تعريف المدرسة الواقعية الطبيعية
تُعتبر الواقعية إحدى أهم المدارس الأدبية التي تركز على تجسيد الحقيقة بعيدًا عن الخيال. يهدف هذا المذهب الأدبي إلى قياس مدى صدق التعبير من خلال مقارنة النصوص مع الواقع. يرى رواد هذا المنهج أن العالم مرتبط بالإنسان في مختلف جوانبه، ويدعو إلى وصف الأشياء بدقة كما هي في الحياة اليومية.
تسعى الواقعية الطبيعية إلى استنهاض الفكر نحو مستقبل أفضل من خلال فهم القوانين التي تستند إليها تطورات الحياة، وتعزيز قدرة الإنسان على تفسير الطبيعة وما يربطه بالواقع الخارجي. انعكست هذه الأفكار على الأسس والخصائص التي تُميز الأدب الواقعي.
تجعل الواقعية الإنسان ينظر إلى العالم كأنه مادة للتوثيق، مما يتيح له رؤية أوسع وأعمق. لم يكن الهدف من التصوير في هذا النوع من الأدب استخدام المجازات والاستعارات، بل تقديم صورة موضوعية تتجاوز الذاتية والخيال.
تاريخ نشأة المدرسة الواقعية الطبيعية
ظهرت المدرسة الواقعية الطبيعية لأول مرة في القارة الأوروبية، وأثرت لاحقًا على النقد الأدبي العربي نتيجة لتداخل الثقافات العربية والغربية من خلال الأدباء والمثقفين الذين درسوا الأدب الأوروبي. كانت هذه الحركة بمثابة رد فعل على الاتجاهات الرومانسية السائدة.
انتقدت المدرسة الواقعية الطبيعية الرومانسية بسبب مبالغتها في الخيال والهروب من الواقع، مؤكدة على أهمية مواجهة المشكلات الواقعية المرتبطة بحياة الإنسان. دعت إلى الاقتراب من التطورات العلمية والإنجازات المرتبطة بمجالات الطبيعة والجينات والبيولوجيا والفلسفة.
تسعى الواقعية الطبيعية إلى الموضوعية، مع عدم الاعتماد على الخيال في أي شكل من الأشكال، وتهدف إلى تصوير الحياة والطبيعة كما هي، بعيدًا عن أي تزيين أو embellishment. ولذا تفرض المدرسة على المؤلفين التوجه نحو الموضوعية والتخلص من المشاعر والأفكار الخيالية ليتمكنوا من تقديم الحقائق كما هي.
خصائص المدرسة الواقعية الطبيعية
يُعتبر إميل زولا، الذي كتب “الحيوان البشري”، والمفكر الفرنسي غوستاف فلوبير من أبرز رواد المدرسة الواقعية الطبيعية. وفيما يلي بعض الخصائص البارزة لهذه المدرسة:
- تركز المدرسة على تصوير واقع الإنسان في مجتمعه بشكل دقيق وواقعي، بما يشمل النزاعات والظواهر الاجتماعية.
- تولي أهمية كبيرة للتفاصيل مهما كانت، سواء كانت بسيطة أو معقدة، من الأصوات والألوان إلى الحركات.
- تناقش الجوانب السلبية للمجتمع مثل الجهل والفقر والجريمة، وتسعى إلى معالجة هذه القضايا.
- يتبنى الروائيون في هذا الكيان نهج التحليل النصي بطريقة موضوعية، مع الابتعاد عن الآراء الشخصية لرؤية الكاتب.
- تبحث المدرسة عن الأسباب الكامنة وراء الظواهر الأدبية، مما يسمح لها بتحليلها بموضوعية.
- تحاول الربط بين التطورات العلمية والنصوص الأدبية، بجانب الاستفادة من المعارف العلمية المتعلقة بالطبيعة.
- تحث على تعزيز الفكر النقدي لدى القارئ وتمكينه من المشاركة في دراسة وتحليل النصوص، مع تقديم حلول واقعية للتحديات الموجودة.
أسس المدرسة الواقعية الطبيعية في الأدب العربي
إليكم أهم المبادئ المرتبطة بالمدرسة الواقعية الطبيعية في الأدب العربي:
- تستند الأدب الواقعي إلى المجتمع، مسلطة الضوء على قضاياه ومشكلاته، بعيدًا عن الخرافات والمواقف الخيالية.
- توفر الكتابة وضوحًا كبيرًا مع تجنب الغموض، وهو ما يُدرج تحت مبدأ الجمع بين الواقع والملموس. ورغم هذا، فإن عنصر التشويق حاضر باستمرار لجذب انتباه القراء.
- اللغة المستخدمة مُبسطة، مما يسهم في تسهيل التواصل مع مختلف فئات المجتمع ويجعل الأدب أكثر تواصلًا.
- التصوير الدقيق للواقع بكل تفاصيله، مع التركيز على مكونات المجتمع، بعيدًا عن الرموز والغموض، وينبغي أن يكون العمل الأدبي واضحًا وصادقًا.