ما هي المقامة؟
المقامة هي نوع من القصص الأدبية التي تدور أحداثها في جلسة واحدة، وغالباً ما تكون هذه القصص مختصرة، تتضمن عناصر الاستعطاء، وتمتاز بتفاوت حجمها. تجمع المقامة بين الشعر والنثر، ويكون بطل القصة شخصية وهمية. سوف نستعرض في هذا المقال المزيد من الخصائص المميزة للمقامة.
عادةً ما تُكتب المقامة في شكل قصص قصيرة تتسم بالبلاغة والفن في الألفاظ والأساليب، حيث يتواجد راوي واحد وقصة ذات بطل ثابت يتميز بفصاحته وقدرته على جذب انتباه الآخرين من خلال براعته وموهبة الحديث. تعتبر المقامة نموذجاً للأدب البلاغي.
الخصائص الفنية للمقامة البغدادية
تتمتع المقامة البغدادية بعدد من الخصائص التي تميزها، ومن أبرزها:
السرد القصصي
تُعرف المقامة البغدادية بسردها الخيالي الذي يعتمد على إبداع الكاتب في صياغة الأحداث والشخصيات، والتي تتطور حتى تصل إلى نقطة ذروة قبل الانفراج. تدور أحداث هذه المقامة في منطقة الكرخ ببغداد.
يتناول البطل في القصة، عيسى بن هشام، محاولة خداع شخص يُعرف بالسواد، وذلك بوسائل الحيلة التي تعد أساس المقامة وترمز إلى القيم السلبية في المجتمع العباسي، خصوصاً في ظل انتشار الفساد وتدهور الحياة. ومع تصاعد الأحداث تصل القصة إلى ذروة التوتر عندما يخرج البطل المحتال من محل شواء، مما يكشف له أنه وقع في فخ المحتال.
الحوار
برز الحوار بين عيسى بن هشام والسوادي، حيث يظهر من خلاله سذاجة الأخير وعفويته. كما يُظهر الحوار بين البطل وصاحب الشواء تميز الطعام وتضليل السوادي للتشويش على تفكيره. وعلى الرغم من قصر الحوار بين صاحب الشواء والسوادي، إلا أنه يحمل طابع العنف والقسوة.
الوصف
يظهر الوصف بوضوح في تفاصيل الطعام والحلوى والماء، كما في قوله: “ثم أتينا شواء يتقاطر شواؤه عرقًا، وتَتَسايل جوذاباته مرقًا”.
فن الخداع
تميزت المقامة البغدادية بفن الخداع الذي ابتكره البطل لتحقيق مطامعه في الأكل والشرب على حساب السوادي.
النقد الساخر
تعتمد المقامة البغدادية على أسلوب السخرية في النقد، مستخدمة الفكاهة والضحك كوسيلة للتعلم.
الألفاظ الغريبة والصعبة
كما يظهر ذلك في قول البطل: “زن لأبي زيد من اللوزينج رطلين فهو أجرى في الحلوق”، وأيضًا في قول: “تتسايل جوذاباته مرقًا”.
استخدام البديع
من أبرز الأمثلة على استخدام أساليب البديع:
- السجع
اشْتَهَيْتُ الأَزَاذَ، وأَنَا بِبَغْدَاذ.
يسوق بالجهد حمارك، ويطرف بالعقد إزاره.
- الجناس الناقص
لَيِسَ مَعْي عَقْدٌ عَلى نَقْدٍ.
مددت يد البدار، إلى الصدار.
- حسن التعليل
هَلُمَّ إِلى البَيْتِ نُصِبْ غَدَاءً، أَوْ إِلَى السُّوقِ نَشْتَرِ شِواءً، وَالسُّوقُ أَقْرَبُ، وَطَعَامُهُ أَطْيَبُ.
- الموازنة
رَقِيقَ القِشْرِ، كَثِيفِ الحَشْو.
- الطباق
أشابٌّ كعهدي؟ أم شاب بعدي؟
تنوع الصور الفنية
أمثلة على ذلك:
- فَقُلْتُ: ظَفِرْنَا وَاللهِ بِصَيْدٍ.
- فَانحنى الشَّوّاءُ بِسَاطُورِهِ، عَلَى زُبْدَةِ تَنُّورِهِ، فَجَعَلها كَالكُحْلِ سَحْقًا، وَكَالطِّحْنِ دَقّا.
- وليكن لُؤْلُؤِيَّ الدُّهْنِ، كَوْكَبيَّ اللَّوْنِ.
- يَذُوبُ كَالصَّمْغِ، قَبْلَ المَضْغِ، لِيَأْكُلَهُ أَبَو َزيْدٍ هَنِيًّا.
- مَا أَحْوَجَنَا إِلَى مَاءٍ يُشَعْشِعُ بِالثَّلْجِ، لِيَقْمَعَ هَذِهِ الصَّارَّةَ.