يعتبر علم النفس من أهم العلوم الإنسانية، حيث يتخصص في دراسة السلوك البشري بشكل معمق. يركز هذا العلم على جميع جوانب السلوك البشري، سواء تلك الظاهرة للعيان أو الكامنة التي يمكن معرفتها عبر التجارب المعملية. جميع هذه الأبحاث والدراسات النفسية تستند إلى مناهج علمية دقيقة.
تعريف السلوك في علم النفس
- تتعدد المفاهيم والتعريفات المتعلقة بالسلوك في علم النفس، منها تعريفه كحالة التفاعل بين الكائن الحي والبيئة المحيطة به.
- في معظم الحالات، يظهر السلوك كاستجابات مكتسبة للظروف المحيطة، من خلال التعلم والملاحظة، الناتجة عن التجارب والخبرات المتنوعة.
- بالإضافة إلى ذلك، يعتبر السلوك مجموعة من الاستجابات التي يصدرها الفرد تجاه الظروف البيئية المختلفة، حيث تشكل البيئة جميع المؤثرات التي تلعب دورًا في الآلية وراء ظهور السلوك.
- وكذلك يمكن تعريف السلوك على أنه جميع أشكال الاستجابة الكلية التي تظهر لدى الكائن الحي عند مواجهته لمواقف متعددة.
تعريف شمولي للسلوك
يميل بعض علماء النفس إلى تعريف السلوك بأنه نشاط مركب يتكون من ثلاثة جوانب رئيسية، وهي:
- الجانب المعرفي: ويتمثل في مجموعة من العمليات العقلية والمعرفية التي يستخدمها الفرد لفهم الأحداث المحيطة به. هذه العمليات تشمل الإدراك، التعبير اللغوي، التعبير الرمزي، والتذكر، وغيرها.
- الجانب الانفعالي: يركز على الحالة العاطفية والانفعالات التي يمر بها الفرد عند تعرضه لمثيرات خارجية. تظهر هذه الحالة الداخلية في شعور الشخص بالسعادة أو الإحباط، حسب المواقف التي يواجهها.
- الجانب الحركي: يتضمن الاستجابات الجسدية التي تظهر على الفرد عند التعرض لمواقف معينة، مثل الاستجابة للأوامر اللفظية أو الانخراط في الأنشطة البدنية.
أنواع السلوك في علم النفس
يمكن تصنيف أنواع السلوك في علم النفس إلى فئتين رئيسيتين:
أولاً: السلوك الإجرائي
- يشير هذا النوع من السلوك إلى الاستجابات التي تتشكل وتتحدد بناءً على العوامل البيئية، مثل التعليم، العوامل الاجتماعية، الدينية، والاقتصادية.
- بصفة عامة، تكون النتائج المترتبة على السلوك الإجرائي هي المسيطرة عليه، حيث أن المؤثرات البيئية إما تقوي أو تضعف السلوك، أو قد تكون لها آثار غير فعالة.
- قد يكون من الصعب إدراك جميع الظروف المحيطة بالفرد سواء كانت في الحاضر أو الماضي.
ثانياً: السلوك الاستجابي
- هذا النوع من السلوك يتم تحفيزه من خلال المثيرات السابقة له، حيث يظهر السلوك بشكل فوري عقب المثير.
- على سبيل المثال، عند تقطيع البصل، يمكن أن تدمع عيني الشخص على الفور، وهو ما يعتبر سلوكًا غير إرادي.
- السلوك الاستجابي هو سلوك ثابت لا يتأثر بالتغيرات اللاحقة، بل يتأثر فقط بالمثيرات السابقة.
خصائص السلوك في علم النفس
القابلية للتنبؤ
- تعني أن سلوك الإنسان يتبع نظامًا معقدًا، وفي حالة القدرة على تحديد عناصر هذا النظام، يصبح من الممكن التنبؤ بحدوث هذا السلوك.
- يعتقد بعض علماء النفس أن الظروف الاجتماعية والمادية تؤثر على الفرد في الماضي والحاضر، مما يدفع إلى تحديد طبيعة سلوكه.
- ففهم الظروف المختلفة التي تؤثر في حياة الفرد يسهل عملية توقع سلوكه وفقًا للمواقف.
القابلية للقياس
- السلوك الإنساني هو ظاهرة معقدة تتنوع بين سلوك ظاهر يمكن قياسه وسلوك غير ظاهر يصعب قياسه. تباينت الآراء حول طرق قياس السلوك.
- بعض العلماء طوروا أساليب قياس مباشرة مثل الملاحظة، بينما استخدم آخرون أساليب قياس غير مباشرة، مثل اختبارات الذكاء.
القابلية للضبط
- تشير إلى القدرة على إعادة تنظيم المثيرات البيئية التي تسببت في ظهور سلوكيات معينة.
- تتطلب هذه العملية تصميم وتنظيم الأحداث بأسلوب مدروس يهدف إلى إبراز سلوك معين، مع الاعتماد على مبادئ علم النفس.
العوامل المؤثرة في السلوك في علم النفس
- اختلف علماء النفس في تحديد العوامل المؤثرة في السلوك ومدى قوتها، سواء كانت تلك العوامل مكتسبة من البيئة أو موروثة جينيًا.
- يرى بعض العلماء أن السلوك يعود لأسباب وراثية تنتقل عبر الجينات، مثل الذكاء أو لون الشعر.
- بالمقابل، يعتقد آخرون أن السلوك مكتسب ويعتمد على العادات الاجتماعية والنظام الذي ينشأ فيه الفرد.
- كما أجريت دراسات عديدة حول كيفية تأثير العوامل المختلفة في السلوك الإنساني.
أمثلة توضيحية:
- تأثير الألوان: أثبتت دراسات أن الألوان تؤثر على الحالة المزاجية للفرد، مما يظهر في سلوكه. تُستخدم بعض الألوان في العلاج النفسي.
- تأثير الغذاء: تؤثر الأطعمة على سلوك الفرد، وتنفيذاً لذلك تربط دراسات بين نقص العناصر الغذائية والسلوك العدواني.
- وسائل الإعلام: تلعب وسائل الإعلام دورًا في التأثير على السلوك، حيث يشبه تأثير الإنترنت الإدمان، ويوزع العديد من المشاعر والاضطرابات، ولكن عند الاستخدام الإيجابي، له فوائد كبيرة.