الاختلاف بين مفهوم الرازق ومفهوم الرزاق

الاختلاف بين الرازق والرزاق

تُعَدُّ المعرفة بأسماء الله وصفاته من أسمى العلوم وأرقاها، حيث تتجلى حقيقة الإيمان من خلال التعرف على الله -عز وجل- عن كثب. وكلما اجتهد المؤمن في تعلم أسماء الله وصفاته، زاد حبه لله وقربه منه -سبحانه وتعالى-. وقد تطرق العلماء إلى الفرق بين هذين الاسمين العظيمين، ومن أبرز ما جاء في ذلك:

  • يعتبر اسم (الرَّزَّاق) أكثر تفخيمًا من اسم (الرَّازِقِ).

فقد جاءت صيغة (الرَّزَّاق) بصيغة مبالغة، مما يعني الازدياد في الرزق وكثرة المرزوقين. وهذا يعني أن الله -عز وجل- يرزق عددًا كبيرًا من خلقه، وكثيرًا من الرزق أيضًا.

  • من حيث الاقتران بالأسماء الأخرى.

لم يُقترن اسم الله (الرَّازِقِ) بأسماء أخرى، بينما اقترن اسم (الرَّزَّاق) مع اسم (ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ). ويظهر ذلك ككمال زائد يتعلق بالقوة، حيث يتجلى التناهي في القدرة والقوة. وتجدر الإشارة أن الأسماء التي تبدأ بـ (ذو) لا تُعتبر من الأسماء الحسنى في الأغلب، فمعنى (ذي القوة) هو صاحب القوة.

  • من ناحية اللغة.

الاسم (الرَّازِقِ) يُعتبر اسم فاعل، يُعبر عن الذي قدّر الأرزاق قبل خلق العالمين وضمنها. بينما (الرَّزَّاق) هو من صيغ المبالغة على وزن فعّال، ويدل على من يتولى تنفيذ المقدّر في توزيع الرزق.

  • من حيث المعنى.

يقول الحليمي: “الرازق يعني المفيض على عباده بالأرزاق التي تُؤمن قوامهم، فلو لم يكن المنعم -سبحانه- لكانت الحياة تتعكر بتأخر الأرزاق”. وأما الرزاق، فهو الذي يمنح الرزق بعد الرزق، وهو المعطي بكثرة.

ويشير الخطابي إلى أن “الرزاق هو المسؤول عن توزيع الرزق، والمعتمد لكل نفس بما ينمي قوتها. وقد وسّع الله رزقه ورحمته ليشمل كل الخلق، سواء كان ضعيفًا لا حيلة له أو قويًا متمكنًا”.

إن الرازق والرزاق هما من أسمائه -سبحانه وتعالى- التي تعبّر عن صفات الأفعال، والفرق بينها وبين صفات الذات هو أن صفات الذات ملازمة له في كل الأوقات، بينما صفات الأفعال تتعلق بمشيئته -عز وجل-، إن شاء فعلها وإن شاء لم يفعلها.

  • من حيث ورود الأسمين في القرآن الكريم.

ورد اسم (الرَّازِقِ) في القرآن في خمسة مواضع، بينما ذكر (الرَّزَّاق) بصيغة الإفراد في موضع واحد فقط.

الرَّازِق والرَّزَّاق في الكتاب والسنة

كما ذكر آنفًا، فقد ورد الاسمان الجليلان في القرآن الكريم، وهما أيضًا مذكوران في السنة النبوية، لذا يجب توضيح مواقع ورودهما كما يلي:

  • في القرآن الكريم.

اسم الله (الرَّزَّاق) لم يُذكر إلا في موضع واحد، وهو قوله -تعالى-: (إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ). أما اسم الله (الرَّازِقِ) فقد تكرر في خمسة مواضع، وهي كما يلي:

    • قوله -تعالى-: (وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
    • قوله -تعالى-: (وَإِنَّ اللَّـهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
    • قوله -تعالى-: (أَمْ تَسْأَلُهُمْ خَرْجًا فَخَرَاجُ رَبِّكَ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
    • قوله -تعالى-: (وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
    • قوله -تعالى-: (وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).
  • في السنة النبوية.

ورد الإسمان (الرَّازِقِ) و (الرَّزَّاق) في حديث واحد، حيث جاء في رواية واحدة أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قال في حديثٍ رواه أبو داود: “قالَ النَّاسُ: يا رسولَ اللَّهِ، غلا السِّعرُ فسعِّر لَنا، فقالَ رسولُ اللَّهِ -صلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ-: إنَّ اللَّهَ هوَ المسعِّرُ القابضُ الباسطُ الرَّازقُ، وإنِّي لأرجو أن ألقى اللَّهَ وليسَ أحدٌ منكم يطالبني بمظلمةٍ في دمٍ ولا مالٍ”.

في رواية أخرى عند الترمذي، يقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: “إنَّ اللهَ هو المسعِّرُ القابِضُ الباسطُ الرَّزَّاقُ، وإنِّي لأرجو أن ألقَى ربِّي وليسَ أحدٌ منكُم يطلبُني بمظلِمةٍ في دمٍ ولا مالٍ”.

الآثار المترتبة على معرفة هذين الاسمين الجليلين

يجب على المسلم أن يكون مدركًا للآثار الناتجة عن معرفة أسماء الله الحسنى، حيث تشكل تلك الآثار تطبيقًا عمليًا في حياته. ومن أهم تلك الآثار:

  • إدراك أن الله وحده هو الرازق والرزاق لعباده.
  • معرفة أن الرازق هو الجهة الوحيدة المستحقة للعبادة.
  • السعي في أرض الله طلبًا لرزقه.
  • الاستعانة بالله في قضاء الحاجات.
  • شكر الله على رزقه والثبات على طاعته.
  • فهم أن التحليل والتحريم من اختصاص الله وحده.
  • إدراك حكمة الله في توزيع الرزق بين خلقه.
  • الحرص على عدم البخل ومساعدة الآخرين من ما وهبه الله.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *