المدرسة المثالية والواقعية في العلاقات الدولية
تمثل المدرستان المثالية والواقعية اثنتين من الرؤى الأساسية في دراسة وتحليل العلاقات الدولية. ترجع جذورهما إلى العصر اليوناني القديم، حيث ظهرت الواقعية كرد فعل على المثالية. فيما يلي ملخص لنشأة كل منهما:
تاريخ المدرسة المثالية في العلاقات الدولية
تُعرف المدرسة المثالية أيضًا بالنظرية الطوباوية أو “Utopianism”، وهي نظرية تشدد على أهمية الالتزام بالقيم الأخلاقية والإنسانية. من أبرز هذه القيم حق الحياة والأمان للإنسان، وبقية حقوقه الأساسية. تهدف المثالية إلى تعزيز المصالح المشتركة بدلاً من التركيز على المصالح الفردية لدولة معينة، وتهتم بما يجب أن تكون عليه هذه الدولة بدلاً من الوضع الراهن. تعمل المثالية على تعزيز أعلى مستوى من الرفاهية الإنسانية.
تتناول المثالية كيف ينبغي أن يتصرف السياسيون بدلاً من التركيز على سلوكهم الفعلي. ترجع الجذور الفلسفية لهذه النظرية إلى الاتجاه المثالي في الفلسفة، ويعتبر الفيلسوف اليوناني أفلاطون واحدًا من أبرز روادها، حيث أسس جمهوريته وفقًا لنظريته المثالية واعتبرها نتاجًا لأبحاثه حول الشكل المثالي للدولة.
في العصر الحديث، يُعزى إلى الفيلسوف الألماني هيغل دوره كأحد رواد المثالية الألمانية، حيث استندت فلسفته إلى مفهوم الروح المطلقة أو الوعي، ورأى أن المادة تابعة للوعي. عرّف الدولة بأنها الروح التي تجسد ذاتها في التاريخ، إلا أن هناك معارضة لهذا الرأي، حيث كان الفيلسوف كارل ماركس من أبرز النقاد لفلسفة هيغل المثالية، مدعياً أن هناك أبعادًا أخرى للأفكار المتعلقة بالدولة وعلاقاتها.
تاريخ المدرسة الواقعية في العلاقات الدولية
تعود جذور النظرية الواقعية إلى المفكر السياسي اليوناني ثيو سيديدس، الذي عاش في الفترة من (460-400 ق.م). توصل إلى أفكاره من خلال دراسته للحرب بين أثينا وأسبرطة، حيث قال إن القوة هي أساس العلاقة بين الدول، وأكد في كتابه “تاريخ الحرب البيلوبونيسية” على أن لكل دولة الحق في السعي لتحقيق مصالحها وزيادة نفوذها.
تمتاز النظرية الواقعية بتركيزها على الوقائع بدلاً من الأفكار المثالية، كما أنها لا تعير اهتمامًا للمثل العليا. تطورت الواقعية في العصور الحديثة، حيث أسهم الفيلسوف توماس هوبز في تشكيل الفكر الواقعي، متبنيًا فكرة صراع البقاء. بالنسبة لهوبز، يعيش الإنسان في حالة صراع مستمر، مما يستدعي وجود سلطة عليا توفر الأمان والاستقرار.
تُعتبر أفكار نيقولا ميكافيلي مُهمة أيضًا، حيث اتخذت من مبدأ فصل الأخلاق عن السياسة قاعدة أساسية في النظرية الواقعية.
مبادئ النظريتين المثالية والواقعية في العلاقات الدولية
مبادئ النظرية المثالية في العلاقات الدولية
- الخيرية
يعتقد المثاليون أن الطبيعة البشرية تميل نحو الخير، ويعتبرون أن الشر هو أمر عرضي. لذا، يجب أن تسعى العلاقات الدولية نحو مصلحة الإنسانية بشكل عام، وتنظم وفقًا لهذا المبدأ بدلاً من الصراع.
- التقدم الإنساني
يعتبر التقدم الإنساني محورًا أساسيًا للنظرية المثالية، حيث ترى أن البشرية تسير نحو الأفضل، وينبغي العمل على بناء حضارة إنسانية مستندة إلى ما يجمع بين البشر وليس ما يفرقهم.
مبادئ النظرية الواقعية في العلاقات الدولية
- فصل الأخلاق عن السياسة
تختلف متطلبات الأخلاق عن متطلبات السياسة الخارجية، مما يجعل من المستحيل دمجهما. كما أن الأنظمة الأخلاقية متنوعة بين الدول، مما يعقد من إمكانية التوصل إلى نظام موحد.
- نفوذ الدولة
تعتبر العلاقات الدولية نظامًا مُساعدًا ذاتيًا، حيث يحق لكل دولة زيادة قوتها ونفوذها والسعي لتحقيق مصالحها، مع دراسة الخيارات المتاحة واختيار الأنسب.
- اللاسلطوية
تشير اللاسلطوية إلى الوضع الذي يحدد العلاقات الدولية، مما يتيح لكل دولة حق تعزيز قوتها ونفوذها.
- الانتهازية
يرى الواقعيون أن الطبيعة البشرية ذات طابع أناني وانتهازى بطبعها.