرية أُطلق عليها اسم “الدعوة العباسية”، والتي بدأت من بلدة الحميمة في جنوب الأردن. من الجدير بالذكر أن العباسيين الأوائل لم يظهروا رغبة كبيرة في الحكم، حيث كانوا بجانب الإمام علي بن أبي طالب في صراعه مع بني أمية. لكن الأمويين كانوا يشعرون بالقلق من أبناء العباس.
- أُصدر قرار من قبل الأمويين للإيقاع بالعباسيين، وتم ذلك في بلدة الحميمة، بهدفين رئيسيين: إبعادهم عن الحجاز، ووضعهم تحت الرقابة في دمشق. ومع ذلك، استمرت الدولة العباسية في نشاطها، وأصبح من السهل أن تتوضح معالمها. تم الاتفاق بين أبناء العمومة من آل العباس وآل علي للقضاء على الدولة الأموية، مما جعل الدعوة تأخذ طابع آل البيت النبوي، وتُعزى هذه التحولات إلى زيارة الإمام أبي هاشم عبد الله بن محمد إلى الحميمة.
- زار الإمام أبو هاشم عبد الله بن محمد ابن عمه علي بن عبد الله، وأوصاه بالإمامة من بعده، وقدم له كتابًا يحتوي على أسرار الدعوة. توفي بعد ذلك نتيجة لتسميم وضعه له الخليفة الأموي سليمان بن عبد الملك. بعد أن علم العباسيون بأن أبا هاشم تنازل عن الإمامة، شعروا بالفرح لكنهم أخفوا طمعهم في الحكم، واستمروا في التعبير عن ولائهم لآل محمد، معتبرين أنفسهم الأحق بالخلافة، مما أكسبهم تأييد العلويين والعنصر الفارسي.
- بعد وفاة علي بن عبد الله، تولى ابنه محمد الإمامة، ومن ثم انتقلت إلى ابنه إبراهيم، حيث بدأت الدعوة العباسية تتضح بشكل أكبر. ولكن، لم تكتمل خطته بسبب مروان بن محمد، آخر خليفة أموي، الذي تم القبض عليه وسجنه حتى وفاته. بعدها، تولى أخوه أبو العباس الدعوة وانتقل إلى الكوفة، مما أدى إلى سقوط الكوفة ومبايعة أبي العباس بالخلافة.
أهم الأحداث التي شهدتها الدولة العباسية
يعتقد المؤرخون أن العهد العباسي مر بعدة مراحل، وهي على الشكل التالي:
العصر العباسي الأول (132-232هـ)
يمتاز هذا العصر بلقب “العصر الذهبي” نظرًا لما شهدته من تحولات جذرية وإيجابية، وأبرز ما تحقق فيه كالتالي:
- تعزيز أركان الدولة: حيث تولى حكمها تسعة خلفاء هم: السفاح، المنصور، المهدي، الهادي، الرشيد، الأمين، المأمون، المعتصم، والواثق. وقد شهدت تلك المرحلة العديد من الإنجازات، حيث كرس الخلفاء جهودهم للإصلاحات الداخلية، وبناء المساجد والقصور، وتشجيع الزراعة والتبادل التجاري، بالإضافة إلى تطور العلوم، خاصة في مجالات الفيزياء وابتكار عدد من الاختراعات مثل الساعة المائية.
- تأسيس مدينة بغداد: قام المنصور ببناء مدينة بغداد بعيدًا عن الكوفة بغرض حماية نفسه من الفتن والابتعاد عن العلويين. وسرعان ما أصبحت بغداد أهم مدينة في العالم لثقافتها وفنونها وتجارتها، حيث شهدت ازدهارًا كبيرًا، وتوافد التجار والصناع، وتم بناء المئات من المساجد والعشرات من القصور الفخمة.
العصر العباسي الثاني (232-656هـ)
مرَّ هذا العصر بعدة مراحل تتمثل في:
- مرحلة نفوذ الأتراك على الخلافة العباسية (232-334هـ): خلال هذه المرحلة، سيطر الأتراك على زمام الأمور، مما أحدث تغييرات كبيرة في النظام الإداري للدولة، ومن أبرزها:
- هيمنة العنصر التركي على الحكم: تميزت هذه الفترة بعدم استقرار الخلفاء، حيث كانت سلطتهم اسمية بفضل الهيمنة التركية على الجيش والوزارة. وقد أصبحت الخلافة تمنح فقط لمن يتوافق مع مصالح الأتراك، كما كان للعنصر النسائي دور في شؤون الحكم، كما هو الحال مع أم المستعين.
- ظهور الفتن مثل فتنة الزنج: الزنج هم مجموعة من العبيد السود الذين ينحدرون من شرق إفريقيا، وكانت أعدادهم كبيرة، وعملوا في جماعات بلا أجر. استغل علي بن محمد هذه الظروف ومنحهم أمل التحرر من العبودية، مما أدي إلى استيلائه على البصرة وما حولها، حيث دمرت المدن وانتشر الفساد، وقد ورد أن الزنج قتلوا أكثر من 300000 إنسان في البصرة.
- مرحلة النفوذ البويهي الفارسي (334-447هـ): شهدت هذه المرحلة ظهور دويلات مستقلة عن الخلافة العباسية مثل الدولة الغزنوية في الهند والدولة الحمدانية في حلب والموصل والدولة الإخشيدية في مصر والشام. تولى الخلافة في هذه المرحلة أربعة خلفاء هم: المستكفي، المطيع، الطائع، والقادر، الذي شهد انتهاء الدولة البويهية في عهده.
- مرحلة نفوذ الأتراك السلاجقة (447-656هـ): سيطر السلاجقة على الخلافة حيث استنجد الخليفة القائم بقائد السلاجقة للقضاء على البويهيين، ومرت هذه الفترة بتعاقب اثني عشر خليفة، حيث كان القائم هو الأول والمستعصم هو الأخير. انتهت الدولة العباسية في عهده بسقوط بغداد على يد المغول، مما أدّى إلى انتقالي إلى عصر جديد وهو عصر المماليك.
النظم الإدارية والسياسية في العصر العباسي
اعتمد العباسيون بشكل كبير على الثقافة الفارسية في تأسيس دولتهم، وتأثروا بالنظم الإدارية مثل الدواوين، ومن أبرزها: ديوان الرسائل، ديوان الخاتم، وديوان الترقيع. كما اقتبست الدولة العباسية نظام الوزارة وقلدت الفرس في أزياء رجال الحاشية والموظفين والقضاة. وتم تعيين الفرس في مناصب الوزارة وقيادة الجيش؛ مما ساعد على إحياء الأمجاد الفارسية القديمة. وكان الفرس يميلون إلى الشيعة وتجمعت حولهم الجماهير، حيث كانوا يتجهون إليهم لتلبية حاجاتهم. ونتيجة لذلك، قام الفرس بترجمة الكتب المتعلقة بالحكم الفارسي من الفارسية إلى العربية، مثلما فعل ابن المقفع الذي قام بنقل مجموعة من الكتب والرسائل إضافة إلى حكايات كليلة ودمنة ومنطق أرسطو.