الضوء وأثره على الرؤية

الضوء والرؤية

تعتبر الرؤية نتيجة لتفاعل معقد يجمع بين كمية معينة من الضوء، العينين، والدّماغ. تعتمد الكائنات الحيّة في قدرتها على الرؤية على انتقال الضوء الذي يعكس الأشياء المحيطة بها إلى العينين. فبدون وجود الضوء، لن تتشكل أي رؤية. نحن نقف على مدى تأثير الضوء بصورة مستمرة في حياتنا اليومية من خلال رؤيتنا للأشياء والألوان والأشكال والمساحات المختلفة من حولنا. يحدد نوع الضوء كيفية ظهور الأشياء، ويعتمد ذلك على تأثيرها على شكلها وتكوينها، إضافة إلى كيفية معالجة الدماغ لتلك المعلومات الضوئية. نتيجة لذلك، يعد تصميم الضوء مسألة معقدة، حيث يرتبط كل عنصر بتأثيرات متبادلة خاصة به.

آلية رؤية الإنسان

تدخل أشعة الضوء إلى العين عبر القرنيّة، وهي الطبقة الشفافة الواقعة في مقدمة العين. ونتيجة لقوة الانكسار في القرنيّة، يتم انحناء أشعة الضوء بشكل يسمح لها بالمرور عبر بؤبؤ العين، الذي يقع في وسط القزحيّة ويفتح ليتيح دخول الضوء. تعمل القزحيّة مثل غالق الكاميرا، حيث يمكنها التحكم في كمية الضوء المدخلة إلى العين من خلال التمدد والانكماش.

تشير القزحيّة إلى النافذة الشفافة التي تحمي العين، بما يسمح للأشياء المحيطة بها بالدخول على شكل موجات ضوئية. تبدأ رحلة الضوء إلى داخل العين من خلال سطح القرنيّة، حيث يُركز الضوء لجمع وتحليل الصور المرئية بفضل موقعها الخارجي. تم تصميم القرنيّة بشكل مذهل، حيث تتمتع بالنعومة والشكل الفريد، مما يجعلها مشابهاً لأرقى العدسات المصنوعة يدوياً. وعندما يحدث أي اضطراب في سطح القرنيّة، يمكن أن تتعطل عملية الرؤية.

بعد تجاوز القزحيّة، تمر أشعة الضوء عبر العدسة البلورية الطبيعية للعين، التي تعمل على تعديل تركيز هذه الأشعة. ثم تسلك الأشعة طريقها عبر جسم زجاجي يشبه الهلام، والذي يملأ حجرة العين ويساهم في الحفاظ على شكلها الكروي.

تصل الأشعة الضوئية إلى نقطة تركيز حادة على شبكة العين، حيث تعمل الشبكية كالفيلم في الكاميرا، مسؤولاً عن التقاط كل الأشعة الضوئية ومعالجتها عبر نبضات عصبية دقيقة تُرسل إلى العصب البصري بواسطة أكثر من مليون ليف عصبي.

تُدخل الأشعة الضوئية العين من زوايا متعددة نظرًا لشكل القرنيّة المخروطي وغير المنتظم، كما أن الشبكيّة تركز على عدة نقاط بدلاً من نقطة واحدة، مما يؤدي إلى عدم وضوح الرؤية. تعمل القرنيّة كواجهة شفافة للعين، إذ تسهّل دخول الضوء وتبدأ عمليات الانكسار، بالإضافة إلى حماية العين من الأجسام الغريبة.

علاوة على ذلك، يتحكم البؤبؤ في كمية الضوء التي تصل إلى العدسة من خلال رفع أو خفض شدة هذا الضوء. بعد ذلك، تركز العدسة الضوء عبر الجسم الزجاجي الذي يدعم الشبكية، وتقوم الشبكية بمعالجة الصورة وتحويلها إلى نبضات كهربائية تُرسل إلى الدماغ عبر العصب البصري. على الرغم من قدرة الإنسان على تحمل ندوب جسدية كبيرة، تؤدي أي تغيرات طفيفة في شكل القرنيّة إلى تأثيرات سلبية على الرؤية، مما يؤدي إلى تشويه الصورة التي تمر عبر الشبكية وتصل إلى الدماغ.

الرؤية في الظلام

يمكننا الرؤية في أماكن مظلمة وبعيدة عن مصدر الضوء، لكن صعوبات في تمييز الألوان قد تظهر في مثل هذه الظروف. تحتوي الشبكية على نوعين من الخلايا الحساسة للضوء: القضبان والمخاريط. تسمح القضبان برؤية الضوء الخافت جداً دون تمييز الألوان، بينما المخاريط تتيح رؤية الألوان لكن لا تعمل في الإضاءة الخافتة. لذا، عندما تتفشى الظلمة، تفقد المخاريط فعاليتها، بينما تبقى القضبان قادرة على الاستجابة للضوء المتاح، مما يجعلنا نرى الأجسام باللون الأبيض والأسود والرمادي.

عندما نكون في الضوء الخافت، نلاحظ أن الرؤية تصبح أكثر وضوحًا، وذلك لأن القضبان تتركز بشكل أكبر في الجزء الخلفي للعين. للتأكيد على ذلك، يمكن الخروج في ليلة صافية وملاحظة كيف يمكن للعين رؤية الألوان الخفيفة والأجسام مثل النجوم بصورة أوضح من الزاوية مقارنة بالمركز.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *