فهم الثقافة في علم الاجتماع

الثقافة

تعتبر الثقافة مصطلحًا متداولًا بكثرة في المجالات الأدبية والفنية والأكاديمية، ويشير إلى أشكال التعبير الفني أو الفكري الرفيع التي ينتجها العقل البشري. ومع انتشار هذا المفهوم في جميع أنحاء العالم، فقد ارتبطت الثقافة عادة بالإنتاج الفني والأدبي فقط، على الرغم من اتساع نطاق المصطلح وتعدد تعريفاته في فروع العلوم الإنسانية المختلفة.

الثقافة في علم الاجتماع

قام علماء الاجتماع والأنثروبولوجيا بجهود كبيرة لوضع تعريف دقيق للثقافة. ومن بين التعريفات الأكثر شهرة وشمولاً، يُعتبر أن الثقافة تمثل الكيان الشامل الذي يحتوي على المعارف الإنسانية، بما في ذلك المعتقدات، والأخلاق، والقوانين، وكل ما يكتسبه الإنسان من المجتمع الذي ينتمي إليه. وبالتالي، فيمكن أن تشمل الثقافة لدى شعب معين جميع العناصر التي تتعلق بأسلوب حياتهم الاجتماعي والفكري والمادي، وليس فقط الإنتاج الفني والأدبي المرتبط بفئة معينة من المجتمع.

أنماط الثقافة في علم الاجتماع

لفهم مفهوم الثقافة من منظور علم الاجتماع، يجب التمييز بين أربعة أشكال أو أنماط ثقافية يمكن ملاحظتها في المجتمع الواحد. أولاً، الثقافة المادية، التي تشمل كل ما ينتجه الإنسان وله استخدام مباشر، مثل الملابس، وأدوات الطعام، والتكنولوجيا، واستخدام الموارد الطبيعية. ثانياً، الثقافة المعنوية، التي تتضمن العادات والتقاليد والأفكار الشعبية والأساطير والديانات. ثالثًا، الثقافة العامة، التي تميز المجتمع ككل أو مجموعة من المجتمعات الجارة التي تربطها روابط قومية أو عرقية. وأخيرًا، الثقافة الفرعية، التي تميز كل مجموعة عن الأخرى داخل المجتمع، مثل ثقافة الريف وثقافة الحضر وثقافة الطبقات الشعبية. يساعد هذا التمييز الواضح بين الأنماط الأربعة على فهم طبيعة الثقافة في كل مجتمع بسهولة.

خصائص الثقافة في علم الاجتماع

تتمتع الثقافة بعدد من الخصائص المهمة في نظر علماء الاجتماع، مثل استقلاليتها عن الأفراد الذين يمثلونها. فاختفاء ثقافة معينة من ثقافات العالم يعد أمرًا غير ممكن حتى في حال انقضاء الأفراد حملة تلك الثقافة، لأن البقايا الثقافية المادية تتجمع على مر السنين نتيجة النشاط الإنساني. وهذا يعني أن الثقافة تتمتع أيضًا بالاستمرارية. علاوة على ذلك، فإن الثقافة تمثل التركيب الكلي للعناصر التي تشكلها، ولا يمكن اعتبار عامل واحد أو أكثر من العناصر التي تؤلف الثقافة ككيان مستقل. كما أن الثقافة انتقائية، وهو مفهوم يتماشى مع التطور الاجتماعي، إذ يصبح الجيل الذي يتلقى تعليماً معيناً أكثر قدرة على نبذ الأنشطة والعناصر الثقافية الموروثة التي تحمل سمات التخلف الحضاري. يُعتبر رفض جميع المجتمعات الحديثة لثقافة العبودية والرق مثالاً صارخًا على ذلك.

Related Posts

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *