الخنساء تعبر عن حزنها لفقدان أخيها

الشاعرة الخنساء

تماضر بنت عمرو بن الحرث بن الشريد السلمية، المعروفة باسم الخنساء، وُلِدت في عام 575 ميلادية. سُمّيت بالخنساء بسبب ارتفاع أرنبتي أنفها. عُرفت الخنساء بجرأتها وقوة شخصيتها، وهو ما يظهر في قصائدها التي تفخر بجود وكرم أهلها. تزوّجت في البداية من ابن عمها، رواحة بن عبد العزيز السلمي، إلا أن زواجهما لم يستمر طويلاً بسبب ميوله إلى القمار. أنجبت منه ولداً، ثم تزوجت من ابن عمها الآخر، مرداس بن أبي عامر السلمي، وأنجبت منه أربعة أبناء. تعتبر الخنساء شاعرة مخضرمة، حيث عاصرت حقبتين زمنيتين: الجاهلية وعصر الإسلام، وقد أسلمت وأسلمت بصلاح. وتوفيت عن عمر يناهز 89 عامًا، قيل أنها توفيت في عام 664 ميلادية.

رثاء الخنساء لأخيها

تعرّض أخوها معاوية للقتل على يد هاشم ودريد في يوم حوزة، مما دفع الخنساء إلى تحريض أخيها صخر لأخذ الثأر. قام صخر بقتل دريد، لكنه جُرح بطعنة أدت إلى وفاته بعد ذلك في يوم الكلاب، مما جعل الخنساء تبكيه حتى فقدت حاستها البصرية. ولهذا، يُعتبر شعر الخنساء في الرثاء، خصوصاً في رثائها لصخر، بينما نادراً ما ذُكر أخوها معاوية في مراثيها.

قصائد الخنساء في رثاء أخيها صخر

تستعرض الخنساء عبر قصائدها حزناً عميقاً ومؤثراً، ومن أبرز ما قالت في رثاء صخر:

