الفرق بين العتاب واللوم من الناحية اللغوية
العتاب هو مصدر الفعل “عَتَبَ”، ويُشير إلى جملة من المصطلحات مثل اسم الفاعل “عاتب” واسم المفعول “معتوب عليه”. يدل العتاب على اللوم الموجه بسبب تصرف غير مرغوب فيه. يقال مثلاً: عتب صاحبه، أي وجه له اللوم، أو قيل: “وجه عتابًا”، أي أنه قام بمؤاخذته أو انتقاده. في المقابل، يأتي اللوم كمصدر من الفعل “لام”، ويرتبط بمصطلحات مثل اسم الفاعل “لائم” واسم المفعول “ملوم”، ويمثل التوبيخ المتكرر والمبالغ فيه.
يمكن القول إن توبيخ شخص ما هو توبيخه عنيف، مما يعني أن اللوم هنا يتجلى في التأنيب أو المؤاخذة، حيث أن اللائم يعبّر عن استياءه بسبب الأقوال أو الأفعال غير المناسبة.
الفرق بين العتاب واللوم من الناحية الاصطلاحية
يُفهم العتاب في السياقات الاجتماعية على أنه خطاب موجه يحمل ملامة بسبب فقدان المحبة والصداقة أو انتهاك العهود، ويكون نابعًا من الحب والعلاقة القوية. بينما اللوم يمثل توبيخًا لأسلوب الشخص، بهدف إعلامه بخطأه والضرر الناتج عن أفعاله. الفارق بين اللوم والعتاب يعتبر بسيط ولكنه يحمل دلالات مهمة.
تجدر الإشارة إلى أن العتاب واللوم يمثلان وسيلتين شعريتين، حيث يستخدم الشعراء العتاب للتعبير عن موقف تعرضوا له، كتجربة غدر أو تخلي صديق عن صديقه، وبالتالي يكون الغرض تقديم الملامة بعد فترات من الفتور والقطيعة. أما اللوم فيظهر بوضوح في الأعمال التي قام بها الآخرون، والتي سبق التحذير منها.
العتاب واللوم في الشعر العربي
تتعدد نماذج العتاب واللوم في الشعر العربي، نعرض بعضًا منها أدناه:
قصيدة: على قدر الهوى يأتي العتاب
قال أحمد شوقي:
عَلى قَدرِ الهَوى يَأتي العِتابُ
وَمَن عاتَبتُ يَفديهِ الصِحابُ
أَلومُ مُعَذِبي فَأَلومُ نَفسي
فَأُغضِبُها وَيُرضيها العَذابُ
وَلَو أَنّي اِستَطَعتُ لَتُبتُ عَنهُ
وَلَكِن كَيفَ عَن روحي المَتابُ
وَلي قَلبٌ بِأَن يَهوى يُجازى
وَمالِكُهُ بِأَن يَجني يُثابُ
وَلَو وُجِدَ العِقابُ فَعَلتُ لَكِن
نِفارُ الظَبيِ لَيسَ لَهُ عِقابُ
يَلومُ اللائِمونَ وَما رَأَوهُ
وَقِدماً ضاعَ في الناسِ الصَوابُ
صَحَوتُ فَأَنكَرَ السُلوانَ قَلبي
عَلَيَّ وَراجَعَ الطَرَبَ الشَبابُ
قصيدة: بعض هذا العتاب والتفنيد
قال البحتري:
بَعضَ هَذا العِتابِ وَالتَفنيدِ
لَيسَ ذَمُّ الوَفاءِ بِالمَحمودِ
ما بَكَينا عَلى زَرودَ وَلَكِن
نا بَكَينا أَيّامَنا في زَرودِ
وَدُموعُ المُحِبِّ إِن عَصَتِ العذُ
كانَت طَوعَ النَوى وَالصُدودِ
يا لِخُضرٍ يَنُحنَ في القُضُبِ الخُض
رِ عَلى كُلِّ صاحِبٍ مَفقودِ
عاطِلاتٍ بَل حالِياتٍ يُرَدِّد
نَ الشَجى في قَلائِدٍ وَعُقودِ
زِدنَني صَبوَةً وَذَكَّرنَني عَه
داً قَديماً مِن ناقِضٍ لِلعُهودِ
ما يُريدُ الحَمامُ في كُلِّ وادٍ
مِن عَميدٍ صَبٍّ بِغَيرِ عَميدِ
كُلَّما أُخمِدَت لَهُ نارُ شَوقٍ
هِجنَها بِالبُكاءِ وَالتَغريدِ
قصيدة: مهلا نوار أقلي اللوم والعذل
قال حاتم الطائي:
مَهلاً نَوارُ أَقِلّي اللَومَ وَالعَذَلا
وَلا تَقولي لِشَيءٍ فاتَ ما فَعَلا
وَلا تَقولي لِمالٍ كُنتُ مُهلِكَهُ
مَهلاً وَإِن كُنتُ أُعطي الجِنَّ والخبلا
يَرى البَخيلُ سَبيلَ المالِ واحِدَةً
إِنَّ الجواد يَرى في مالِهِ سُبُلا
إِنَّ البَخيلَ إِذا ما ماتَ يَتبَعُهُ
سوءُ الثناء وَيَحوي الوارِثُ الإِبِلا
فَاِصدُق حَديثَكَ إِنَّ المَرءَ يَتبَعُهُ
ما كانَ يَبني إِذا ما نَعشُهُ حُمِلا
لَيتَ البَخيلَ يَراهُ الناسُ كُلُّهُمُ
كَما يَراهُم فَلا يُقرى إِذا نَزَلا
لا تَعذِليني عَلى مالٍ وَصَلتُ بِهِ
رَحماً وَخَيرُ سَبيلِ المالِ ما وَصَلا