الضوابط الشرعية لفترة التحضير للزواج

الضوابط الشرعية لفترة الخطوبة

تعتبر فترة الخطوبة مرحلة تمهيدية وليست عقدًا شرعيًا، مما يعني عدم ترتب آثار قانونية عليها كما سنوضح لاحقًا، حتى وإن اقترنت ببعض الطقوس مثل قراءة الفاتحة، أو تبادل الهدايا، أو دفع بعض المهر. لذا، تظل فترة الخطوبة محاطة بآداب وأحكام يجب الالتزام بها. وفيما يلي عرض لهذه الضوابط بالتفصيل:

الكلام مع المخطوبة

الأصل في التواصل بين المخطوبين هو السماح، لكن لا بد من وجود حدود يجب أن يبقى كلا الطرفين ضمنها. وهنا توضيح لآداب الحديث بينهما:

  • أن يكون الحديث في إطار تحقيق مصلحة الزواج وبقدر الحاجة دون تجاوزها.
  • تجنب الخلوة بين الطرفين.
  • يجب على المرأة الالتزام بالضوابط الشرعية من الحشمة والحياء للحفاظ على مكانتها.
  • لا يجوز المصافحة بينهما.
  • تجنب الخضوع في الحديث.
  • يجب أن يحرص كلٌ منهما على عدم الوقوع في الفتنة.

النظر إلى المخطوبة

بموجب الضوابط الشرعية، يُسمح لكل من الرجل والمرأة بالنظر إلى بعضهما خلال الخطوبة، ولكن ذلك يتطلب مراعاة بعض الشروط الموضحة فيما يلي:

  • النظر يجب أن يكون بعد وجود رغبة حقيقية في الزواج، وفقًا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم: “إذا ألقى الله في قلب امرئ خطبة امرأة فلا بأس أن ينظر إليها”.
  • يجوز النظر إلى وجه المخطوبة وكفيها فقط، استدلالاً بما رواه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه.
  • يمكن تكرار النظر إذا دعت الحاجة لذلك، حيث لم يحدد الرسول صلى الله عليه وسلم عدد الزيارات.
  • يسمح للخاطب بالنظر إلى المرأة المنوي خطبتها دون علمها.

تتمثل الحكمة من هذه الضوابط في تعزيز المودة والطمأنينة بين الطرفين، وضمان معرفة كل منهما بالآخر، إضافةً إلى أن هذا يندرج ضمن سُنّة النبي صلى الله عليه وسلم.

كذلك، الزواج ليس مجرد تبادل كلمات أو نظرات، بل يتطلب قبول كل طرف لمظهر الآخر لضمان المودة والرحمة المعنيتين في قوله تعالى: “ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة”.

من المهم أن نذكر أن الفقهاء اتفقوا على مشروعية النظر، وينبغي للمخطوبة أن تتحلى بالاحتشام أثناء فترة الخطوبة، حيث إنها تعتبر أجنبية عن الخاطب.

عدم خطبة المرأة من آخرين

لا يجوز خطبة امرأة مخطوبة لأحد آخر؛ تجنبًا للعداوة أو المشاكل التي قد تنشأ بسبب ذلك. كما ورد تحذير من النبي صلى الله عليه وسلم بشأن ذلك، ما وُرد عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا يخطب الرجل على خطبة أخيه حتى يترك الخاطب قبله أو يأذن له الخاطب”.

إذا رفضت المرأة الخاطب الأول، يمكن للخاطب الآخر التقدم لخطبتها، ولكن يُفضل الانتظار بعض الوقت احترامًا لمشاعر الخاطب الأول. وقد اختلف الفقهاء في مدة الانتظار، فتعددت الآراء حول مشروعية التقدم لخطبتها.

حكم الخطبة

تنوعت آراء الفقهاء حول حكم الخطبة إلى رأيين:

  • الرأي الأول: يرى جمهور الفقهاء جواز الخطبة دون كونها شرطًا لصحة النكاح.
  • الرأي الثاني: يرى الشافعية أن الخطبة مستحبة، استنادًا إلى فعل النبي صلى الله عليه وسلم.

يتعلق حكم الخطبة بحال المخطوبة والخاطب، فهي:

  • تجب لمن يخشى على نفسه الوقوع في الإثم.
  • تحرم في حال وجود أي مانع للزواج.
  • تستحب للقادر عليها واثقًا من نفسه.
  • تُكره لمن لا رغبة له فيها.
  • تُباح لخِطبة المرأة غير المتزوجة أو المعتدة.

مدة الخطبة

لا يوجد نص يحدد مدة الخطبة؛ فهي متروكة للخاطبين. ومع ذلك، يُفضل عدم تطويلها دون مبرر، إذ يشير الرسول صلى الله عليه وسلم إلى أهمية الإسراع بالزواج.

آداب الخطبة

تتضمن الخطبة آدابًا تساعد على اتخاذ القرار الصحيح نحو الزواج، ومنها:

  • الاستخارة والاستشارة: شرع الله الاستخارة في كافة الأمور، بما في ذلك الخطبة، ويمكن استشارة أهل الخبرة.
  • تبليغ الأمور بشكل واضح: من المهم أن يوضح كلا الطرفين أي عيوب قد تؤثر على العلاقة.
  • الاهتمام بالدين والأخلاق: على كلٍ أن يسعى للارتباط بالشخص المعروف بأخلاقه ودينه.
  • مراعاة مصلحة المرأة: يجب على ولي المرأة الاهتمام بمصلحتها.

الرجوع عن الخطبة

يهدف الخطبة لتحقيق توافق بين الرجل والمرأة، ولكن قد يتراجع أحد الطرفين لأسباب مختلفة. في الفقه الإسلامي يُعرف هذا بـ”العدول عن الخطبة”. وقد انقسم الفقهاء في هذا الشأن إلى رأيين:

  • الرأي الأول: المالكية يرون كراهة التراجع عن الخطبة.
  • الرأي الثاني: الشافعية والحنفية والحنابلة يرون جواز العدول.

أما بخصوص الهدايا التي قدمها الخاطب، فقد اختلف الفقهاء في أحكامها إلى أربعة آراء مختلفة.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *