ازدادت المناقشات حول الدستور وتعديلاته في الفترة الأخيرة، مما دفع العديد من المواطنين لطرح أسئلة تتعلق بتعريف الدستور، وكيفية تعديله أو صياغته أو تغييره، بالإضافة إلى الفرق بين الدستور والإعلان الدستوري.
وكان ذلك بشكل خاص بعد نجاح ثورة 25 يناير وعزل الرئيس حسني مبارك، مما حتم ضرورة إجراء تعديلات دستورية تهدف إلى استعادة حقوق الشعب وحرياته وترسيخ مبادئ الحكم الديمقراطي في البلاد.
تعريف الدستور
يتعدد تعريف الدستور، حيث تختلف التعريفات وفقًا لطبيعة النظام الدستوري والظروف الاقتصادية والسياسية للدولة. كما ينقسم الفقه بشأن تعريف الدستور إلى معيارين رئيسيين:
- المعيار الشكلي: وهو يركز على وجود وثيقة دستورية تتضمن مجموعة من الأحكام والقواعد دون النظر إلى طبيعتها.
- المعيار الموضوعي: يعتمد على مضمون الأحكام والقواعد الدستورية سواء كانت مكتوبة في وثيقة أم لا، حيث يميز أيضًا بين القاعدة القانونية والقاعدة الدستورية، مع الأخذ بعين الاعتبار محتوى النص وليس مكانه.
لذلك، يمكن تعريف الدستور كما يلي:
- مجموعة من القواعد مكتوبة أو غير مكتوبة، تعكس القيم والمبادئ المنظمة للمجتمع، وتحدد حدود وصلاحيات السلطة السياسية، وترتب السلطات وتوضح علاقتها ببعضها البعض مع الحفاظ على واجبات وحقوق الأفراد.
- ينظم الدستور القضايا الداخلية والخارجية للدولة ويحدد شكلها ونظام الحكم، وتعتبر أي وثيقة تتعارض مع أحكام الدستور باطلة.
هناك تعريف آخر للدستور وفق المبادئ العامة للقانون وهو:
- مجموعة من المبادئ الأساسية التي تنظم سلطات الدولة وتوضح حقوق المحكومين والحكام، وتضع الأسس الرئيسية التي تنظم العلاقات بين السلطات العامة المختلفة.
- قال الدكتور إبراهيم أبو خزام إن الدستور هو مجموعة من القواعد التي تصدر عن مشرع دستوري لتنظيم عمل السلطات في الدولة مع مراعاة حقوق وواجبات وحريات المواطنين وحمايتها.
عناصر الدستور
يتضمن الدستور أربعة عناصر رئيسية، وهي:
- المقدمة: المعروفة أيضًا بالديباجة، وهي جزء يحث مشاعر المواطنين وخالية من الأحكام القانونية.
- الجزء التنظيمي: الذي يحدد علاقات السلطات فيما بينها، ويشتمل على بيان يوضح جميع المؤسسات والإجراءات التي يفترض أن يلجأ إليها المواطن لتحقيق أهدافه بطرق قانونية.
- الجزء الخاص بحقوق وحريات المواطن: يتضمن جميع حقوق المواطن مثل حق الانتخاب، وحق المساواة بغض النظر عن الجنس واللون والمعتقدات، وحق التظاهر والإضراب، وكذلك حرياته مثل حرية اختيار وتكوين الأحزاب السياسية.
- الجزء المتعلق بأحكام تعديل الدستور: تتمتع بعض الدساتير بالمرونة وقدرة التغيير في بعض أحكامها، مع الالتزام بشروط معينة مثل إجراء استفتاء شعبي وموافقة الهيئة التشريعية.
أنواع الدستور
وفي إطار الحديث عن تعريف الدستور، نتطرق إلى أنواعه، حيث ينقسم إلى عدة تصنيفات وفقًا لمحددات معينة. فيما يلي نستعرض الأنواع الأساسية للدستور:
الدستور المكتوب والدستور العرفي
- يعرف أيضًا بالمدون وغير المدون.
- الدستور المكتوب: الذي تصدر أحكامه ومبادئه على شكل نصوص قانونية في وثيقة واحدة أو أكثر، وتكون هذه الوثيقة صادرة من جهة مختصة، ولا يشترط أن تكون جميع الأحكام مدونة ولكن الأغلب منها.
- الدستور العرفي: الذي تصدر أحكامه من هيئات غير رسمية، حيث تعتبر هذه الأحكام مبادئ عرفية. والأصح أن يسمى بال دستور غير المدون لأنه يتضمن الأعراف وكذلك أحكام القضاء.
الدستور الجامد والدستور المرن
- الدستور الجامد: الذي يصعب إدخال تعديلات على مبادئه وأحكامه، حيث يكون تعديلها أصعب من تعديل القوانين العادية.
- عند إجراء تعديل في أحكام الدستور الجامد، تُحال الإجراءات إلى هيئة مختلفة عن تلك المسؤولة عن تعديل القوانين.
- الدستور المرن: الذي يمكن تعديل كافة أحكامه بنفس الطريقة المستخدمة في تعديل القوانين العادية، حيث تتولى نفس السلطات المسؤولة عن تعديل هذه القوانين. ويصنف الدستور غير المدون على أنه دستور مرن.
الدستور الدائم والدستور المؤقت
- الدستور الدائم: الذي تُصاغ أحكامه لتنظيم الدولة لأجل غير محدد، ويستخدم هذا المصطلح لتمييزه عن الدستور المدون وغير المدون.
- حيث أن الدستور غير المدون يُعتبر دائمًا لأنه مستند إلى الأحكام والأعراف القضائية السابقة.
- الدستور المؤقت: الذي يُصدر لتنظيم البلاد في فترة زمنية مؤقتة أو حتى إعداد دستور دائم.
- لا يتم الإشارة إلى أنه دائم، بل يُذكر ضمن الأحكام أنه مؤقت، وغالبًا ما تُصدر هذه الدساتير في أوقات الثورات أو الانقلابات بسبب عدم الاستقرار في البلاد.
الدستور الموجز والدستور المطول
- الدستور الموجز: الذي يتميز بأن أحكامه موجزة وعددها محدود، ولا تشمل التفاصيل الدقيقة، مُتروكًا الأمور المعقدة للأعراف.
- الدستور المطول: الذي يتطرق إلى تفاصيل دقيقة ويعالج قضايا من اختصاص المشرع العادي.
الدستور الديمقراطي والدستور غير الديمقراطي
- تُقسم الدساتير إلى ديمقراطية وغير ديمقراطية وفقًا لأسلوب وضعها.
- يتم وضع الدستور الديمقراطي من خلال الاستفتاء أو عبر جمعية تأسيسية، حتى لو كانت الصلاحيات بيد هيئة واحدة.
- بينما يُعتبر الدستور غير الديمقراطي إذا تم وضعه بأسلوب عقد، فهو غير ديمقراطي حتى لو كانت الصلاحيات موزعة على ثلاث سلطات.