قذى بعينكِ أم بالعينِ عوّارُ

قذى بعينكِ أم بالعينِ عوّارُ

أم ذرفت أذْخلتْ من أهلها الدارُ

كأن عيني لذكراه إذا خطرَتْ

فيض يسيل على الخدين مدرارُ

تبكي لصخر هي العبرى وقد ولهتْ

ودونه من جديد التُرب أستارُ

تبكي خناس فما تنفك ما عمرتْ

لها عليه رنين وهي مِفتارُ

تبكي خناس على صخر وحق لها

إذ رابهَا الدهر إن الدهر ضرّارُ

لا بد من ميتة في صرفها عبرٌ

والدهر في صرفه حول وأطوارُ

قد كان فيكم أبو عمرو يسودكمُ

نعم المعمم للداعين نصّارُ

صلب النحيزة وهابٌ إذا منعوا

وفي الحروب جريء الصدر مِهصارُ

يا صخر ورداد ماء قد تناذره

أهل الموارد ما في وردِه عارُ

مشَى السّبنتى إلى هيجاء مُعْضلةٍ

له سلاحان: أنيابٌ وأظفارُ

وما عجول على بَوٍ تطيف به

لها حنينان: إعلان وإسرارُ

تَرْتَعُ ما رَتَعَتْ، حتى إذا ادّكرتْ

فإنما هي إقبال وإدبارُ

لا تسمن الدهر في أرض وإن رَتعتْ

فإنما هي تحنان وتجارُ

يوماً بأوجد منّي يوم فارقني

صخر وللدهر أحلاء وأمرارُ

وإن صخراً لوالينا وسيدنا

وإن صخراً إذا نشطوا لنَحّارُ

وإن صخراً لمقدام إذا ركبوا

وإن صخراً إذا جاعوا لعقّارُ

وإن صخراً لتؤتم الهداة به

كأنّه عَلَمٌ في رأسه نارُ

جلد جميل المحيا كامل ورعٌ

وللحروب غداة الرّوع مسعارُ

حمّال ألوية هبّاط أوديةٍ

شهّاد أنديةٍ للجيش جَرّارُ

نَحّارُ راغيةٍ ملجأ طاغيةٍ

فكّاك عانيّةٍ للعظم جَبّارُ

فقلتُ لما رأيتُ الدهر ليس له

معاتبٌ وحده يسدي ونّيارُ

لقد نعى ابن نهيكٍ لي أخا ثقةٍ

كانت تُترجم عنهُ قبل إخبارُ

فبتّ ساهرةً للنجم أرقبهُ

حتى أتى دون غور النجم أستارُ

لم تره جارةٌ يمشي بساحتها

لريبةٍ حين يخلّي بيتهُ الجارُ

ولا تراه وما في البيت يأكلهُ

لكنّه بارزٌ بالصحن مُهمارُ

ومُطعِم القوم شحماً عندَ مسغبهم

وفي الجُدوب كريم الجد ميسارُ

قد كان خالصتي من كل ذي نسبٍ

فقد أصيب فما للعيش أوطارُ

مثل الرّديني لم تنفد شبيبتهُ

كأنّه تحت طيّ البرد أُسوَارُ

جهم المحيا تضيء الليل صورتُهُ

آباؤه من طوال السَّمك أحرارُ

مُورّث المجد ميمونٌ نقيبتُهُ

ضخم الدسيعة في العزاء مغوَارُ

فرعٌ لفرعٍ كريم غير مؤتشبٍ

جلدُ المريرة عند الجمع فخارُ

في جوف لحٍدٍ مقيمٌ قد تضمّنهُ

في رمسه مقمطرّات وأحجارُ

طلق اليدين لفعل الخير ذو فجرٍ

ضخم الدسيعة بالخيرات أمّارُ

ليَبكِه مُقْتِرٌ أفنى حريبتهُ

دهْرٌ وحالفه بؤسٌ وإقْتارُ

ورفقةٌ حارَ حاديهم بمهلكةٍ

كأن الظلمَ في الطّخية القارُ

لا يمنعُ القومَ إن سالوه خلعتهُ

ولا يجاوزهُ بالليل مرّارُ

أعينِ ألا فابكِ لصخرٍ بدَرّة

أعينِ ألا فابكِ لصخرٍ بدَرّةٍ

إذا الخيلُ من طول الوجيف اقشعرّتِ

إذا زجروها في الصريخ وطابقتْ

طِباقَ كِلابٍ في الهِراش وهَرّتِ

شددت عصابة الحربِ إذ هي مانعٌ

فألقتْ برجليها مريّاً فدرتِ

وكانت إذا ما رامهَا قبلُ حالبٌ

تَقَتْهُ بإيزاغٍ دماً واقمَطَرّتِ

وكان أبو حسّان صخرٌ أصابها

فارغثهَا بالرُّمح حتى أقرّتِ

كراهيةٌ والصبرُ منك سجيّةٌ

إذا ما رحى الحرب العوان استدارتِ

أقاموا جانبي رأسها وترافدوا

على صعبيها يومَ الوغى فأسْبطَرَتِ

عوانٌ ضروسٌ ما يُنادى وليدها

تلقّحُ بالمرّان حتى استمرّتِ

حَلَفْتَ على أهل اللواء ليوضعنَ

فما أحنثتك الخيل حتى أبرّتِ

وخيلٌ تُنادى لا هوادة بينَها

مَرَرتَ لها دون السوام ومُرّتِ

كانّ مدلاً من أسود تبالةٍ

يكونُ لها حيث استدارت وكَرَتِ

يا عيني جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ

يا عيني جودي بدَمعٍ منكِ مَسكُوبِ

كلؤلؤٍ جالَ في الأسماطِ مثقوبِ

إنّي تذكّرتهُ والليلُ معتكرٌ

ففِي فؤاديَ صدعٌ غيرُ مشعوبِ

نِعْمَ الفتى كانَ للأضياف إذا نزلوا

وسائلٍ حلّ بعدَ النومِ محروبِ

كم من منادٍ دعا والليلُ مكتنعٌ

نفّست عنهُ حبال الموت مكروبِ

ومَنْ أسيرٍ بلا شكرٍ جزاكَ بهِ

بِساعِدَيْهِ كُلُومٌ غيرُ تجليبِ

فكَكْتَهُ، ومقالٍ قلتَهُ حسنٍ

بعدَ المقالةِ لم يُؤبَنْ بتكذيبِ

أعينيّ جودا ولا تجمُدا

أعينيّ جودا ولا تجمُدا

ألا تبكيانِ لصخرِ النّدى؟

ألا تبكيانِ الجريءَ الجميلَ

ألا تبكيانِ الفتى السيّدا؟

إذا القومُ مَدّوا بأيديهِمِ

إلى المجدِ مدّ إليكِ يَدا

فنالَ الذي فوقَ أيديهِمِ

من المجدِ ثمّ مضَى مُصْعِداً

يُكَلّفُهُ القومُ ما عالهُمْ

وإنْ كانَ أصغرَهم مولِداً

طويلَ النجادِ رفيعَ العمادِ

قد سادَ عَشيرَتَهُ أمردا

تَرى المجدَ يهوي إلَى بيتهِ

يَرى أفضلَ الكسبِ أنْ يحمدَا

وإنَ ذكرَ المجدُ الفيتهُ

تَأزّرَ بالمَجدِ ثمّ ارْتَدَى

يا ابن الشّريد، على تَنائي بَيْنِنا

يا ابن الشّريد، على تَنائي بَيْنِنا،

حُيّيتَ، غَيرَ مُقَبَّحٍ، مِكبابِ

فكهٌ عَلَى خيرِ الغذاءِ إذَا غدتْ

شهباءُ تقطعُ باليَ الاطنابِ

أرِجُ العِطافِ، مُهفهفٌ، نِعمَ الفتى

Mمتسهلٌ في الأهْلِ والأجْنابِ

حامي الحَقيقِ تَخالُهُ عندَ الوَغَى

أسداً بيشة كاشِرَ الأنيابِ

أسداً تناذرهُ الرّفاقُ ضبُارماً

شَثْنَ البَراثِنِ لاحِقَ الأقرابِ

فَلَئِنْ هَلَكْتَ لقد غَنيتَ سَمِيذَعاً

مَحْضَ الضّريبَةِ طَيّبَ الأثوابِ

ضَخْمَ الدّسيعةِ بالنّدى مُتَدَفّقاً

مَأوَى اليَتيمِ وغايَةَ المُنْتابِ

أعيني فيضي ولا تَبْخُلي

أعيني فِيضي ولا تَبْخُلي

فإنّكِ للدّمْعِ لم تَبْذُلي

وجودي بدمعكِ واستعبري

كسَحّ الخليجِ على الجَدْوَلِ

على خَيرِ من يَندبُ المُعْولو

نَ والسَّيّدِ الأيّدِ الافضلِ

طويلِ النّجادِ رفيعِ العما

