الصور الفنية في قصيدة واحر قلباه
تتسم قصيدة “واحر قلباه” بتنوع الصور الفنية، لذا سنستعرض بعض هذه الصور المستمدة من الأبيات المعروفة في القصيدة:
واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
تُعتبر “حر قلباه” استعارة مكنية حيث تُشبه مشاعر الحزن في قلب الشاعر بنار تحرقه.
- المشبه: الحزن
- المشبه به: النار، وقد تم حذف المشبه وترك ما يدل عليه وهو “حر”، مما يبرز المعنى من خلال الصورة التعبيرية.
مالي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ
- عبارة “أكتم حباً”: تشير إلى شدة الحب.
- “حباً قد برى جسدي”: هنا استعارة مكنية تشبّه الحب بالمرض، حيث المشبه هو الحب والمشبه به هو المرض، وتم حذف المشبه به وترك ما يدل عليه وهو “برى جسدي”.
- يتضمن البيت مقابلة بين تعبير الشاعر عن حبه وادعاءات المنافقين.
يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي
فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
- “يا أعدل الناس”: تُعبر عن أسلوب النداء بهدف العتاب.
- يوجد طباق بين “الخصم والحكم”.
أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً
أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ
- في هذا البيت تشبيه ضمني يشبه الشخص الذي يخطئ في حكمه كمن يظن أن ورم الإنسان سمنة.
- كما يحتوي على طباق بين “شحم ورم”.
وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ
إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
- تعبير “أخي الدنيا”: يُشير كنايةً إلى الإنسان.
- يوجد طباق بين “الأنوار، الظلم”.
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي
وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ
- عبارة “نظر الأعمى إلى أدبي”: تُعتبر كناية عن براعة الشاعر الأدبية.
- يوجد طباق بين “نظر الأعمى” و “أسمعت صمم”.
البيت يعبر عن الفخر والاعتزاز بالنفس.
الخَيلُ وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني
وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ
- استعارة مكنية تُشبه الخيل والليل بإنسان يعرف؛ حيث تم حذف المشبه به وترك ما يدل عليه من خلال المعرفة.
- جناس ناقص بين “الخيل والليل”.
- مراعاة نظير بين “القرطاس والقلم”، وهي ذكر الشيء وما يلزمه.
يا من يعز علينا أن نفارقهم
وجداننا كل شيء بعدكم عدم:::
- يوجد طباق بين “وجداننا وعدم”.
إذا ترحلت عن قوم وقد قدروا
ألا تفارقهم فالراحلون هم
- يوجد طباق بين “ترحلت، تفارقهم”.
هذا البيت يشير إلى عزم الشاعر على الرحيل.
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ
وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
- يوجد طباق بين “يكسب، يصم”.
- هذا البيت يحمل حكمة.
هَذا عِتابُكَ إِلّا أَنَّهُ مِقَةٌ
قَد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلّا أَنَّهُ كَلِمُ
- يتضمن البيت استعارة تصريحية حيث يُشبّه كلماته بالدر، وقد صرح بالمشبه به (الدر) ولكن حذف المشبه (الكلمات).
- هذا البيت يؤكد أن القصيدة تعتمد كليًا على فكرة العتاب.
من هو المتنبي؟
هو أحمد بن الحسين الجعفي الكندي، ولد بالكوفة عام 303 هجري وتوفي عام 354 هجري. اشتهر بشعره وحكمته، وبدأ كتابة الشعر منذ صغره. تنقل المتنبي بين البلدان للتعلم عن الشعر والأدب وأيام العرب. حصل على لقبه “المتنبي” بعد أن تنبأ في بادية السماوة، قبل أن يُسجن على يد أمير حمص “لؤلؤ” الذي أسرّه. بعد ذلك، عاد إلى صوابه.
تردد بين الأمراء ليشيد بمناقبهم وعلى أمل الحصول على عطاءات. مدح سيف الدولة الحمداني وحظي بمكانة رفيعة، لكنه انتقل بعد ذلك إلى كافور الإخشيدي الذي مدحه أيضًا ولكته عندما طلب منه تعيينه رفض فغضب ووجه له هجاءً. وعاش المتنبي متنقلاً بين العراق والشام وفارس، حتى قُتل على يد فاتك الأسدي الذي كان خال ضبة، حيث هجاء الاخير المتنبي تسبب في مقتله مع ابنه.
أبيات قصيدة واحر قلباه
نستعرض فيما يلي بعض أبيات القصيدة الشهيرة:
واحَرَّ قَلباهُ مِمَّن قَلبُهُ شَبِمُ
وَمَن بِجِسمي وَحالي عِندَهُ سَقَمُ
مالي أُكَتِّمُ حُبّاً قَد بَرى جَسَدي
وَتَدَّعي حُبَّ سَيفِ الدَولَةِ الأُمَمُ
إِن كانَ يَجمَعُنا حُبٌّ لِغُرَّتِهِ
فَلَيتَ أَنّا بِقَدرِ الحُبِّ نَقتَسِمُ
قَد زُرتُهُ وَسُيوفُ الهِندِ مُغمَدَةٌ
وَقَد نَظَرتُ إِلَيهِ وَالسُيوفُ دَمُ
فَكانَ أَحسَنَ خَلقِ اللَهِ كُلِّهِمِ
وَكانَ أَحسَنَ مافي الأَحسَنِ الشِيَمُ
فَوتُ العَدُوِّ الَّذي يَمَّمتَهُ ظَفَرٌ
في طَيِّهِ أَسَفٌ في طَيِّهِ نِعَمُ
قَد نابَ عَنكَ شَديدُ الخَوفِ وَاِصطَنَعَت
لَكَ المَهابَةُ مالا تَصنَعُ البُهَمُ
أَلزَمتَ نَفسَكَ شَيئاً لَيسَ يَلزَمُها
أَن لا يُوارِيَهُم أَرضٌ وَلا عَلَمُ
أَكُلَّما رُمتَ جَيشاً فَاِنثَنى هَرَباً
تَصَرَّفَت بِكَ في آثارِهِ الهِمَمُ
عَلَيكَ هَزمُهُمُ في كُلِّ مُعتَرَكٍ
وَما عَلَيكَ بِهِم عارٌ إِذا اِنهَزَموا
أَما تَرى ظَفَراً حُلواً سِوى ظَفَرٍ
تَصافَحَت فيهِ بيضُ الهِندِ وَاللِمَمُ
يا أَعدَلَ الناسِ إِلّا في مُعامَلَتي
فيكَ الخِصامُ وَأَنتَ الخَصمُ وَالحَكَمُ
أُعيذُها نَظَراتٍ مِنكَ صادِقَةً
أَن تَحسَبَ الشَحمَ فيمَن شَحمُهُ وَرَمُ
وَما اِنتِفاعُ أَخي الدُنيا بِناظِرِهِ
إِذا اِستَوَت عِندَهُ الأَنوارُ وَالظُلَمُ
سيعلُم الجمعُ ممن ضمَّ مجلسُنا
بأنني خيرُ من تسعى به قَدَمُ
أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي
وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِّهِ صَمَمُ
أَنامُ مِلءَ جُفوني عَن شَوارِدِها
وَيَسهَرُ الخَلقُ جَرّاها وَيَختَصِمُ
وَجاهِلٍ مَدَّهُ في جَهلِهِ ضَحِكي
حَتّى أَتَتهُ يَدٌ فَرّاسَةٌ وَفَمُ
إِذا رأيتَ نُيوبَ اللَيثِ بارِزَةً
فَلا تَظُنَّنَّ أَنَّ اللَيثَ يبتَسِمُ
وَمُهجَةٍ مُهجَتي مِن هَمِّ صاحِبِها
أَدرَكتُها بِجَوادٍ ظَهرُهُ حَرَمُ
رِجلاهُ في الرَكضِ رِجلٌ وَاليَدانِ يَدٌ
وَفِعلُهُ ما تُريدُ الكَفُّ وَالقَدَمُ
وَمُرهَفٍ سِرتُ بَينَ الجَحفَلَينِ بِهِ
حَتّى ضَرَبتُ وَمَوجُ المَوتِ يَلتَطِمُ
الخَيلُ وَاللَيلُ وَالبَيداءُ تَعرِفُني
وَالسَيفُ وَالرُمحُ وَالقِرطاسُ وَالقَلَمُ
صَحِبتُ في الفَلَواتِ الوَحشَ مُنفَرِداً
حَتّى تَعَجَّبَ مِنّي القورُ وَالأَكَمُ
يا مَن يَعِزُّ عَلَينا أَن نُفارِقَهُم
وِجدانُنا كُلَّ شَيءٍ بَعدَكُم عَدَمُ
ما كانَ أَخلَقَنا مِنكُم بِتَكرُمَةٍ
لَو أَنَّ أَمرَكُمُ مِن أَمرِنا أَمَمُ
إِن كانَ سَرَّكُمُ ما قالَ حاسِدُنا
فَما لِجُرحٍ إِذا أَرضاكُمُ أَلَمُ
وَبَينَنا لَو رَعَيتُم ذاكَ مَعرِفَةٌ
إِنَّ المَعارِفَ في أَهلِ النُهى ذِمَمُ
كَم تَطلُبونَ لَنا عَيباً فَيُعجِزُكُم
وَيَكرَهُ اللَهُ ما تَأتونَ وَالكَرَمُ
ما أَبعَدَ العَيبَ وَالنُقصانَ عَن شَرَفي
أَنا الثُرَيّا وَذانِ الشَيبُ وَالهَرَمُ
لَيتَ الغَمامَ الَّذي عِندي صَواعِقُهُ
يُزيلُهُنَّ إِلى مَن عِندَهُ الدِيَمُ
أَرى النَوى تَقتَضيني كُلَّ مَرحَلَةٍ
لا تَستَقِلُّ بِها الوَخّادَةُ الرُسُمُ
لَئِن تَرَكنَ ضُمَيراً عَن مَيامِنِنا
لَيَحدُثَنَّ لِمَن وَدَّعتُهُم نَدَمُ
إِذا تَرَحَّلتَ عَن قَومٍ وَقَد قَدَروا
أَن لا تُفارِقَهُم فَالراحِلونَ هُمُ
شَرُّ البِلادِ مَكانٌ لا صَديقَ بِهِ
وَشَرُّ ما يَكسِبُ الإِنسانُ ما يَصِمُ
وَشَرُّ ما قَنَصَتهُ راحَتي قَنَصٌ
شُهبُ البُزاةِ سَواءٌ فيهِ وَالرَخَمُ
بِأَيِّ لَفظٍ تَقولُ الشِعرَ زِعنِفَةٌ
تَجوزُ عِندَكَ لا عُربٌ وَلا عَجَمُ
هَذا عِتابُكَ إِلّا أَنَّهُ مِقَةٌ
قَد ضُمِّنَ الدُرَّ إِلّا أَنَّهُ كَلِمُ