الإعجاز العلمي في سورة الحديد
قال الله -سبحانه وتعالى-: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّـهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ). تحمل هذه الآية إعجازاً علمياً فريداً، إذ تشير إلى معلومة علمية لم تُكتشف إلا في النصف الثاني من القرن الماضي.
يكمن الإعجاز العلمي في الآية في مفردة إنزال الحديد، حيث تعني كلمة “إنزال” أن الحديد لم يكن متوافراً على الأرض ثم ظهر بعد ذلك. وقد واجه المفسرون السابقون صعوبة في تفسير هذه الآية، حيث فسروا “أنزلنا” بمعنى “خلقنا” أو “سخرنا” وغيرها، وهو ما يبعد المعنى الدقيق إلى المجاز. لكن المعطيات العلمية الحديثة تتوافق مع المعنى الحرفي للكلمة، إذ أثبتت أن الحديد قد نزل فعلياً إلى الأرض ولم يكن جزءاً من مكوناتها الأساسية.
وقد توصل العلماء إلى أن الحديد لم يتكون على الأرض ولا في المجموعة الشمسية بأكملها، إذ يتطلب تكوينه وجود تفاعلات نووية تتطلب درجة حرارة تفوق أربع مرات حرارة الشمس. هذه الحرارة تحدث في نجوم أكبر وأشد حرارة، ومن ثم تشكل الحديد في تلك النجوم واعتمدنا عليه بعد انفجارها.
إشارات علمية في سورة الحديد
ولا يزال تساقط الحديد مستمراً، إذ تسقط سنوياً آلاف النيازك على الأرض، وغالباً ما تحتوي على عنصر الحديد. ومن بين هذه النيازك نيزك سقط في منطقة أمريكية وبلغ وزنه حوالي اثنين وستين طناً، ويتكون من سبائك الحديد والنيكل. كما يوجد نيزك آخر سقط في أريزونا، حيث تسبب في حفرة عمقها مئتي متر واتساعها ألف متر، وتم استخراج عشرات الأطنان من الحديد والنيكل منها.
وأما قوله -سبحانه وتعالى-: (فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ)، فقد أظهرت الأبحاث الكيميائية أن الحديد يُعتبر من أكثر المعادن استقراراً وقوة ومرونة وكثافة، مما يؤكد على دلالة “البأس الشديد” التي يتمتع بها.
ومن الملاحظ أيضاً أن سورة الحديد تأتي في الترتيب السابع والخمسين في المصحف، وهذه الرقم يتطابق مع الوزن الذري لذرة الحديد. كما أن رقم الآية التي تتناول الحديد في السورة هو السادس والعشرون (مع احتساب البسملة)، والذي يتوافق مع العدد الذري لذرة الحديد، مما يجعل هذه الأرقام بعيدة عن مصادفة.
معلومات عن سورة الحديد
تُعرف سورة الحديد بأنها سورة مدنية، رغم قول بعض العلماء بأنها مكية، وقد تحتوي بعض آياتها على طبيعتين مختلفتين. تأتي السورة في المرتبة السابعة والخمسين في ترتيب المصحف الشريف، وعدد آياتها يتراوح بين تسع وعشرين آية وفقاً للكوفيين، وثمان وعشرين وفقاً لغيرهم.
سُمّيت السورة بسورة الحديد لورود هذا الاسم فيها، وتتناول مواضيعها تنزيه الله -سبحانه وتعالى-، وحث المؤمنين على الإنفاق والخشوع والإيمان، فضلاً عن التمييز بين مصير المؤمنين والمنافقين.