ليسَ بوَغْدٍ ولا زُمَّلِ

يحيدُ الكفاحَ غداةَ الصُّيا

حامي الحَقيقَةِ لم يَنْكَلِ

كأنَّ العداةَ إذا ما بدا

يخافونَ ورداً أبا أشبلِ

مُدِلاًّ منَ الأُسْدِ ذا لِبْدَةٍ

حمى الجزعَ منهُ فلمْ ينزلِ

يَعِفّ ويَحْمي إذا ما اعْتَزَى

إلى الشّرَفِ الباذِخِ الأطْوَلِ

يحامي عنِ الحيِّ يومَ الحفا

والجارِ والضَّيفِ والنزَّلِ

ومستنَّةٍ كاستنانِ الخليجِ م

فوَّارةِ الغمرِ كالمرجلِ

رَموحٍ من الغيظِ رمح الشَّموس

تلافيتَ في السَّلفِ الأوَّلِ

لتبكِ عليكَ عيالُ الشّتاءِ

إذا الشُّول لاذتْ منَ الشَّمألِ

تَعَرّقَني الدّهْرُ نَهْساً وَحَزَّا

تَعَرّقَني الدّهْرُ نَهْساً وَحَزَّا

وأوْجَعَني الدهرُ قَرْعاً وغَمْزَا

وافنى رجالي فبادروا معاً

فَغُودِرَ قلبي بهم مُسْتَفَزّا

كأن لم يَكونُوا حِمًى يُتّقَى

إذِ النَّاسُ إذ ذاكَ منْ عزَّبزَّا

وكانُوا سَراةَ بني مالِكٍ

وزَيْنَ العَشيرَةِ بَذْلاً وعِزّا

وهمْ في القديمِ أُساةُ العديمِ

والكائِنونَ منَ الخَوْفِ حِرْزَا

وهمْ منعوا جارهمْ والنّسا

يحفِزُ أحشاءَها الخوْفُ حَفْزَا

غداةَ لقوهمْ بملمومةِ

رداحٍ تغادرُ في الأرضِ وكرَّا

ببيضِ الصّفاحِ وسمرِ الرّماحِ

فبالبِيضِ ضَرْباً وبالسُّمرِ وَخْزَا

وخَيْلٍ تَكَدَّسُ بالدّارِعينَ

وتحتَ العَجاجَةِ يجمِزْنَ جَمزَا

ومن ظنّ مَن يُلاقي الحروبَ

بأن لا يُصابَ فقد ظنَّ عجزا

نَعِفّ ونعْرِفُ حَقِّ القِرَى

ونَتّخِذُ الحَمْدَ ذُخراً وكَنْزَا

ونَلْبَسُ في الحَرْبِ نَسْجَ الحديد

ونَسحبُ في السّلمِ خَزّاً وقَزّا

ذكرْتُ أخي بعدَ نوْمِ الخَليّ

ذكرتُ أخي بعدَ نومِ الخَليّ

فانحَدَرَ الدّمعُ منّي انحِدارَا

وخيلٍ لَبِستَ لأبطالِها

شليلاً ودمَّرتُ قوماً دمارا

تصيَدُ بالرُّمحِ ريعانها

وتهتصرُ الكبشَ منها اهتصارَا

فألحَمْتَها القَوْمَ تحتَ الوَغَى

وأرسَلْتَ مُهْرَكَ فيها فَغارَا

يقينَ وتحسبهُ قافلاً

إذا طابَقَتْ وغشينَ الحِرارَا

فذلكَ في الجدِّ مكروهُ

وفي السّلم تَلهُو وترْخي الإزارَا

وهاجِرَةٍ حَرّها صاخِدٌ

جَعَلْتَ رِداءَكَ فيها خِمارَا

لتُدْرِكَ شأواً على قُرْبِهِ

وتكسبَ حمداً وتحمي الذّمارَا

وتروي السّنانَ وتردي الكميَّ

كَمِرْجَلِ طَبّاخَةٍ حينَ فارَا

وتغشي الخيولَ حياضَ النَّجيعِ

وتُعطي الجزيلَ وتُردي العِشارَا

كانَّ القتودَ اذا شدَّها

على ذي وسومٍ تباري صوارا

تمكّنُ في دفءِ ارطائهِ

أهاجَ العَشِيُّ عَلَيْهِ فَثارَا؟

فدارَ فلمَّا رأي سربها

أحسَّ قنيصاً قريباً فطارا

يشقّقُ سربالهُ هاجراً

منَ الشّدّ لمّا أجَدّ الفِرارَا

فباتَ يقنّصُ أبطالهَا

وينعصرُ الماءُ منهُ انعصارَا

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *